تنامي المخاوف من إسلاميي أوروبا والكشف عن هوية الجهادي جون والتحاق المراهقات بتنظيم الدولة ذرائع اتخذتها بريطانيا للعمل على تبني إجراءات وقائية تطال ما يعرف بالمحاكم الشرعية والمدارس الدينية والمساجد، وسط مخاوف من أن تمس هذه الإجراءات عموم المسلمين. يجرى العمل في بريطانيا على إطلاق حملة جديدة لمواجهة ما يوصف ب (التشدد) عبر سلسلة من الإجراءات والتشريعات اقترحها بعض وزراء حكومة ديفد كاميرون. وتأتي الحملة في سياق حكومي تعمل فيه وزارة الداخلية على استصدار تشريعات جديدة لمواجهة ما تصفه ب(خطر المتطرفين الإسلاميين( عبر مزيد من الرقابة. ونشرت صحيفة (الديلي تلغراف) المقربة من حزب المحافظين تسريبا عن ملامح مشروع جديد سيفرض رقابة على ما يعرف بالمحاكم الشرعية ويمنع من تصفهم بالمتشددين من العمل مع الأطفال أو تدريسهم لحمايتهم من احتمالات التعرض لغسل الأدمغة. ويرى رابح الوادي -وهو بريطاني من أصول سورية- أن هناك ضرورة في بعض جوانب هذا التوجه في وقت (ازدادت فيه مخاوف العائلات المسلمة من استحواذ أفكار متطرفة على أبنائها)، ويشير إلى أنه يشعر بمفارقة بعد إقامته 15 عاما في بريطانيا، حيث كان يخشى عند القدوم إليها من نسيان الهوية الإسلامية، بينما الخوف حاليا هو من التشدد والتطرف وليس من الانحلال والذوبان في الغرب. ويرى الوادي أن الحل يكمن في متابعة ومراقبة الأسرة لأبنائها ومواكبة ما ينبغي أن تضعه الدولة من معايير لمنع بعض الحلقات الدينية من الترويج لأفكار متشددة. * رقابة وملاحقة ألمح مشروع القرار -قيد البحث- إلى اتخاذ إجراءات للرقابة على المحاكم الشرعية وملاحقة الجمعيات الخيرية للتأكد من نشاطاتها. لكن مدير مركز (ما يفير) الإسلامي الدكتور حافظ الكرمي قال ل (الجزيرة نت) إن المحاكم الشرعية ليست لها أي علاقة بالتعليم. ورأى الكرمي أن هذه التسريبات تأتي في إطار (حملة مكشوفة للصحافة اليمينية لتحريض الدولة على الجالية المسلمة)، وأوضح أن هذه المحاكم مختصة فقط بالعلاقات الاجتماعية بين الأزواج، وبشكل خاص قضايا الزواج والطلاق والخلع، ويأخذ القضاء البريطاني بأحكامها إذا رضي الطرفان بالذهاب إليها. وأكد الكرمي أن هذه الحملة الإعلامية تحاول وضع كل المؤسسات الإسلامية في سلة واحدة، بينما لم يطالب أحد بوضع رقابة على المدارس اليهودية. وأوضح أن اليهود والكاثوليك والهندوس لديهم محاكم خاصة بهم، مشيرا إلى أن عدد محاكم الجالية المسلمة لا يتجاوز ثلاثا. أما الرقابة على المدارس التابعة للمساجد فيرى الكرمي في هذا التوجه تمييزا عنصريا ضد المسلمين، لافتا إلى أن من يعرفون بالجهاديين تخرجوا في الجامعات البريطانية وليس المراكز الدينية. * تبرير الإسلاموفوبيا تأتي هذه الحملة الجديدة وسط دعوات متواصلة في الإعلام وعلى ألسنة بعض القيادات السياسية كعمدة لندن لضرورة استكشاف (النزعات المتشددة) قبل تناميها. وزاد من حدة هذه المطالبات الكشف عن هوية (الجهادي جون) الذي تبين أن اسمه محمد اموازي، وأنه يبلغ 26 عاما وتخرج في إحدى جامعات لندن العريقة. ويقول أمين عام المجلس الأوروبي للإفتاء الشيخ حسين حلاوة إن المحاكم الشرعية جزء من حل مشكلات الجاليات وتساعد القضاء الرسمي الأوروبي، وليست مشكلة حتى يتم التضييق عليها. ورفض التعميم فيما يتعلق بالمحاكم الشرعية، مؤكدا أن الغرب لا يتبنى هذه السياسة بل يتعامل مع كل حالة على حدة. وأكد أن غالبية هذه المحاكم تعتمد الإسلام (الوسطي المعتدل( داعيا إلى محاسبة أي جمعية أو هيئة أو تيار (شاذ متشدد). وكانت وزيرة الداخلية ثيريزا ماي أكدت بذل مساعٍ حثيثة للحد من انتشار ظاهرة (التطرف) في أوساط الشباب المسلمين. لكن سفر الفتيات البريطانيات مؤخرا إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية جعل بعض العائلات المسلمة تشكك في نجاعة الجهود الحكومية للحد من (التطرف). وقد طالبت عائلات الفتيات الشرطة البريطانية بالاعتذار والاعتراف بالإهمال في تعاملها مع تلك المسألة.