الشيخ ناصري: لا يجوز الدخول بالفتاة سرا.. والإشهار شرط في الإسلام يعتبر الزواج من أقدس العلاقات الإنسانية على الأرض فقد جعل الله فيه مودة ورحمة بين الزوجين، كما جعله سببا في الحفاظ على النسل في أطر مشروعة، لكن وللأسف الكثير من الشباب اليوم أصبحوا يتلاعبون بهذه العلاقة المقدسة، فقد أًصبح العديد منهم يقبلون على خطبة الفتيات ويعقدون قرانهم المدني والشرعي بالفاتحة عليهنَ ليطلبونهنَ لفراش الزوجية فيما بعد قبل إقامة العرس و(جفنة الحلال) كما هو معروف في مجتمعنا، إلاَ أنَ العديد من هؤلاء الأزواج يلوذون بالفرار بعد تحقيق رغباتهم. عتيقة مغوفل مازال الانحلال الأخلاقي في المجتمع الجزائري يعرف منحنى خطيرا جدا وها هو اليوم يطال رباط الزوجية، فقد أضحينا نسمع الكثير من القصص والروايات عن فك رباط الزوجية قبل يومين من الزفاف فقط، والسبب في مرات عديدة يكون غير معروف أو يبقى مخفيا، ولكن من خلال الاستطلاع التي قامت به(أخبار اليوم) مع بعض الفتيات اللواتي عايشنَ نفس الحالة تمكنا من معرفة السبب الرئيسي الذي عادة ما يكمن في طلب زوج المستقبل الخطيبة لفراش الزوجية قبل العرس وحين ينال مبتغاه يهرب منها. عدل عن قرار الزواج بعدما سلمته نفسها أول حالة قابلناها كانت الآنسة (مروى) صاحبة 36 ربيعا، والتي مرت بأزمة نفسية حادة بعدما تعرضت له من خيانة من طرف خطيبها السابق، تفاصيل القصة تعود إلى صيف 2012 حين تقدم لخطبتها شاب كان زميلا لها في البنك الذي تعمل فيه، بعد أن أحبا بعضهما حد النخاع وتمت مراسيم الخطبة كما هو معروف في العرف والتقاليد الجزائرية، بعدها قام الخطيب بتحديد تاريخ للزفاف وقام بعقد قرانه المدني والشرعي على خطيبته، ما فتح المجال على مصراعيه أمام الخطيب ليطلب من خطيبته في كل مرة أن ينفرد بها وحجته في ذلك أنها زوجته وتحل له شرعا، إلاَ أنَ مروى كانت ترفض في كل مرة أن تقابله برد واحد (لم نقم بالعرس بعد)، لكن الخطيب بقي يلح في كل مرة إلا أن رضخت مروى لمطلبه واستأذنت أهلها في المبيت خارج البيت عند إحدى صديقاتها لكنها في حقيقة الأمر قامت بالمبيت مع خطيبها في منزل أحد أصدقائه، في اليوم الموالي عادت مروى للبيت وكأن شيئا لم يحدث، ولكن وبعد أن حصل الخطيب على مبتغاه أصبح يتهرب من مروى، أحيانا لا يرد على مكالماتها وأحيانا أخرى يرفض مقابلتها بحجة أنه مشغول، إلا أن أفجعها في إحدى المرات بقرار العدول عن الزواج، ولم يبق حينها سوى شهرين عن العرس، لكن مروى لم تصدق القرار في البداية وظنته مزحة ثقيلة، إلا أن الخطيب أكد لها أن قراره نهائي ولا رجعة فيه، ما أصاب مروى بصدمة نفسية كبيرة ولم تفهم سبب عدوله عن قرار الزواج منها، إلا أنها أدركت في نهاية المطاف أن قرار عدوله عن الزفاف منها راجع لتلك الليلة الملعونة التي قضتها معه في بيت صديقه، فقد أخذ ما أراد منها لذلك أصبح لا جدوى لإكمال مراسيم الزفاف والزواج منها، وغياب ضمير الخطيب ووقاحته جعلاه يلقي عليها يمين الطلاق أمام أبيها في البيت كما أرسل لها عريضة الطلاق مع محضر قضائي إلى منزلها، لكن مروى ترجت الخطيب عدم إخبار أبيها عما حصل بينهما تلك الليلة، لذلك تحجج الخاطب الهارب بأنه سيسافر للخارج من أجل العيش هناك بعدما حصل على منصب عمل أحسن من ذاك الذي كان يشغله هنا في الجزائر. هددها بالطلاق... و لم ترضخ لرغبته وعلى ما يبدو أن مروى لم تكن الوحيدة التي تعرضت لموقف كهذا من خطيب أراد الدخول بها قبل الموعد المحدد، فنوال صاحبة 25 ربيعا هي الأخرى طلب منها خطيبها ذات المطلب، فنوال مخطوبة لشاب تعرفت عليه بالجامعة فقد درسا معا منذ الطور الثانوي إلى غاية نهاية الطور الجامعي، ما جعلهما يقرران فيما بعد الارتباط ببعضهما، وفعلا تقدم (عدلان) لخطبة نوال من عند والديها على سنة الله ورسوله، وحسب العرف والتقاليد الجزائرية، إلا أن والد نوال شخص ملتزم بحدود الله وشرعه وقد اشترط على نوال وخطيبها عدم الالتقاء ببعضهما البعض خاصة لأن ذلك محرم شرعا، وهو الأمر الذي دفعه ليطلب من عدلان أن يعقد قرانه الشرعي على نوال، وهو ما كان فقد أحضر(عدلان) الإمام للبيت وعقد قرانه على نوال أمام الله وعباده، لكن الوالد لم يعلم أن طلبه من عدلان عقد قرانه على نوال سيفتح الباب على مصراعيه للشيطان حتى يوسوس لعدلان ويطلب نوال لفراش الزوجية قبل أن يحين الأوان، لكن (نوال) كانت أكثر دهاء من سابقتها، فلم ترضخ لرغبة عدلان الذي هددها بالطلاق والبحث عن غيرها ولكنها أجابته بفعل ما يشاء، وهو الأمر الذي دفع بعدلان إلى العدول عن قراره والصبر إلى أن يحل موعد الزفاف الحقيقي، لتختم نوال حديثها إلينا في الأخير أن صمودها وعدم خضوعها لرغبة عدلان جعلتها تكبر في عينه أكثر فأكثر. يجب الاحتكام للعرف والتقاليد في الزواج الآراء السابقة التي تم رصدها جعلتنا نفكر هل فعلا يحق للخطيب الدخول بخطيبته بمجرد ما إذا عقد قرانه الشرعي عليها وقبل إقامة حفل العرس، وللإجابة على سؤالنا قامت (أخبار اليوم) بربط اتصال هاتفي بالشيخ الإمام (الأمين ناصري)، الذي أكد لنا بدوره أن العقد الشرعي بين الخطيبين قائم شرعا فهي في مقام زوجته، لكن أن يحصل الدخول بالفتاة سرا دون الإعلان به وشرط الزواج هو الإشهار وإنما يقصد بالإشهار معرفة الناس أن في اليوم الفلاني دخل فلان بفلانة، لأننا مسلمون نسير وفق الشريعة الإسلامية في تعاملاتنا اليومية، كما أننا نحتكم أيضا للعرف والتقاليد التي لا تسمح للخطيب الدخول بزوجته قبل حفل الزفاف، فقد تحصل إشكالات لا يتم بعدها الزواج في آخر المطاف كوفاة الزوج مثلا، أو عدوله عن فكرة الزواج لأسباب ما وتبقى الفتاة معلقة فيما بعد.