* الأمّة بين المصالح الدولية والصراعات الإقليمية والانقسامات المذهبية ألوان قاتمة تحاصر الأمّة من كلّ ناحية، فمن المشرق إلى المغرب تغرق معظم الدول العربية والإسلامية في حالة لا تصفها كلّ لغات العالم بكلّ ما أوتيت من بيان التعبير والبيان، فالاقتتال بين الإخوة والفتن المتلاحقة كقطع اللّيل الأسود أدخلت الدول العربية والإسلامية في دوّامة غامضة الملامح. فمع نهاية السنة الهجرية 1435 يطفو واقع أليم ومدمي لخير أمّة أخرجت للنّاس، والبحث في الأسباب قد يحتاج سنوات طويلة لمعرفة نواة القصّة ومن كان وراء إشعال فتيل الفتن ليصوغ مستقبلا لسنة هجرية قادمة بلا ملامح. س.ب / وكالات يواجه النّظام العربي أكبر تحدّ له منذ عقود طويلة، ويتجاوز التحدّي الراهن في خطورته التحدّي الإسرائيلي منذ أربعينيات القرن الماضي، حيث يستقرّ التحدّي الذي نقصد في ثنايا المجتمعات العربية ويستمدّ زخمه من حالة أشبه ما تكون ب (حرب أهلية إسلامية) تتواجه فيها الجمهورية الإسلامية في إيران مع النّظام العربي المشرقي من الخليج إلى المحيط. ولعلّ ما يحصل في العراق من تطوّرات دامية والحرب الدموية في سوريا والآن الأحداث الخطيرة في اليمن يؤشّر إلى أن المنطقة الواقفة فوق صفيح شديد السخونة تتّجه بخطى وثّابة إلى هذه (الحرب الأهلية الإسلامية)، لتستقرّ فيها لعقود مقبلة. المواجهة مفتوحة أيضا وإن في شكل آخر في لبنان الذي يجهد العديد من قادته لنزع ما أمكن من فتائل (الحرب الأهلية الإسلامية) الكامنة في جميع مناحي الحياة المشتركة بين اللّبنانيين، لكن بمقدار ما تبقى ذاكرة الحرب بين 1975 و1990 حيّة يمكن أن تشكّل أحد الروادع الأساسية التي تنقذ لبنان من الانزلاق في تلك (الحرب الأهلية). في العراق انهارت الدولة مع سقوط صدام حسين، وما جرى هو بناء دولة قابلة للحياة على أنقاضها، ودخل العامل الإيراني بقوة في التركيبة الوطنية عبر المكوّن الشيعي الذي عانى الأمَرَّين مدى عقود، فبدا لقليلي الحيلة من قادتهم أن سقوط صدام فرصة سانحة للثأر من ظلامة التاريخ وتوهّم بعضهم أنه يمكن إقامة دولة مركّبة مذهبيا وإتنيا يقودها ويتحكّم فيها مكوّن واحد من المكوّنات، وتتحكّم قوة خارجية (إيران) في هذا المكوّن على أسّس مذهبية عقيدية. ولم يمض عقد من الزمن حتى انفجر العراق بالجميع، وولّد ظلم أهل الظلامة السابقة تطرّفا شهده العراق في المئة عام الفائتة، وها هم الذين رفضوا الشراكات الوطنية مع المعتدلين يضطرّون إلى مواجهة نوعين من الأعداء: المتطرّفون والبيئة الغاضبة الحاضنة لهم في شكل أو آخر. ومن يتابع تطوّر الحرب على (داعش) يكتشف كم أن (الوحش) الذي خلقوه صار حقيقة لن يسهل القضاء عليه. في سوريا لا يختلف الأمر كثيرا في العمق، نظام وحشي ذهب إلى أبعد الحدود في القتل المنظّم فدفع جزءا من المجتمع إلى المواجهة والقتال وفتح الباب أمام لجوء النّاس إلى المساجد، ومنها إلى الحركات المسلّحة الإسلامية. واليوم يلمس العالم حجم الخطيئة التي ارتكبت عندما رفض المجتمع الدولي (الغرب) من الناحية العملية إسقاط نظام قتلة الأطفال وتدمير جسر العبور الإيراني هناك، والحرب مستمرّة بأفق مفتوح. ويبقى اليمن الذي يجري خطفه وإلحاقه بساحات (الحرب الأهلية الإسلامية)، وكل الدلائل تشير إلى أن الساحة اليمنية باتت جاهزة لكي تصير حمّام الدم الأكبر مستقبلا في المشرق العربي.