** أعمل في شركة كمحاسب وموظف إداري، ولكن عملي ضئيل وقليل جداً جداً، وأحيانا أحضر إلى المكتب في الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساءً من دون أن يُطلب مني أي عمل، وأقضي وقت عملي ولله الحمد بالتسبيح وقراءة القرآن والتصفح في الإنترنت، ولكن عند أخذي للراتب، أفكر بأنني لم أتعب للحصول على هذا المال، فأحس أنه دون بركة، أفيدوني أفادكم الله، هل أستمر في هذا العمل أم أبحث عن عمل آخر؟ * يفرق الفقهاء بين من يعمل عملاً عاماً لكل الناس كالخياط والخباز ونحوهما فيسمونه «الأجير المشترك»؛ لأنه يعمل للجميع بمقابل مادي، وبين رجل مستأجر أو موظف لصالح جهة معينة، لها عليه صلاحية أن تلزمه بدوام معين وتمنعه من العمل إلا لمصلحتها في وقت الدوام، وهذا يسمونه «الأجير الخاص»، وهذا الأخير يستحق الأجر بوضع نفسه تحت تصرف جهة العمل، وله أخذ راتبه سواء عمل أم لم يعمل، وبالتالي فراتبك حلال يجوز لك أخذه لأن حالتك من نوع الأجير الخاص، سواء عملت أم لم تعمل، وقد تم الاتفاق بينك وبين رب العمل على هذا، والمؤمنون عند شروطهم. وقد جاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: «وَالأجير الْخَاصُّ يَسْتَحِقُّ الأجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ»، أَيْ الأجِيرُ الْخَاصُّ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ سُمِّيَ أَجِيرا خَاصًّا وَأَجِيرَ وَاحَدٍ؛ لأنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لأنَّ مَنَافِعَهُ فِي الْمُدَّةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ وَالأجْرُ مُقَابَلٌ بِهَا فَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْعَمَلِ مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ التَّمَكُّنَ مِنْ الْعَمَلِ. وعلى هذا أخي السائل: أنت ملتزم في مكان العمل لأجل وظيفتك بالمدة فإن وجدت عملاً عملته، وإن لم تجد شيئاً فلا شيء عليك بهذا، وتستحق الأجرة على ذلك، وعليك أن تبادر في تقديم الأفكار والمشروعات التي تعود بالنفع على صاحب العمل أو الجهة التي تعمل فيها. والله أعلم.