أطلقت الجمعية الجزائرية شبه الطبية بالتنسيق مع الكشافة الإسلامية الجزائرية منذ 15 ديسمبر الفارط، حملتها التضامنية، المتمثلة في تأمين وجبات ساخنة للأشخاص بدون مأوى بمطعم خاص، إلى جانب القيام بتوزيع الوجبات على الذين تعذر عليهم الالتحاق بالمطعم، وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها وتهدف الى مقاسمة المشرد معاناته وبحث سبل مساعدته من خلال تقديم بعض الإسعافات الأولية وبعض النصائح الوقائية. ارتبطت فكرة الاهتمام بهذه الشريحة لدى الجمعية الوطنية لشبه الطبيين بعد الوقوف على المشاكل الصحية التي تعانيها هذه الفئة، يقول مصطفى شريف رئيس الجمعية، الذي قدم معلومات إضافية عن هذه الهيئة التي أنشئت سنة 1999 وكان الغرض منها تأمين تكوينات للإطارات شبه الطبية من خلال عقد الملتقيات وتنظيم الأيام التحسيسية، غير أننا يقول ”ارتأينا توسيع نطاق عمل الجمعية بالتركيز على الأعمال الإنسانية، باعتبار أن جمعيتنا تقدم مجموعة من الخدمات الإنسانية التطوعية المتمثلة أساسا في التكفل بمواعيد الفحص الطبي والجراحي، والعناية بالمرضى والمسنين والمعوقين وأصحاب الأمراض المزمنة، كما تعمل على الدعم السيكولوجي ومرافقة المرضى للمستشفيات ومن بينهم المشردين والتدخل لتقديم المساعدة والدعم للمحتاجين. وجاء على لسان المتحدث، أن تأمين الوجبات الساخنة بادرت بها الجمعية في أول خرجة إنسانية لها سنة 2005 وكان ذلك بالتنسيق مع وزارة التضامن، حيث طاف أعضاء الجمعية عبر الشوارع بغية تقديم وجبات ساخنة للمشردين، الى جانب توزيع الأغطية والملابس على بعض المحتاجين، لأن أعضاء الجمعية إطارات في الصحة العمومية كانوا يركزون على تقديم بعض الإرشادات الصحية والوقائية للمشردين، الى جانب نقل بعض المرضى للعلاج بالمستشفيات، غير ان هذه المبادرة يقول السيد مصطفى الشريف انقطعت بسبب افتقار الجمعية لمقر، حيث اقتصر عملنا على تقديم بعض الإعانات كالأغطية والملابس التي تأتينا من بعض المحسنين. وحول فكرة فتح مطعم خاص بالمشردين، قال محدثنا ”ان الجمعية استأنفت نشاطها بعدما دخلت في عمل مشترك مع الكشافة الإسلامية الجزائرية، هذه الأخيرة التي أمنت لنا مقرا تم تحويله الى مطعم صغير، في حين تولت الجمعية تأمين سيارة تطوف الشوارع لتوزيع وجبات ساخنة عليهم. لم يكن من السهل على الجمعية إقناع المشردين بالمجيء الى المطعم وتناول وجبة ساخنة، فالمعرف أن هذه الفئة من المجتمع لا تثق في أي كان، غير أن المعاملة الحسنة للمتطوعين حولت المطعم في ظرف أيام قلائل الى ملجأ يجتمع فيه هؤلاء حول مائدة واحدة لتناول وجبة ساخنة”، وهو ما وقفت عليه ”المساء” لدى تواجدها بالمطعم، فما ان حلت الساعة الخامسة والنصف حتى اصطف بعضهم أمام الباب أملا في ملء بطونهم الجائعة بوجبة ساخنة، وما إن حلت السادسة حتى امتلأ المطعم عن آخره، ولضيق المكان اضطر بعض المشردين إلى انتظار دورهم في جو ساده الدفء والحميمية تقاسمها المتطوعون بالجمعية مع المنتظرين الذين كانت تبدو على محياهم علامات الارتياح والشعور بالرضى. احتكت ”المساء” ببعض هؤلاء الذين قصدوا المطعم للأكل، وفي حديثنا الى أحدهم حول هذه المبادرة، قال ” بلغني من مشرد مثلي انه تم فتح مطعم خاص بنا يقدم وجبات ساخنة، وبما ان الشغل الشاغل لنا هو الحصول على وجبة وغطاء دافئ، فأنا جد راض لأنه أصبح لدينا أخيرا مكان نأكل فيه، كما نستفيد أيضا من بعض الإسعافات الأولية”. وهو ذات الانطباع الذي رصدناه عند آخر عبر عن فرحته الكبيرة لأنه تناول وجبة ساخنة وتمكن أيضا من اخذ وجبة معه يأكلها عندما يشعر بالجوع لاحقا. وحول عدد الاشخاص بدون مأوى الذين يستقبلهم المطعم، جاء على لسان محدثنا انه يستقبل من 50 الى 100مشرد في اليوم، بينما يتم توزيع ما يزيد عن 50 وجبة للمشردين الذين يخافون ان تسرق أمتعتهم. لا يعتبر المركز الحل الكفيل بمعالجة مشاكل هؤلاء، يقول رئيس الجمعية مصطفى، مضيفا ” اغلبهم يرفضون الذهاب الى المراكز المتخصصة، ويفضلون البقاء في الشوارع، لهذا لا نلزم بالذهاب إليها، ولعل هذا ما جعلهم يمنحوننا ثقتهم لأننا ببساطة نسعى من وراء هذا العمل التضامني الى ان نشعرهم بأننا نحس بمعاناتهم فلا يخفى عليكم يضيف المتحدث، ”أننا نملك سيارة إسعاف موضوعة تحت تصرف هذه الفئة، الى جانب ممرضة تشرف على تحرير وصفات طبية وجلب الدواء للمرضى”. كل ما نتمناه يقول رئيس الجمعية، ان يقدم لنا الدعم المادي ليتسنى لنا توسيع نطاق عملنا وأن لا يظل محصورا في العاصمة فقط.