الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية: إصدار 7 طوابع بريدية بشعار "شهداء نوفمبر"    مشروع قانون المالية 2025: النواب يعبرون عن ارتياحهم للتدابير الرامية لتنويع الاقتصاد الوطني    ندوة بفرنسا حول حقوق الشعب الصحراوي وسيادته على ثرواته الطبيعية    فوفينام فيات فو داو: إعادة انتخاب محمد جواج رئيسا للاتحاد الإفريقي لعهدة أولمبية جديدة    التوقيع على اتفاقية إطار للتعاون بين الهلال الأحمر الجزائري والمجمع العمومي للصناعات المحلية    التسيير المدمج للنفايات: مرافقة خاصة للطلبة وأصحاب المشاريع المهتمين بالنشاط    وزير الصحة: إنشاء خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    في اليوم ال396 للعدوان: شهداء ومصابون إثر قصف صهيوني لغزة    نواب المجلس الشعبي الوطني يستأنفون مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025    كأس إفريقيا للأمم: أشبال "الخضر" في آخر محطة تحضيرية قبل دورة "لوناف"    بريد الجزائر يحذر زبائنه من الصفحات الإلكترونية المزيفة والرسائل النصية القصيرة الاحتيالية    منتدى الشباب الإفريقي: دعوة إلى دول الاتحاد الإفريقي لمواجهة تحديات القرن ال21    حوادث المرور: وفاة 52 شخصا وجرح 1472 آخرين خلال أسبوع    العدوان الصهيوني على لبنان: محو أكثر من 37 بلدة وتدمير أزيد من 40 ألف وحدة سكنية بشكل كامل جنوب البلاد    الجزائر ستظل حصنا مدافعا عن القضايا العادلة في العالم    1800 شهيد و4000 جريح و تدمير للمستشفيات والبنية التحتية    الجزائر متمسكة بمبادئها أبرزها عدم التدخل في شؤون الدول    بيع محل تجاري( قاعدة تجارية)    جمعية المستقبل للتنمية بباتنة تطلق فعاليات أسبوع التراث    في انتظار ثبوت هلال الحكومة..؟!    رئيس الجمهورية يتلقى المزيد من التهاني    وزير المالية: الاقتصاد الجزائري يواصل صموده    صالون الجزائر للكتاب ينطلق غداً    شبيبة القبائل تلتحق بكوكبة الصدارة    ترامب أم هاريس في ثلاثاء الحسم    الاحتلال المغربي يختطف حقوقيا صحراويا    إشادة واسعة بمواقف الجزائر لحماية الحقّ الدولي    توزيع 1110 وحدة سكنية    ملتقى عالمي للشباب المساند للقضية الصحراوية بالجزائر    مشاريع تنموية لبلديات سكيكدة    وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    تطوير الهيدروجين الأخضر أولوية للجزائر    ماندي: أتفاهم جيدا مع بيتكوفيتش وهذا دوري مع محرز في المنتخب    مدرب دورتموند يتحدث عن إصابة رامي بن سبعيني    بلايلي يتألق مع الترجي ويردُّ بقوة على منتقديه    التكنولوجيات الحديثة تغتال مهنة سعاة البريد    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    الإطاحة بثلاثيني يحترف السرقة    حضور بهية راشدي وفانون وغافراس    الرسم ملاذي حينما أتوجّع    في الراهن النضالي للقضية الفلسطينية    الشرطة تتلقى 4604 مكالمة خلال شهر    وزيرة الثقافة والفنون تعزي عائلة الفقيد : وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    عرض فني عن مساهمة الأغنية والموسيقى في حرب التحرير الوطني : "ثمن الحرية" هذا الخميس أمام جمهور أوبرا الجزائر    الاحتلال يستخدم سلاح تجويع المدنيين وتعطيشهم.. أكثر من 1800 شهيد، 4 آلاف جريح ومئات المفقودين في شمال غزة    على مستوى الولايات الجنوبية.. اجتماع تنسيقي بين القطاعات لدراسة الملف المتعلق بالتنمية الفلاحية    تلمسان.. توزيع 2325 وحدة سكنية بمختلف الصيغ    لا يستحق لقب البطل في هذا الزمان إلا يحيى السنوار    أين السعادة؟!    رياضة قوة الرمي والدفاع عن النفس: الجزائري الخراز عبد القادر يحرز على ذهبية وفضيتين بأوزباكستان    صلاح يصدم جماهير ليفربول    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    وزارة الصحة: افتتاح التسجيلات للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالتكوين شبه الطبي    تدشين المخبر المركزي الجديد    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزل غزة أم اعتزال القضية؟
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 11 - 2014


بقلم: عصام نعمان
عزل غزة عن مصر قائم منذ عهد حسني مبارك. ما يقوم به حالياً عهد عبد الفتاح السيسي هو عزل مصر عن غزة. هل هو مقدمة لاعتزال مصر قضية فلسطين... او ما تبقّى منها؟
عزل غزة جرى بأساليب عدة، التحكّم بالمعابر، التحكّم بانتقال الافراد والجماعات، التحكّم بالتبادل التجاري ومفرداته وبالغذاء والدواء، منع وصول السلاح والعتاد، وتوسيع شقة الخلاف بين حكومتي غزة ورام الله.
