"للكوارث فوائد أخرى".. هكذا وجدت أندونيسيا منفعة كبيرة في الكوارث الطبيعية المتكررة التي تتعرض لها وذلك من خلال جذب السياح من جميع أنحاء العالم، لتصبح أماكن وقوع الكوارث "مزارا سياحيا" هاما لإندونيسيا، والذي أطلق عليه اسم "سياحة الكوارث". أندونيسيا، تلك الدولة التي اشتهرت بشواطئها الاستوائية، وجبالها الجميلة، وشعابها المرجانية الخلابة، وجدت في مناطقها التي تعرضت للكوارث الطبيعية مصدرا آخر من مصادر الجذب السياحي، إلى الحد الذي بدأ فيه العديد من وكالات السياحة المحلية إضافة الرحلات إلى مواقع الكوارث ضمن برامجها السياحية. ووصف السائح سوليس (65 عاما) الذي أخذ زوجته لزيارة آثار بركان جبل ميرابي وما فعله بالأماكن والبيوت التي كانت حوله في أكتوبر الماضي وقتل أكثر من 350 شخصا وشرد 400 ألف إندونيسي، ما رآه في هذه الرحلة بأنه "عجيب" ولم يشاهده في حياته قط. وقال "خلال رحلتي لم أر مثل ذلك في أي مكان.. أتوقف دائما لأتذكر الذين كانوا يسكنون هذه البيوت وأين هم الآن لأحمد الله أنه يحفظنا من هذه الكوارث"، وفقا لرويترز. وزار سوليس، وهو متقاعد، مدينة يوجياكارتا في جزيرة جاوة الوسطى، والتي ضربها الزلزال المدمر في عام 2006 وراح ضحيته ما يقرب من 5700 إندونيسي. وتقع أندونيسيا، البلد الإسلامي الأكبر من حيث عدد السكان بربع مليار نسمة، في منطقة بالمحيط الهادي تسمى "دائرة النار"، والتي تتميز بنشاطها البركاني والزلزالي، وعانت الكثير من الكوارث الطبيعية المتكررة مثل الزلازل وأمواج المد وفيضانات تسونامي والثورات البركانية. ويقول إدوين ايسمادي هيناما، وهو من رابطة الوكالات السياحية المحلية في أندونيسيا: "في الرحلة الجديدة لحزمة البركان سوف نأخذ عملاءنا إلى أقرب قرية من بركان ميرابي لكي يشاهدوا مدى الخراب الذي تعرضت له هذه القرية". وأضاف هيناما: "سوف ننظم لهم جولات سياحية أخرى نحو النهر لمشاهدة الفيضانات البركانية والدمار الذي نجم عنه".. وتعتبر السياحة من مصادر الدخل الأساسية لإندونيسيا، حيث تشكل 3% من إجمالي ناتجها المحلي. وتأثرت السياحة في أندونيسيا كثيرا في أعقاب الكوارث التي تعرضت لها البلاد، حيث تم إغلاق مطار العاصمة في إندونيسيا لمدة أسبوعين نتيجة لنشاط بركان ميرابي، واضطر عدد كبير من وكالات السياحة خلال هذه الفترة إلى إلغاء الرحلات إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا. ويشير هيناما إلى أنه "خلال هذه الفترة تراجعت أعداد السياح بمقدار70% تقريبا بسبب قرار إغلاق المطار". وينظر العديد من الإندونيسيين إلى "سياحة الكوارث" باعتبارها فرصة لكسب المزيد من المال، وقالت باونت، امرأة إندونيسية تبلغ من العمر 60 عاما فقدت منزلها في ثورة بركان ميرابي: "إنه لأمر جيد استغلال الكارثة في الحصول على المال". وتقوم باونت أثناء زيارة السياح للمناطق التي تأثرت ببركان ميرابي بالجلوس على كرسي صغير وبيع المشروبات والوجبات الخفيفة للسياح أمام الأرض التي كانت تحمل منزلها قبل ثورة ميرابي، وأضافت