لم تعد ظاهرة الفتيات (المسترجلات) غريبة في مجتمعنا، لما تشهده من تزايد ملفت للانتباه في أعداد هذه الفئة من بنات حواء، لاسيما في المدارس بأطوارها المختلفة والجامعات أيضا، لكن ما بات يثير الدهشة لديهن أنهن لم يعدن يكتفين بالتشبه بالرجال في ثيابهن، وقصات شعورهن وأسلوبهن في الكلام، وسلوكاتهن أيضا بل وصل الأمر إلى التحرش ومعاكسة بنات من جنسهن. عتيقة مغوفل الفتيات (المسترجلات) أو(غارسون مونكي) مثلما يحلو للكثيرين تسميتهن، لا يخفين تمردهن على الأنوثة التي هي في نظرهن ضعفا وعقبة أمام الكثير من الحقوق الطبيعية التي حولها المجتمع بعاداته وتقاليده إلى ممنوعات ومحرمات في رأي هذه الفئة التي باتت تمارس سلوكات غريبة تجاوزت حدود التقليد الشكلي إلى تصرفات لا أخلاقية أكثر جرأة، كالتحرش بالفتيات ومعاكستهن على طريقة الذكور أو بتحريض من الذكور. انتشار الظاهرة عبر الجامعات حتى نتمكن من إنجاز موضوعنا قابلت (أخبار اليوم) بعض الطالبات الجامعيات بالجامعة المركزية بالجزائر العاصمة، وقد كشفت بعض الفتيات لنا أنهن تعرضن لمضايقات وصفنها بالمقززة، من قبل فتيات تشبهن بالرجال، حتى وإن كن أنيقات في مظهرهن، لكن تصرفاتهن الغريبة والشاذة حوّلتهن إلى ظاهرة لا يمكن السكوت عنها، على حد تعبير إحدى الطالبات المسماة (نورهان) التي سردت كيف أنها كانت في العديد من المرات ضحية معاكسات شاذة من قبل هذه الفئة، بحيث ترصدتها إحداهن خلف عمارة قسم الآداب، على متن سيارة كانت تقودها فتاة بمظهر لا يبعث على الاطمئنان مثلما قالت، مؤكدة بأن عددهن كان ثلاثة وأمطرنها بعبارات المعاكسات المتداولة عموما في أوساط الذكور، مما أشعرها بالخوف فعادت أدراجها إلى ساحة الكلية لانتظار زميلاتها بدل التجول وحدها. وعلقت طالبة أخرى بأن الظاهرة لم تعد غريبة، لأن هذه الفئة لم تعد تتستر على أفعالها وإنما تعلنها جهارا نهارا كما قالت، وأشارت إلى إحدى الطالبات التي بدت لنا في البداية أنها عادية، قبل أن تتفوه أمامنا بألفاظ بذيئة وهي تقترب من ثلة رفاق كانوا يتكئون على سيارة بنوافذ مظللة. وذكرت بعض الطالبات بأن الظاهرة مسجلة بالإقامات الجامعية، بشكل مثير للجدل واعترفن بخوفهن وعدم اقترابهن منهن حتى لا يتعرضن لسوء
حتى الثانويات لم تسلم من الآفة كل ما سمعناه جعل الفضول ينتابنا من أجل التحدث مع بعض التلميذات في الطور الثانوي، فوجدنا أن الأمر لم يعد يتوقف عند تقليد الذكور في كل شيء حتى في الملابس والعطور بل تجاوزه إلى معاكسة الفتيات في الشوارع، وبنفس العبارات والإيحاءات التي تعودوا على سماعها من الذكور، حيث سردت إحداهن كيف أنها كانت ضحية تحرش من قبل فتاة (مسترجلة) بحي ميسوني بقلب العاصمة، مما استدعى تدخل والدها حتى يكف بلاء المسترجلة عنها. وبخصوص هذه الفتاة قالت محدثتنا بأن عمرها يتراوح ما بين 20 و 22سنة، كما أنها غالبا ما تكون برفقة منحرفين ذكور، وأضافت بأن الفتاة المسترجلة التي تقطن في حي شعبي، تعرضت مؤخرا لاعتداء بالسلاح الأبيض على مستوى الوجه. وذكرت تلميذة في القسم النهائي بأنها تفاجأت، مؤخرا وهي تخرج من حصة دعم بمركز تكوين خاص بوسط المدينة باقتراب شاب منها، بدأ في مغازلتها قبل أن تسمع قهقهات بعض الذكور الذين كانوا يقفون أمام مطعم للأكلات السريعة، والذين أعجبوا بطريقة المعاكسة وقالوا إنها أفضل منهم لتعرف بأن معاكسها لم يكن سوى فتاة متشبهة بالرجل وبأدق التفاصيل، ولما روت ما حدث لها ولصديقاتها أخبرنها بأن الظاهرة لم تعد بالمثيرة للاستغراب، لأنهن يسجلنها باستمرار وسردن لها قصة فتاة مسترجلة لم تخف حبها لزميلة لهن، وأكدن بأن مثل هذه الأمور باتت شبه عادية في يومياتهن. رأي علم النفس في الظاهرة وحتى نعرف الأسباب التي تدفع المرأة إلى التشبه بالرجال، ربطت أخبار اليوم اتصالا هاتفيا بالمختص النفسي (سليم بومرتيت) الذي اعتبر أن هذه الفئة من البنات ضحايا بيئة ذكورية، جعلتهن يفرن إلى عالم وهمي، يحاولن من خلاله الشعور بالمساواة أو على الأقل محاولة الحصول على بعض الحقوق التي حرمتهن منها العادات والتقاليد، وحمل الأسرة المسؤولية في انتشار ما وصفها بالمشكلة الدخيلة على مجتمعنا، خاصة عندما يتجاوز الأمر حدود التقليد في اللباس إلى الظواهر الشاذة. كما انتقد الآباء الذين يعاملون بناتهم كذكور وأبناءهم كإناث في مرحلة الطفولة، لما لذلك من أثر سلبي على حياتهم لاحقا، حيث تظهر على بعضهم اضطرابات نفسية، غالبا ما تكون لها علاقة برفض الجنس الذي ينتمون إليه. ومن جهته يرى المختص أن ظاهرة تحرش المسترجلات ببنات جنسهن، قد يكون له أسباب إما معاناة هؤلاء من مشاكل أخلاقية شاذة أو مجرد طريقة للتعبير عن تمردهن الذي فشلن إلى حد ما في تحقيقه بشكلهن وتشبههن بالرجال شكلا وتصرفا، فحاولن إيجاد أسلوب آخر لاستفزاز الغير، مضيفا بأن هؤلاء في حاجة إلى تكفل نفسي جاد وعلى عائلاتهن تقديم الدعم النفسي والمعنوي لهن.