صحيح ان بعض ضباط الجيش المصري غضّوا النظر، بعلم مبارك أو من دون علمه، عن قيام تنظيمات المقاومة الفلسطينية في غزة بحفر انفاق تربط القطاع بسيناء، ما مكّنها من نقل اسلحة وصواريخ ورجال وعتاد وسلع ومواد عبرها بانتظام، لكن المفارقة اللافتة انه مع انهيار نظام مبارك عقب ثورة 25 يناير 2011 اشتدت رقابة القوات المسلحة المصرية على المعابر وانتقال الافراد والمواد والاموال عبرها، بل كادت الحركة عبر الانفاق تتوقف بعد حرب اسرائيل الاخيرة على القطاع هذا العام.
عملية عزل غزة تعاظمت مؤخراً بقيام السلطات المصرية بتدابير من شأنها عزل مصر عن القطاع، بإقامة شريط بري عازل في منطقة رفح بطول 13 كيلومتراً وعرض لا يقل عن 500 متر، ما يؤدي الى قسمة المدينة المصرية الفلسطينية المتداخلة الى جزءين، واقامة خندق مائي وراءه للحؤول دون حفر انفاق تربط القطاع بسيناء، هذا ناهيك عن تدمير ما تبقّى من الانفاق التي كان بوشر بإزالتها في بداية عهد محمد مرسي، والتشدد في اغلاق البحر لإحكام الطوق على القطاع من جميع الجهات.
رافق هذه التدابير القاسية حملة اعلامية مركّزة على المقاومة الفلسطينية في غزة عموماً وحركة حماس خصوصاً. القائمون بالحملة ينتمون الى نظام السيسي، كما الى اوساط مبارك. غايتهم تأجيج اتهام حماس بأنها حركة إخوانية وانها تدعم الاخوان المسلمين على جميع المستويات، وبالتالي توفّر السلاح والعتاد للتنظيمات الإرهابية التي تعتدي على الجيش المصري في سيناء، كما على المنشآت الاقتصادية الحيوية، ومنها خط الغاز المصري الذي (كان) يموّن اسرائيل والاردن.
صحيح ان تدمير الانفاق واقفال المعابر وإغلاق البحر في وجه الفلسطينيين في قطاع غزة ليس نهاية العالم، وانه في مقدور تنظيمات المقاومة التزوّد بالسلاح والعتاد بطرق شتى، لكن ذلك كله يطرح اسئلة ثلاثة مفتاحية:
اولها، ما الغاية المتوخاة من هذه التدابير القاسية؟
يعتقد بعض المراقبين والخبراء ان الغاية منها الحجرُ على المقاومة في قطاع غزة وشلّ حركتها وتنفيس فعاليتها، كثمن تُقدمه مصر الى الغرب الاطلسي و اسرائيل ، لقاء قروض ومنح مالية ومساعدات اقتصادية وفنية تحتاجها مصر في هذه المرحلة، وليس من سبيل الى الحصول عليها إلاّ من دول الغرب الاطلسي وحلفائه الإقليميين.
