تركيا هذا البلد الساحر الذي بات حديث كل صغير وكبير حتى أضحينا لا نكف يوما على الاهتمام بكل ما هو تركي، فمن لباس إلى أفلام ومؤخرا حتى الطعام صار تركيا فما هو سر بروز تركيا في الجزائر وتميزها عن باقي دول العالم، فقد غزت المنتجات التركية الأسواق الجزائرية منها فمن مسلسلات رائعة ومحترفة جدا لبت رغبة المجتمع المتعطش للعاطفة والرومانسية التي كانت قريبة للواقع منها إلى الخيال، فمواضيع مختلفة وجديدة أيضا أثرت على حياة الجزائريين، الممثلون يمكن القول عنهم إنهم اختيروا بعناية شديدة حتى يكونوا في مستوى تطلعات المشاهد الذي لم يألف هذا في المسلسلات العربية أو المدبلجة. وما كان لافتا أيضا هي الديكورات المنزلية المستعملة في الأفلام التركية التي كانت هي الأخرى في مستوى تطلعات المشاهد العربي والجزائري على وجه الخصوص الذي لم يعهد حقيقة هذا المستوى من الإبداع. أحفاد العثمانيين بعد نجاح مسلسلاتهم صاروا قبلة السياح الأولى على غرار السياح الجزائريين، منتجاتهم تغرق الأسواق في كل تفصيل، ملابسهم أثاثهم ومؤخرا حتى طعامهم. فشباب اليوم يميلون أكثر للموضة التركية، فنجد الفتيات يلبسن الحجاب التركي بكثرة والذي يتصف بطابعه الأنثوي جدا لأنه يعتمد الفساتين والتنانير والخمار الذي يوضع ببساطة ودون تكلف عكس الحجاب الخليجي، ونجد الذكور بدورهم يلبسون الأطقم الكلاسيكية على طريقة (علمدار) تركيا أو العادية على طريقة أبطال المسلسلات الذين نجحوا في إيجاد مكان لهم في (العقلية) الجزائرية وطريقة اللبس. أما أثاثهم وديكوراتهم المنزلية فهي ملائمة للبيوت الجزائرية الضيقة نوعا ما فهي تتصف بالبساطة والعملية، بحيث تخصصت العديد من المحلات في عرض مختلف المنتجات التركية وتعرف تلك المحلات إقبالا متزايدا على الرغم من ارتفاع الأسعار، فاللهث وراء الذوق التركي أنسى الجزائريين عامل غلاء الأسعار، ويجمع الكل أن نوعية الأثاث المنزلي التركي تحتل المرتبة الأولى حاليا في السوق الجزائرية بالنظر إلى الجودة والتنميق، فكل تلك المقاييس جعلت الإقبال واسعا على الأثاث التركي كفرع نشط فيه العديد من التجار الجزائريين ورأوا فيه تجارة رائجة في هذه الأيام ومطلوبة كثيرا، ومن دون أن ننسى جانب الأكل وتعدد الأطباق التركية التي بات يحفظها الجزائريون عن ظهر قلب ناهيك عن اللباس، ولعل أغرب ما شهدناه هو إقبال الجزائريين على تعلم اللغة التركية فمنهم من يريد الحصول على عمل مستقر أو لأجل التسجيل في الجامعات التركية الخاصة أو حتى لأجل المتعة الشخصية فقط. ختاما يمكن القول إنه بتضافر العوامل التاريخية والعقائدية والجغرافية أحرزت تركيا هذه القوة المكتسبة عن استحقاق ما مكنها من اكتساح الأسواق العربية من كل نواحيها، وحسب علماء الاجتماع فإن تركيا تسعى جاهدة لتثبت ثقافة العثمانيين من جديد.