باونت: "آمل أن يأتي المزيد من الناس لكي نحصل على مال". "غير أخلاقي" لكن البعض انتقد الفكرة باعتبارها "غير أخلاقية"، حيث ينظرون إلى "سياحة الكوارث" باعتبارها "استغلالا لذكرى معاناة الناس وآلامهم في جذب السياح". وقال بيجو ويريانتو، عمدة قرية هارجوبيناجن والتي تبعد حول 5كم (3 أميال) عن بركان ميرابي: "هناك أشخاص بلا مأوى لا يزالون يعانون من اضطرابات نفسية جراء ما حدث من ثورة بركان ميرابي.. إنهم لا يزالون يعانون لمواصلة حياتهم.. ومثل هذه الزيارات ستؤثر في حالتهم النفسية". وحذر ويريانتو من رحلات "سياحة الكوارث" قائلا: "الزيارات السياحية خلال فترة الكوارث من الممكن أن تكون خطيرة وتسبب كوارث أخرى"، وأضاف: "يأتي الآلاف من الناس إلى هنا.. يحدث زحام شديد.. أريد أن أقول إذا حدث شيء ما فمن يستطيع أن يضمن سلامة هؤلاء السياح؟". واستدرك ويريانتو قائلا: "أتمنى أن يكبح السياح فضولهم وينتظروا حتى تصبح هذه الأماكن آمنة تماما". تشجيع السياحة إلا أن وزارة السياحة الإندونيسية دافعت عن "سياحة الكوارث" ورحبت بمثل هذا النوع من السياحة في سبيل إعادة وتشجيع الترويج السياحي الذي تتضرر كثيرا في السابق نتيجة للكوارث التي تعرضت لها البلاد. وقال رحيم فيرمانسياه، مدير عمليات التطوير في وزارة السياحة الإندونيسية: "إننا نرسل السياح في رحلة جميلة إلى ميرابي لا لكي يشاهدوا معاناة الشعب وإنما لكي يتمتعوا بمشاهد لن يروها في أي مكان". وأضاف مدير عمليات التطوير في وزارة السياحة: "إن سياسة الوزارة هي الانتظار حتى التأكد من أن تلك الأماكن أصبحت آمنة تماما لزيارة السائحين"، مشيرا إلى أن "منطقة ميرابي بدأت الآن الدخول في مرحلة الأمان، لذلك نحن نريد دعوة السياح وإعادة الاقتصاد السياحي إلى ما كان عليه قبل ذلك". وتدرس الحكومة الإندونيسية حاليا إقامة مزار سياحي في إقليم أتشي وهو مقاطعة تقع في الشمال الغربي لإندونيسيا، وتعرضت لدمار ضخم جراء فيضان تسونامي عام 2004. كما أقامت الحكومة الإندونيسية قبل ذلك في العاصمة المركزية لإقليم باندا أتشيه متحفا لعرض مآسي تسونامي. وفي هذا الصدد أوضح رحيم "أن مثل هذه الزيارات السياحية مهمة لكي يراقب السائحون إعادة بناء المدينة بعد أن ضربتها أمواج تسونامي العاتية، ولتوضيح كيف كانت قوة تسونامي من جهة، وإلى أي مدى تم عودة المدينة للحياة مرة أخرى". * يقول إدوين ايسمادي هيناما، وهو من رابطة الوكالات السياحية المحلية في إندونيسيا: "في الرحلة الجديدة لحزمة البركان سوف نأخذ عملاءنا إلى أقرب قرية من بركان ميرابي لكي يشاهدوا مدى الخراب الذي تعرضت له هذه القرية". وأضاف هيناما: "سوف ننظم لهم جولات سياحية أخرى نحو النهر لمشاهدة الفيضانات البركانية والدمار الذي نجم عنه".. وتعتبر السياحة من مصادر الدخل الأساسية لإندونيسيا، حيث تشكل 3% من إجمالي ناتجها المحلي. * البعض انتقد الفكرة باعتبارها "غير أخلاقية"، حيث ينظرون إلى "سياحة الكوارث" باعتبارها "استغلالا لذكرى معاناة الناس وآلامهم في جذب السياح".