ثانيها، هل التدابير القاسية المتخذة مُجدية فعلاً؟
يتردد في الاوساط القيادية الفلسطينية ان جدواها محدودة، ذلك ان في وسع المقاومة تجاوزها بجملة تدابير علاجية ، ليس اقلها حفر انفاق اخرى في مناطق بعيدة نسبياً من منطقة رفح ومتصلة بعمق سيناء. كما في وسع المقاومة اعتماد طرائق معقدة في البر والبحر لنقل الاسلحة وبعض التجهيزات الخاصة الى داخل القطاع. غير ان أفعل وسائل المعالجة ما قامت وتقوم به تنظيمات المقاومة، وهو تصنيع بعض الصواريخ محلياً وتجميع بعضها الآخر مما يمكن تهريب قطعه الاساسية الى القطاع.
ثالثها، الى اين من هنا؟
لعله السؤال الأهم والأخطر. ذلك ان عزل غزة عن مصر، تحت الارض وفوقها، وعزل مصر عن غزة، براً وبحراً، يشكّلان نهجاً سياسياً مغايراً يمكن ان يؤدي، عاجلاً او آجلاً، الى اعتزال مصر القضية الفلسطينية. وعندما تعتزل مصر القضية على هذا النحو لا يبقى لها سبيل وبالتالي دور تلعبه على الصعيد الاقليمي. اجل، فلسطين هي المدخل الطبيعي، السياسي والإستراتيجي، لتعاطي مصر مع محيطها القومي والاقليمي، وعندما تفقد هذا المدخل او تعطله يصعب عليها كثيراً تعويضه بأي سبيل او مدخل آخر.
الى ذلك، سيؤدي انتهاج هذه السياسة الانعزالية الى ردة فعل سلبية وربما الى اختلالات مؤذية في الداخل المصري، بسبب افتقاده الى اسباب مشروعة.
صحيح ان بعض قادة حماس ذوو اصول اخوانية ، لكن الحركة نفسها، قيادةً وسياسةً واداء مقاوماً، ليست اخوانية. ولو كانت حماس اخوانية لما حظيت بالدعم السياسي واللوجستي الذي سخت به عليها كل من سوريا وايران وحزب الله. حتى بعد الإشكال الذي نجم عن دعم بعض انصار حماس في مخيم اليرموك الفلسطيني لتحركات المعارضين في الشهرين الاول والثاني من مظاهرات ما يُسمّى الربيع العربي في درعا ومدن سورية اخرى، فقد أمكن تسوية الإشكال بدليل عدم توقف حزب الله وايران عن دعم جميع تنظيمات المقاومة في قطاع غزة، الذي تجلّى في ردها الصاروخي المؤثر على اسرائيل في حربها الاخيرة على قطاع غزة.
من المفارقات اللافتة ان تظهير سياسة مصر الانعزالية يتزامن مع تصعيد حكومة نتنياهو هجمتها الاستيطانية الضارية على القدس والضفة الغربية، كما اعتداءات مستوطنيها على المسجد الاقصى، بقصد احتلاله وتقسيمه. اكثر من ذلك، اذ تشكو مصر من تصعيد التنظيمات الإرهابية الموالية لِ القاعدة عملياتها في سيناء ويعلن بعضها بيعته لِ الدولة الإسلامية داعش ، يشكو ضابط رفيع في القيادة العسكرية الإسرائيلية من قيام سلاح الجو الامريكي بقصف مواقع داعش في سوريا بدعوى أن من شأنه ان يقوّي نظام الرئيس بشار الاسد، مؤكداً ان سوريا وايران وحزب الله و حماس تهدد اسرائيل اكثر مما تفعل داعش .
كل ما تقدّم بيانه يؤكد ان الخطر الاول والحقيقي الذي يواجه مصر ليس الاخوان في المقاومة الفلسطينية بل اسرائيل العدوانية التوسعية ومن يقف معها ووراءها، وان قضية فلسطين هي قضية المصريين مثلما هي قضية الفلسطينيين، ذلك انها مدخل مصر وطريقها الى استعادة دورها القومي والاقليمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.