عالم المرأة فضاء رحب مليء بالقصص والعبر، وخلف أسواره تقبع فئات من الناس اختارت العزلة والانطواء بعيدا عن الآخرين بعد أن ضاق بهم محيطهم الخارجي من أسرة ومجتمع، لوحة حرمان أخرى تجسدت في سجون الجزائر التي ما تزال تحتضن الآلاف من النساء التي بدورها تروي واقع الإجرام بأيادٍ ناعمة تترك من ورائها علامات استفهام وحكايات وقصص مريرة. فبالرغم من وصف المرأة بالرقة واللطف والجمال، وحسن العشرة والحنان، إلا أنه أضحى لها نصيب متزايد في الجرائم المقترفة ببلادنا، ومنها من فاقت فيها الرجال عنفا وإجراما، من هذا المنطلق نزلت (أخبار اليوم) إلى بعض المناطق التي شهدت جرائم قتل ومخدرات كانت بطلاتها نساء. ولعل من بين هذه المناطق منطقة تيليملي بالعاصمة التي شهدت أواخر عام 2014 جريمة شنعاء راح ضحيتها ثلاثة أفراد من عائلة واحدة أين أثبتت التحقيقات تورط الزوجة الثانية لزوج الضحية في القضية، حيث وجهت لهن طعنات متتالية على مستوى أنحاء مختلفة من الجسم أدرتهن قتيلات وهي الحادثة التي اهتز لبشاعتها سكان حي، حيث كشف سكان المنطقة أن الضحية كان متزوجا من امرأة أخرى، وهي من قامت بهذا الجرم بدافع الغيرة وانتقاما من الزوجة الأولى، بعد أن هددها الزوج بالانفصال، وهو الذي كان متواجدا بالبقاع المقدسة لأداء مناسك الحج، حيث استغلت الزوجة عودة الزوج في نفس اليوم لتقوم بالجريمة الشنعاء دون أية رحمة، والتي لم تكن تعاني من أية اضطرابات نفسية أو عقلية معتبرين ما جرى حادثة لا يمكن وصفها، خاصة وأن خيوط الجريمة تعدت كل المعقول. جريمة أخرى تختلف عن الأولى بكل المقاييس لكن الأمر الوحيد الذي جمعهما أنها من فعل الجنس اللطيف، هي قضية جابت أروقة المحاكم الجزائرية كانت بطلتها السيدة (سمية) بدأت حكايتها وبناتها عندما هرب الأب بعيدا عن أسرته، وترك الأم وحيدة تتحمل مسؤولية بناتها الثلاث، بالرغم من كونها لا تمتلك عملا تستطيع من خلاله توفير احتياجات بناتها الصغيرات، بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهها، لتجد أمامها باب العمالة الجنسية كمصدر وحيد لربح المال، فتحت البنات أعينهن فوجدن والدتهن تصرف عليهن من مال حرام، فأصبح الأمر بالنسبة لهن من الأشياء العادية، ففي كل مرة كانت الأم ترافق رجلا مختلفا إلى البيت. وجدت الأم في التجارة بجسدها ربحا وفيرا، لذلك قررت أن تعلم بناتها أبجديات المهنة، لتزيد أموالها وتغتني بالعمل كوسيطة لبيع أجساد بناتها وتسهل لهن عملية إحضار الزبائن إلى منزلها، وتؤمنهم من وقت حضورهم إلى حين المغادرة. الإهمال ولّد النزعة الإجرامية من هذا المنطلق ربطنا اتصالا بالسيدة (أمينة بلفارس) أخصائية في علم النفس الاجتماعي للاستفسار عن سبب لجوء المرأة للإجرام، حيث أشارت المتحدثة إلى أن الإجرام عند المرأة بدأ يأخذ أبعادا أخرى وهو يزداد بشكل ملفت للانتباه، وهناك أسباب عديدة تقف وراء تحولها من رمز الأمان والسكينة والسلم والحنان والحب، إلى رمز للخداع والمكر والظلم والجبروت والانتقام والكره، فيمكن أن يرجع ذلك إلى الإهمال الذي تتعرض له المرأة أو سوء المعاملة، مما يجعل من جريمتها أداة تعبر بها عن مدى سخطها إزاء كل الظروف التي تحوم حولها، كما أن هذه النزعة الإجرامية مردها أيضا إلى اندماج المرأة بشكل كبير في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعملية، لكن في اعتقادي تعد التضحية لدى المرأة من أكبر أسباب الإجرام لديها، أو ما يعرف بالعنف المضاد لدى المرأة، أي عندما تلجأ المرأة إلى العنف كرد فعل عن عنف مورس عليها.