إن الذين يعملون الصالحات ويذكرون الله كثيراً وينتظمون في طاعة الله سواء ذكر أم أنثى وعدهم الله بجنة الخلد ونعيم لا يفنى وذلك لقوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}.. [آل عمران: 195]. أن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء إنما هي {أعدت للمتقين}.. [آل عمران: 133] فإن المرأة تجد ما تشتهيه نفسها في الجنة من مأكل وشراب ومتعة وسعادة في الجنة وذلك لقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لامَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}.. [الواقعة: 27-33]. الفرق بين الحور العين ونساء الدنيا في الجنة أن المرأة في الجنة تكون مثل الحور العين في الجنة بل يميزها الله في الجنة عن الحور العين، أولاً يعيد الله المرأة إلى صباها بعد أن كانت عجوز وذلك لقوله تعالى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}.. [الواقعة: 35] وتلك الأية تدل على أن الله يعيد إنشاء المرأة من عجوز إلى سن الشباب وهذا في حد ذاته تكريم عظيم للمرأة، ثم يعيد الله للمرأة بكارتها فتصبح بكراً كلما أتاها زوجها في الجنة يعيدها الله بكراً مرة أخرى وهذا ما يحدث مع الحور العين في الجنة وذلك لقوله: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}.. [الواقعة: 36]، ويأتي قول الله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا}.. [الواقعة: 37] و(العُرُب) جمع عروب، يقال: امرأة عروب، وعربة. يعني: متحببة متذللة لزوجها، مازحة ضاحكة مستبشرة، لها نبرة صوت خلاب، تقول لزوجها: والله ما في الجنة أجمل منك، ولا أبهى منك، الحمد لله الذي خلقني لك وخلقك لي، أما (أتراباً): فجمع ترب، يقال: امرأة ترب يعني: امرأة متساوية؛ أي متساوية مع الحور العين في الإنشاء. ويميز الله نساء الدنيا عن الحورالعين بأنها تكون سيدتها في الجنة وسيدة القصر التي تسكنه في الجنة ولماذا فضلكِ الله على الحور العين في الجنة؟ وتكون الإجابة، فضلكِ الله بصلاتكِ في الدنيا، وصيامكِ في الدنيا، وحجك في الدنيا، وصبرك في الدنيا، وطاعتك له، والاحتساب عند المصائب وبرك بوالديكِ وصلتك للرحم، وحفظ عرض زوجك وكل شيء فعلتِه في سبيل الله. نساء الدنيا وأزواجهم في الجنة لا يوجد في الجنة أعزب لا ذكراً ولا أنثى، لما رواه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما في الجنة أعزب. قال ابن منظور في لسان العرب: العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. اه، فإذا دخل المؤمن الجنة وكانت زوجته في الدنيا صالحة كانت زوجته في الجنة، وأما إذا تزوجت المرأة أكثر من زوج، ودخل جميعهم الجنة، فالراجح أنها لآخر أزواجها، لما رواه البيهقي في سننه أن حذيفة قال لزوجته: إن شئت تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة، وأما من لم تتزوج فإنها تزوج بمن شاء الله تعالى. وأن المرأة في الجنة لا تغير ولا تغضب من زوجها عندما يعاشر الحور العين لأن الله نزع من نفوس أهل الجنة الغيرة والحقد وذلك لقول الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}.. [الحجر: 47]. فالله تعالى يقذف في قلوب أهل الجنة حب بعضهم لبعض، وينزع من قلوبهم الضغينة والحقد. وفي الجنة لا تنظر المرأة إلى غير زوجها ولا تشتهي غيره والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فيهن قاصرات الطرف}.. [الرحمن : 56]، قال ابن عباس وغيره: أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن. يا معشر النساء لقد أعزكم الله بالإسلام فلا تذلوا أنفسكم بالمعاصي وابتغوا رضوان الله وتقربوا إليه فهذا هو الفوز العظيم وهذا هو طريق الجنة.