حصد ميشيل سالغادو ألقاباً عديدة بقميص ريال مدريد، إذ فاز معه بدوري أبطال أوروبا مرتين وكأس إنتركونتينونتال في مناسبة واحدة، إضافة إلى كأس السوبر الأوروبية، كما تربع على عرش الدوري الأسباني الممتاز في أربع مناسبات، محققاً ثلاثة ألقاب في مسابقة كأس السوبر المحلية كذلك· بينما كانت شمعته آخذة في الإنطفاء، قرر المدافع المخضرم جمع حقائبه وخوض تجربة فريدة خارج البلاد· فعوض البقاء في قلعة سانتياعو بينابيو إلى حين إنهاء مسيرته أو الإنتقال خارج أوروبا بموجب صفقة خيالية على غرار عديد من النجوم، فضل ميشيل شد الرحال إلى بلاكبيرن روفرز، الذي يُعد من بين المشاركين في إنشاء رابطة كرة القدم في إنجلترا، علماً أن النادي يشتهر بأسلوبه القتالي واندفاعه الشجاع تحت قيادة المدرب سام ألاردايس· * يختار كثير من اللاعبين إنهاء مشوارهم في الشرق الأوسط حيث المناخ جميل ومناسب· هل لك أن تشرح لنا الأسباب التي جعلتك تقصد إنجلترا؟ - كنت أريد خوض تجربة في الدوري الإنجليزي الممتاز· وقد أتيحت لي الفرصة للإنضمام إلى بلاكبيرن روفرز حيث تمكنت من تعلم المزيد من الأشياء حول أسلوب اللعب الإنجليزي· هناك انطباع كبير في أسبانيا حول الدوري الإنجليزي، ويتمثل في الحب والعشق لهذه المسابقة· صحيح أني كنت مرتاحاً في ريال مدريد، لكني أحسست أني قادر على مواصلة اللعب على أعلى مستوى· وقد أتيحت لي الفرصة للتعاقد مع بلاكبيرن روفرز، وهذا يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة لي، خاصة وأنا في هذا السن· * هل تبين أن الإنتقال كان في محله بالنسبة لك ولعائلتك؟ - أعتقد أنه انتقال مثالي· وكما ورد في السؤال، لا يتعلق الأمر بي أنا وحدي بل بعائلتي كذلك· إننا نعيش في مكان جميل، مانشستر، حيث يذهب أبنائي إلى مدرسة في المستوى الكبير· إنهم يتعلمون الإنجليزية، وهذا أمر غاية في الأهمية، حسب رأيي· إنه مهم بالنسبة لي أنا أيضاً· إنني أعيش تجربة جديدة· عندما تكون في الرابعة والثلاثين من عمرك بعدما لعبت عشر سنوات في صفوف ريال مدريد وفزت معه بكل شيء، فإنك تكون بحاجة إلى مواجهة تحدٍّ جديدٍ· وعندما أعود بذاكرتي إلى العام الماضي، أعتقد أني أقدمت على الخطوة الصحيحة· * عندما أتيت إلى هنا، قلت أن قرار انتقالك لم يكن مرتبطاً بعامل الطقس والمناخ، بل بالجانب الكروي المحض· ما هي إذن الجوانب التي تستمتع بها من الثقافة الإنجليزية؟ - إنني أستمتع بكل شيء في واقع الأمر· أنا محظوظ فعلاً، لأن الحياة الخاصة للاعب كرة القدم في إنجلترا جيدة جداً، بخلاف ما يحصل في أسبانيا. أستمتع أيضاً بالجانب الكروي· صحيح أن الأمر مختلف نوعاً ما، لكني ما زلت في طور التعلم· ربما يبدو ذلك غريباً بالنسبة للاعب في سني، لكن الأمر كذلك بالفعل، إنه شيء في غاية الأهمية بالنسبة للحاضر والمستقبل على حد سواء· وفيما يتعلق بالطعام، أعتقد أن الأمور قد تغيرت بشكل كبير ولم تعد مثلما كانت عليه في السابق، إذ بات الآن بإمكانك أن تأكل ما تريد في إنجلترا، حيث يوجد تنوع كبير من حيث المطاعم وغيرها من الخدمات· ربما يُعتبر المناخ الجانب الأسوأ في كل هذا، لكني قادم من شمال أسبانيا، مما يعني أني متعود على المطر· إننا سعداء هنا وقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي· * هل وجدت اختلافاً بين إنجلترا وأسبانيا فيما يخص الأجواء السائدة في غرف الملابس؟ - نعم· لكن كل شيء تغير في أسبانيا كذلك لأن كثيراً من اللاعبين الأجانب دخلوا على الخط، مما غيّر الأجواء في غرف الملابس· لم تعد هناك علاقة مباشرة بين اللاعبين الآن· أما قبل سنوات، فقد كان من الممكن رؤية اللاعبين الأسبان مجتمعين في مجموعة منعزلة· أنا متأكد أن لاعباً إنجليزياً متمرساً، مثل بول روبنسون، سيقول الشيء نفسه عن إنجلترا· لم تعد العلاقة الداخلية مثلما كانت عليه في السابق· عليك أن تركز على شيء ما· فاللاعبون الأفارقة، مثلاً، يركزون على نغماتهم الموسيقية من خلال أجهزة آيبود· لقد تغير كل شيء، وهذه سنة الحياة· * هل ينتابك إحساس خاص وأنت تلعب في إنجلترا المعروفة تاريخياً بكونها الموطن الذي خرجت منه كرة القدم؟ - نعم، إنها مهد كرة القدم، هذا ما نقوله في أسبانيا. إن ثقافة كرة القدم رائعة في إنجلترا· إنه أسلوب مختلف عن الأسلوب الأسباني، الذي يميل إلى الإستحواذ على الكرة ويعتمد على المهارات الفردية· أما في إنجلترا، فإنك تشاهد كرة قدم خالصة، يسودها الإندفاع البدني· كما قلت سابقاً، أنا أعيش تجربة جديدة في قمة الروعة، إذ يتعين علينا أن نقاتل كثيراً من أجل الحصول على نقطة وحيدة· (في ريال مدريد) كنت متعوداً على الفوز بالمباريات، لكن ذلك لم يكن سوى جزءاً بسيطاً من الهدف المنشود، إذ كانت الغاية المثلى هي الفوز بالألقاب· أما هنا، فكل نقطة تُعد ثمينة في السباق نحو البقاء· حتى الثقافة بين العائلة وكرة القدم مختلفة هنا· * يبدو أنك سعيد هنا في إنجلترا···· - نعم· عليك أن تتعود على مختلف الأساليب وأعتقد أن كل واحد قادر على تعلم أشياء مختلفة، لما في ذلك من نفع على الحياة بشكل عام· إذا كنت تشكو من هذا الأسلوب الكروي أو من سوء المناخ، فالأحرى بك أن تبقى في بلدك· أعرف جيداً أني لست في ريال مدريد· يسألني البعض عن سبب الإنتقال إلى بلاكبيرن بعد عشر سنوات في ريال مدريد· حسناً، يُعتبر بلاكبيرن أحد الأندية التاريخية في إنجلترا، وقد سبق له أن فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أحد الفرق الأربعة الوحيدة التي حققت ذلك· إنه فريق منظم بشكل محكم وأنا أعتبره تحدياً كبيراً بالنسبة لي· * وماذا عن المستقبل؟ هل تأمل بمواصلة اللعب هنا؟ - أعتقد ذلك· لقد وقعت عقداً لسنتين رغم أن الأمر يتوقف على قدرتي الجسدية· لقد تعودت أخيراً على اللعب في بلاكبيرن، وقد كان علي أن أُغير أسلوبي وأن أتعامل مع الوضع بذكاء، لأني لم أعد قادراً على اللعب كما كنت في ريال مدريد· إذن سأواصل اللعب كلما استطعت إلى ذلك سبيلاً، كما يتوقف الأمر على رغبة النادي ورضاه عن مستواي كذلك· بعد ذلك، ربما سأخوض تجربة أخرى، ربما في مكان فريد مثل أستراليا أو الولاياتالمتحدة أو الصين، أو أي مكان آخر· لقد بدأت منذ مدة العمل في مجال الإعلام، إذ اشتغلت مع شبكة سكاي، وكانت تجربة رائعة· لقد عملت مع جلين هودل وجوردون ستراتشان ورود خوليت وجرام سونيس، وهم أشخاص كنت أشاهدهم على شاشة التلفزيون عندما كنت في السادسة من عمري· أتذكر جلين هودل في كأس العالم 1982، حيث شاهدته يلعب أمام أسبانيا، أما الآن فإنني أتقاسم معه نفس المكان في الأستوديو· إنه شيء رائع بالنسبة لي· * ختاماً، سيد سالغادو، سيكون عشاق الساحرة المستديرة على موعد مع مباراة الكلاسيكو هذه الليلة، علماً أنك خضت هذه الموقعة في كثير من المناسبات· كيف يكون استعداد اللاعبين لمثل هذه المواجهات؟ - إنها تجربة بمنتهى الروعة· إن الكلاسيكو يُعد أفضل وأهم مباراة في العالم· إذ تكتسي الأمور طابعاً خاصاً وفريداً في الأسبوع الذي يسبق اللقاء، وهذا شيء تحس به كلاعب بمجرد أن تطأ قدماك أرضية ملعب التدريبات، لأن جميع المشجعين يركزون اهتمامهم عليك وعلى المباراة· يكون الضغط كبيراً في الأجواء المحيطة بالمواجهة، كما تحتار وسط ضغط وسائل الإعلام، لأنها مباراة يجب أن تخرج منها فائزاً· إذا خرجت فائزاً فإنك ستكون سعيداً خلال شهر أو شهرين· إنها مباراة كبيرة إذن، حتى لو كنت ستخوضها في برشلونة· من الصعب التعبير عن ذلك بالكلمات، إذ لا يتعلق الأمر بمجرد إحساس·