يطالب أئمة المساجد عبر خطب الجمعة، بعدم تكريس ثقافة السخرية من الأضحية، فقد تجردت قدسية واحدة من شعائر الدين الحنيف بسبب هون التربية الاجتماعية من جهة وعدم تدخل مصالح الأمن في حالات المبارزة بالكباش عند تنظيمها من جهة أخرى، لتتطور الأمور على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وتأخذ الأضحية محل الاستهزاء والسخرية. لم تعد للأضحية قيمتها في المجتمع الجزائري كما في السابق، رغم أن الشريعة الإسلامية أولتها مكانة خاصة. إلا أن ما نراه قبيل عيد الأضحى بأيام يخالف الأخلاقيات الإنسانية قبل مخالفته النصوص الدينية، إذ أن اختيارها له شروط وطريقة النحر لها قواعد، باعتبارها إحياء لسنة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام. وفي الوقت الذي أسست فيه الدول الغربية جمعيات لحماية الحيوانات والرفق بها، تقدم مجتمعاتنا العربية أسوء النماذج في التعامل مع الإنسان والحيوان على السواء، باستثناء الأردن التي تأسس بها فرع لجمعية حماية الحيوانات والرفق بها، وكان ذلك سنة 1998، ليكون للجمعية عشر عيادات بيطرية، اثنتين منها بالجزائر، أما الجمعية الأم لهذا الفرع فقد تأسس ب”لندن” سنة 1923، لتوفر هذه الجمعية الإسعاف الطبي الأولي للحيوانات، خاصة العاملة منها، كالخيول والحمير والبغال. وقد سعت الدول الغربية للاهتمام بحيواناتها ومازالت حين وجدت ما للطاقة الحيوانية من أهمية اقتصادية لمستقبلهم. ليكون ما حدث مؤخرا بسبب الحمى القلاعية، مثالا واضحا على أن الجزائر ليست في مصاف الدول التي تأخذ بعين الاعتبار سلامة حيواناتها بالشكل المطلوب، فقد استنكر الناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، عبر ندوة صحفية عقدها بمقر اتحاد العاصمة، تأخر وزارة الفلاحة في اتخاذ إجراءات وقائية ضد وباء الحمى القلاعية، كون السلطات المعنية لم تحرك ساكنا إلا بعد أن مس المرض 20 ولاية، ما جعل الجزائر تخسر 10 ملايير سنتيم بسبب عدم تدارك الوضع في الوقت المناسب. صور وعبارات تسخر من الأضحية عبر الفايسبوك اتخذ كثير من الشبان هذا الموقع التواصلي لأغراض بعيدة عن الجانب العلمي والثقافي، لنشهد تعليقات ساخرة حول كل قضية سياسية، اقتصادية، اجتماعية. وحتى الأضحية لم تسلم من التعليقات، التي يتم تداولها من باب الترويح عن النفس، مثلما قاله لنا أحد الشباب، ليكون هناك كم هائل من الصور التي تعبر عن مشهد محاولة هروب الكبش قبل نحره ببضع دقائق مثلا، أو ادعائه المرض حتى لا يشترى لعلمه أنه سيذبح. في حين اعتبر الأئمة أن مثل هذه التصرفات تتنافى وقيم الشريعة الإسلامية، وأنه انتهاك لحرمة الأضحية، وأن السخرية منها هو تماما مثل السخرية من الإنسان. غياب تعليمات لمصالح الأمن لإيقاف المبارزة بالكباش أكد لنا مصدر عليم من الجهاز الأمني أنه لا وجود لقانون بالجزائر يمنع ظاهرة المبارزة بالكباش، كما أن مصالح الأمن لم تتلق أي تعليمات تقر بتدخلها في حالة مشاهدتها لمثل هذه الحالة، إلا في حالة واحدة، وهي أن تكون فيها حالة وفاة وصراعات شديدة بين أصحاب الكباش.. في حين تؤسس مجتمعات جمعيات لحماية حيوانات من الانقراض وتربي أبناءها على الطرق الحضارية للتعامل معها، تكاد مجتمعاتنا تنقرض من كل ما هو حضاري وتعود بسلوكياتها إلى أرقى ما وصل إليه تخلف الفكر الإنساني، فأين دور السلطات لحماية الحيوان من الأوبئة والأمراض؟ وأين دور مصالح الأمن لمنع هذه التجاوزات؟ وأين دور الأسر لتنشئة أبنائها على احترام الاخر مهما كان؟!.