* (سننظم وقفة احتجاجية أمام الرئاسة إذا...) * (لابد من المسارعة في تعيين مفتي الجمهورية) * (يجب أن تكون الشريعة أول مصادر التشريع) * لا يجب إجبار الموظفات على التخلي عن حجابهن أثناء تأدية مهامهن) استهجن الشيخ جلول حجيمي، الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة، التعديلات الأخيرة التي مست مشروع قانون العقوبات التي جاءت بدعوى حماية المرأة من كل أشكال العنف، والتي رأى فيها الشيخ تشجيعا للزوجة على النشوز والتمرد على زوجها، لأن القانون يسمح لها بزجه في السجن وقتما أردت وهو أمر مخالف تماما للشريعة الإسلامية التي جعلت الرجال قوامين على النساء. من جهة أخرى، حاول الشيخ حجيمي في الحوار الذي خص به (أخبار اليوم) أن يستعرض انشغالات الأئمة التي تتجاهلها السلطات العليا في البلاد، والتي ستدفعهم -حسبه- إلى الخروج إلى الشارع من أجل المطالبة بها، كما أبدى رأيه في قضية الحجاب والتوظيف التي عادت إلى الجدل مرة أخرى. حاورته: عتيقة مغوفل * بداية شيخ أيمكن أن تعطونا تعريفا مختصرا للتنسيقية الوطنية للأئمة والدور الذي تقوم به وما تقدّمه للإمام الجزائري؟ *** تعتبر التنسيقية الوطنية للأئمة أول تنظيم نقابي في الجزائر يهدف إلى الدفاع عن حقوق الإمام، ففي مارس 1999 أسسنا النقابة وسميناها الرابطة الجزائرية للأئمة والعلماء، لكننا لم نحصل أبدا على ترخيص من طرف السلطات العليا في البلاد بسبب الوضع الأمني الذي كان مترديا حينها وبقينا ننشط على نفس المنوال إلى غاية سنة 2013، وبعد عقد مؤتمر الاتحاد العام للعمال الجزائريين تم الاعتراف رسميا بالتنسيقية الوطنية للأئمة، والتي نعمل جاهدين على تحويلها إلى الفديرالية الجزائرية للأئمة وهي تضمّ حوالي 800 موظف وإمام موزعين عبر كامل ولايات الوطن، ونحن نسعى من خلالها إلى العمل على الحفاظ على حقوق الإمام كغيره من الموظفين في أي قطاع وطني. * ما هو موقفكم من نقابة الإمام غول التي تناضل في نفس الاتجاه التي تناضلون فيه؟ *** نقابتنا ونقابة الإمام غول مستقلتان وكل لها هيكل خاص بها، لكننا نعمل كلانا من أجل هدف واحد، لكن ومع ذلك تنسقيتنا أقوى من تلك النقابة، لأنه لدينا صدى أكبر في الساحة ومواقفنا أقوى من مواقف نقابة الإمام غول، لأننا نعمل على نطاق الكثير من الولايات عبر التراب الوطني ولدينا فروعا في كل مكان، كما أننا تمكنا من إثبات وجودنا، ومع ذلك فهدفنا لا يختلف عن هدف نقابة الإمام غول، فالمهم لدينا خدمة الإمام وموظفي قطاع الشؤون الدينية ونحن في خطى اللحمة الوطنية والتعاون على نصرة الإمام وليس لدينا أي فكر أو إيديولوجيا أو حزبية، بالإضافة إلى هذا فإن أعضاء النقابة الأخرى إخواننا وتجمعنا وظيفة الإمامة ونحترم كل الأفكار والمرجعيات ونتعاون بآداب الإسلام. نحن نملك من التجربة ما يمكننا من التعامل مع الآخر بشرط الالتزام بالحد الأدنى من الأخلاق، ونحن نحمل هم القطاع وهم الدفاع عنه بكل موضوعية وبأساليب راقية والبيان ومعرفة الحقائق والتوجه برسالة الإمام ومعلم القرآن والمرشدة الدينية والمفتش كون هذه الرسالة نبيلة تهدف إلى إصلاح المجتمع ومعالجة آفاته وأمراضه. * تناقلت العديد من وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أخبارا عن قرار أعضاء التنسيقية الخروج إلى الشارع من أجل التظاهر للمطالبة بحقوق الإمام الضائعة، فما ردكم على هذا يا شيخ؟ *** فعلا ما تناولته وسائل الإعلام صحيح، لكننا لم نقرر بعد أي تاريخ سنخرج فيه إلى الشارع من أجل التظاهر، فقد سبق لنا وأن رفعنا عارضة إلى رئيس الجمهورية تتضمن 47 مطلبا، أهمها إعادة النظر في القانون الأساسي للشؤون الدينية. فقد سبق لنا وأن تكلمنا منذ سنة 2008 عن ضرورة إعادة هيكلة دور الإمام المسجد والمرجعية الدينية في بلادنا، وكذا مهام المرشدة والدور الهام الذي تؤديه في بيوت اللّه، ولا ننكر أن وزير الشؤون الدينية في إحدى الجلسات التي جمعتنا به اعترف بمشروعية المطالب التي قدمناها له ونحن ننتظر متى سيتم تلبيتها وإلا فإننا سنخرج إلى الشارع من أجل تجسيدها دون أن نتعدى على قوانين الجمهورية، حيث سنقوم بإخطار السلطات العليا في البلاد بالإضافة إلى مصالح الأمن بتاريخ احتجاجنا حتى لا نحدث فوضى وبلبلة في البلاد، فإضرابنا لا يعني أننا سنضرب عن الصلاة، بل سنقود وقفة وطنية أمام رئاسة الجمهورية، والتي سيشارك فيها الأئمة من مختلف ولايات الوطن من أجل مطالبة الرئيس بحقوقنا الضائعة وسنجلس في حلقات على الأرض وسنتلو آيات من القرآن الكريم مع تقديم لائحة من المطالب دون أن نثير الشغب. * ما هي المطالب التي تريدون تحقيقها؟ *** كما سبق لي وأن قلت لدينا لائحة مطالب كثيرة تتمثل في 47 مطلبا على اعتبار أن الإمام هو الوحيد الذي يجدر به أن يؤدي واجبه دون أن يكون له الحق في البحث عن حقوقه، مع أنه موظف في قطاع الشؤون الدينية كغيره من الموظفين في باقي القطاعات الوطنية. ومن بين أهم المطالب التي سنرفعها المطالبة بمنحة الهندام، لأن الإمام مطالب بأن يكون له هندام لائق يمكنه من الصعود على المنبر من أجل تأدية الخطب وغيرها من المهام الموكلة إليه، وحتى يوفر الإمام الهندام اللائق يجب أن يتقاضى منحة تمكنه من اقتنائه لأنه باهظ الثمن في الكثير من الأحيان، في حين توجد للشرطي منحة في راتبه عن الهندام الذي يرتديه أثناء تأدية مهامه. بالإضافة إلى هذا فإننا نطالب بمنحة قانون التعويض كسائر الموظفين، فالإمام لا يذهب في عطلة كغيره من الموظفين، فهو يعمل في شهر رمضان وفي أيّام الأعياد الدينية والوطنية، مع أنه بشر ويحق له أيضا زيارة أهله وأقربائه والتمتع ببعض الأيام مع أفراد عائلته، لكن في ثقافتنا عليه البقاء فقط في المسجد من أجل تأدية دوره، لذلك نحن نطالب بمنح لتعويضه عن عمله في أيام العطل كباقي الناس. بالإضافة إلى هذا لنا مطلب جوهري وأساسي والمتمثل في رفع الأجور التي تتراوح بين 18 ألف دج و40 ألف دج كأقصى تقدير، فالإمام المساعد والمؤذن يتقاضيان أجرا ب 18 ألف دج، أما الإمام الذي يحمل شهادة الليسانس فله 24 ألف دج شهريا وأما الإمام الذي له شهادة دكتوراه فيتقاضى 40 ألف دج شهريا، في حين الذي يحمل الدكتوراه في قطاع العدالة الوطنية له أجر يصل على 240 دج شهريا وهو إجحاف حقيقي في حق الإمام، بالإضافة إلى هذا فإن هذه الرواتب تحرم الإمام من حقه في الحصول على سكن اجتماعي لأن سكنات الوقف أو السكنات الوظيفية مؤقتة وغير دائمة. وما زاد الطين بلة أن هناك بعض لوبيات المال أصبحوا يتحكمون في المسجد والإمام على اعتبار أن لديهم نفوذ المال، بالإضافة إلى تدخل بعض الأطياف الحزبية والسياسية في تحرير الخطاب المسجدي خدمة لأطراف سياسية معينة، لذلك نحن نطالب بأن تكون هناك محاضر واتفاقيات مضبوطة مع وزارة الشؤون الدينية لضمان حقوق الإمام الضائعة، وإن لم تسر الأمور وفق المنحى الذي نخطط له سنخرج إلى الشارع في وقفات مشروعة لا مانع فيها لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الأمنية. * طرحتم في العديد من المرات مسألة تأسيس مجمع فقهي أو تعيين مفتي للجمهورية شريطة أن يكون مستقلا عن الرئاسة، ما هي مبرراتكم لهذا الطرح؟ *** نحن نطالب بمفتي موحد سلم ترتيبه أكبر من ترتيب الوزير الأول، كما يجب ألا يكون خاضعا للحكومة ولا يأخذ التعليمات منها ولا يتم توريطه في قضايا سياسية. فالتنسيقية الوطنية للأئمة تطالب بشيخ لا يخدم أي أجندة غربية ولا وطنية، كما يجب أن يكون له اضطلاع سياسي ونفسي طبعا بالإضافة إلى الاضطلاع الديني الواسع، والجزائر الحمد اللّه فيها عدد كبير من العلماء العديد منهم لهم مناصب عليا في دور الإفتاء في باقي الدول الإسلامية الشقيقة. والجدير بالذكر أن هيئة الإفتاء يجب أن يشارك فيها ممثل عن الأئمة من كل ولاية ويجب أن يكون فيها ممثل عن الإباضيين الذين قيل فيهم الكثير في الآونة الأخيرة، لكن مما لا شك فيه أنهم إخواننا في الدين ويجب أن نتعايش معهم فلهم علماؤهم ودعاتهم ويجب أن نعمل معهم، وحلقة العزابة ليست ببعيدة عنا، وأنا أعرف الإباضيين منذ 20 سنة وأعرف مراجعهم جيدا وهم من أفاضل الناس ولهم حرض شديد على الدين، أما خلافات القضايا الفقهية فترجع إلى أصلها، أي أن البشر كلهم مخطئون، وقد أخطأ الصحابة في الماضي في حق بعضهم البعض وأخطأ العلماء، فنحن نرحب بالإباضيين ولا يمكن أن يحكم الناس على بعضهم البعض ولا يجوز لهم تكفير بعضهم البعض أيضا. فالناس يحكمون بالظاهر فقط واللّه يتولى السرائر، والإباضيون لهم أخلاقهم فهم المثل الأعلى في التجارة، أما المسائل الخلافية فمن الأحسن أن تترك لأهلها والعارفين بها، فكل على منهجه يحترم، وقد كنت ممن دافع عنهم في السراء والضراء ولا أصل لفكر التكفير لأنه أضاع الأمة وسيضعفها مثلما هو واقع في الأقطار العربية كالعراق وليبيا ومصر، ونحن على منهج اللّه في التعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان. والحمد اللّه ليست لدينا معطيات الصراع في الجزائر، لكن لزاما علينا أن تكون دولتنا دولة مؤسسات، ومن أعظم المؤسسات هي المؤسسة الدينية التي تحمي المجتمع وتعمل على ترصيص صفوفه والدفاع عن هويته ودينه وقيمه من طرف أناس أئمة علماء وفقهاء يحفظون له الفهم الصحيح الذي يتماشى مع الشريعة، وأي صراع سياسي وإداري نجعله في المرتبة الثانية حفاظا على الجزائر وأمنها ودينها. * أصبح المشرع الجزائري في الآونة الأخيرة يسن قوانين تحمل بعض المضامين البعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية وأبرز دليل على ذلك مشروع قانون العقوبات الأخير القاضي الذي يمنع تأديب الزوجة عند نشوزها، ما تعليقكم؟ *** كل ما يمس ضوابط الشريعة الإسلامية سيؤدي حتما إلى انتفاضة الشارع الجزائري، وهو الأمر الذي يجب أن نتفاداه في الظروف الراهنة. فقد حاولت فرنسا سابقا أن تتلاعب بقيمنا وديننا ولن نقبل بأي شكل من الأشكال أن يمس أحد الإسلام وسنكون له بالمرصاد، ومجتمعنا لن يرضى أبدا أن يتلاعب بقيمه رغم كل التناقضات التي تظهر من خلال أعماله، ورحم اللّه الدكتور حماني حين قال: (التزموا بالشريعة كمصدر للتشريع). كذلك لن نرضى ولن نقبل أن يمس حرف من الشريعة في التشريع، خصوصا في قانون الأسرة، لأن الأسرة في انحراف مستمر للأسف. فالشاب الجزائري اليوم أصبح يقتل أمه ويقطع أخته إربا، والمنحرفون يقتلون الأطفال بلا رحمة والسبب في هذا كله راجع إلى البعد عن اللّه عزّ وجلّ. فالتطرف في الدين أحدث غلوا في المجتمع الجزائري الذي أصبح مريضا، وإذا تعدينا حدود اللّه فإنه عزّ وجلّ قال: {وَمَن يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه}، كما قال من جهة أخرى: {الرجال قوامون على النساء}. وقد أعطى الإسلام للمرأة مكانة مرموقة، كما أمر الرجال أن يعاشرهن بالمعروف، لكن في السنوات الأخيرة صارت المرأة (انقلابية) عن دينها وزوجها، فأين هي من قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (لو جاز سجود العبد للعبد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)؟ أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ونقول للمرأة: (زوجك جنتك ونارك). فمشروع القانون الذي يعاقب الزوج الذي يعاقب زوجته الناشز في حدود اللّه هو دعوة صريحة إلى الانقلاب على ظاهر الشريعة الإسلامية، ونحن لا نقلب أحدا على أحد ولا صراع بين الرجل والمرأة، بل نحن نقول كما قال القرآن: (نحن من الحق)، لذلك نطالب بقوانين معتدلة تخدم المجتمع كاملا وتحافظ على دينه وقيمه، وأنا واثق من أن الجزائريات لن يقبلن أن يكن مكان الرجال، فهو مخالف لتعاليم ديننا ويجب على المرأة كما قال الرسول أن تناصر زوجها لأنها تحمل أصالة المجتمع وتحافظ عليه. * ما رأيكم في مشروع صندوق المطلقات الذي وصف بعامل خراب البيوت؟ *** نحن في بداية الأمر ناصرنا صندوق المطلقات، لكن وبعد المصادقة على القرار وجدنا أنه يشجع على الإباحية في بلادنا، ونحن هنا نتحدث عن نتائج المنكر لأنه يشجع على ظاهرة الأمهات العازبات اللائي لهن الحق في المنحة، في حين تلك الفتاة التي تحمل شهادة جامعية وتعمل في إطار عقود ما قبل التشغيل يكون لها أجر أقل من المنحة، وهو حتما ما سيحدث انقلابا جدريا في المجتمع وانتفاضة ضد البرلمان الوطني وستكون له نتائج غير المرغوب فيها، وهو ما يدفع إلى التلاعب بالقانون في إطار الدين. فالشريعة الإسلامية مبنية على مبدأ لا ضرر ولا ضرار لأنها عادلة وعدالتها مستمدة من عدالة اللّه ولا أحد يعلو على اللّه، فكل استعلاء على اللّه فيه مضرة للإنسان، فالذين يضعون القوانين التشريعية ولا يراعون الشريعة الإسلامية هم يضرون الملايين من الجزائريين، وهو ما يؤدي بهم إلى ما لا يحمد عقباه. * أعيد مؤخرا إثارة قضية الحجاب ومنع الموظفات من ارتدائه في بعض المؤسسات العمومية، فهل يجوز يا شيخ للموظفة أن تتخلى عنه داخل مقر عملها؟ *** قوانين التشريع في الجزائر أعطت للإنسان حريته في أن يلبس ما يشاء شريطة أن لا يخالف الآداب العامة، لكن هناك نوعا من الحجاب كارتداء النقاب مثلا قد يسبب بعض الحرج للموظفات، لذلك بإمكان المرأة أن تتخلى عنه حتى لا تفقد منصب عملها، لكن أن تتخلى العاملة عن حجابها كليا في مكان عملها فهو أمر مخالف للشريعة الإسلامية، كما أن قوانين الدولة لم تنص على ذلك، كما لا يجوز لنا أيضا أن نجبر المرأة على أن ترتديه بالقوة، فمنهج الإسلام ليس منهجا حديديا لأنه دين يسر وليس دين عسر. فإذا كانت المرأة متبرجة فهي مسلمة ونحن لا نجبر أحدا على ما يكره، فالمرأة حرة في لباسها ويجب ألا نوبخها على لبس الحجاب، وهو نفس الحال في المؤسسات العمومية وحتى الخاصة ليجب ألا تجبر الموظفات على التخلي عن حجابهن. فالشرطية في بريطانيا تعمل وهي محجبة أما في الجزائر فلا، لذلك أصبحنا نحن المسلمون متخلفون مع أن الإسلام دين يصلح لكل زمان ومكان وهو قائم إلى أن يرث اللّه الأرض وما عليها. ومن بين الدول الديمقراطية أن الناس أحرار ولا يجوز استعبادهم وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، لذلك لابد على المشرع الجزائري أن يحترم حرية معتقدات الأفراد دون المغالاة فيها ويجب إشراك العلماء في سن مثل هذه القوانين.