أحيا سكان جوهرة التاسيلي أزجر جانت بولاية إيليزي التظاهرة الثقافية عيد (سبيبا) والتي تصادف العاشر من شهر محرم من كل سنة وسط أجواء بهيجة ميزها الحضور القوي للجمهور من عديد ولايات الوطن. وشهدت ساحة العرض الخاصة باحتفالية (سبيبا) أو ما يصطلح عليها محليا باسم (لوغيا) استعراضا رائعا للفريقين المتنافسين واللذين يمثلان كل من قصري (ألميهان) (الميزان) و (زلواز) حيث دخل فريق قصر ألميهان من الجهة اليمنى للساحة والفريق الآخر من الجهة اليسرى وهما في أبهى حلتهم مرتدين أفخم الألبسة التقليدية على غرار (أفر) و (آلشو) و (تكمبوت) وغيره من الزي الترقي الأصيل الضارب في عمق التاريخ. كما تفننت النسوة في القرع على آلة (القنقة) (الدف) في هذا اليوم المعروف (بتللين) أو اليوم الأكبر في إلقاء جملة من القصائد والمدائح في الغزل والمدح أو ما يعرف عند مجتمع التوارق (بتسيواي) بقالب أدبي راق وبألحان رنانة وكلمات عذبة لها وقع خاص في الأذن خاصة عند من يتقنون لغة الإموهاغ وسط حركات فلكورية فنية في غاية الإبداع للرجال المرتدين للزي التقليدي التارقي حاملين في اليد اليمنى سيفا وفي اليد اليسرى قطعة من قماش يحركونهم في حركة فنية رائعة تجعل المتتبع يراقب حركات الأيدي والأرجل للراقصين دون شعور إلى أن تختتم (سبيبا) برقصة (أغلاي واتاي) (دوران الحول). وقد انطلقت التحضيرات لإحياء هذه المناسبة التراثية الذي يعود تاريخها لآلاف السنين إحياء لليوم الذي أنجى فيه الله تعالى النبي موسى (عليه السلام) وقومه من فرعون وجنوده منذ الفاتح من محرم وتعرف بتسمية (تيمولاوين) بكل من قصري (ألميهان) و(زلواز) حتى يسعى كل فريق لنيل إعجاب الجمهور والتتويج بشرف العرض الجيد يوم أن يبلغ التنافس ذورته في العاشر من نفس الشهر. وفي إطار الاحتفال بهذا المهرجان المحلي نظم يوم دراسي حول (التراث الثقافي اللامادي والحفاظ على الهوية الوطنية) بالمعهد المتخصص (إبراهيم أق بكدة) بإفري بمدينة جانت. وألقيت خلال هذا اللقاء عديد المداخلات من قبل باحثين وأساتذة جامعيين من بينهم الدكتورة مريم بوزيد سبابو باحثة في الأنتربولوجيا الثقافية بالمركز الوطني للبحوث في ما قبل التاريخ (الجزائر العاصمة) إلى (سبيبا) كنموذج للكنوز البشرية الحية وكذا كيفية تشكيلها والمدونة في اتفاقية اليونيسكو والتي تم فقدان العديد من قامات هذا التراث على غرار (أحمد وان تزامارت) و(ترزغ بن عومر) و (ديمة) و (الحاجة خديجة عثماني) وغيرهم. ومن جانبه تطرق الأستاذ تربش عز الدين من جامعة الجلفة إلى (الهوية في التراث الثقافي اللامادي ... سبيبا نموذجا) وأبرز المتدخل أهمية التراث الثقافي اللامادي الذي هو عبارة عن موسيقى شعبية للفرد والجماعة والأمة. ومن جهته قدم الدكتور زندري عبد النبي من جامعة تمنراست في مداخلته تعريفا بالخلفية الاجتماعية لبناء الموروث الثقافي اللامادي، متطرقا إلى جانب المصطلحات فضلا عن التعريف بمصطلحات الخلفية الاجتماعية والوقوف على بعض الطبوع الشعبية على غرار (سبيبا) و(تيندي). وذكر بدوره الدكتور منصف حسناوي من جامعة البويرة أن للتراث الثقافي الجزائري مكانة هامة في تربية المجتمع والحفاظ على الهوية الثقافية، مبرزا ضرورة جمع وتدوين وتصنيف التراث الثقافي للسبيبا ونشره والمحافظة عليه للأجيال القادمة. وعلى صعيد آخر نظمت محافظة المهرجان المحلي (سبيبا) على مدار أسبوع العديد من السهرات الفنية بساحة (تجكال) بوسط المدينة أحيتها عديد الفرق الموسيقية على غرار (فرقة أيتما) و (فرقة البارود) لمدينة عين صالح (تمنراست) وفرقة (فروب راب توارق) وفنانين محليين.