كارثة إنسانية تهدد أكثر من 21 مليون يمني * تدخل الحرب في اليمن مرحلتها الأسوأ ولا سيما عندما ترتكز الورقة السياسية بشكل أساسي على الجانب الإنساني كما يفعل الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح اللذان يستغلان الوضع الإنساني كورقة أساسية في الحرب تشير آخر تقديرات مكتب الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن 21.1 مليون يمني من بين ما يقارب 26 مليوناً بحاجة إلى المساعدة الإنسانية أي ما نسبته 80 في المائة من السكان وكذلك فإن 20.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب وهناك 15.2 مليون بحاجة إلى رعاية صحة و12.9 مليوناً لا يحصلون على التغذية الكافية و850 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد وتشرّد أكثر من مليون نازح من مناطق النزاع آلاف منهم إلى خارج البلاد والبقية إلى مناطق أخرى واعتمد الحوثيون منذ بدء معاركهم لإسقاط الدولة من دماج في صعدة على استراتيجية الحصار الإنساني والتجويع من خلال احتلال الطرق والمنافذ التي قد تكون وسيلة لإدخال المساعدات الإنسانية الإغاثية وانتقلوا منها إلى كتاف معتمدين الطريقة نفسها وعند إسقاطهم عمران فرضوا حصاراً على صنعاء توّجوه في 21 سبتمبر من العام الماضي عندما احتلوا المنافذ ومنها نفذوا الانقلاب ثم تخلّوا لفترة عن هذا الأسلوب وتحوّلوا إلى استلام وتسليم بفضل تحالفهم مع صالح الذي كان رجاله وجنوده هم من يحكمون ويديرون المحافظات والمناطق لذلك كانوا يعلنون الولاء والتسليم للمليشيات الجديدة الحاكمة لكن مع محاولة الحوثيين اجتياح الجنوب وظهور مقاومة ضدهم ثم انطلاق (عاصفة الحزم) للتحالف العربي وفرض حصار عسكري جوي وبحري وبري على الحوثيين وقوات صالح ألقى هؤلاء كل ثقلهم من أجل السيطرة على المنافذ المهمة من مطارات ومنافذ بحرية وبرية وجوية على الرغم من ضربات التحالف والمقاومة حينها إلا أنه كان ما زال لديهم قوة كبيرة والمقاومة لم تكن حاضرة كما اليوم لذلك استعاد الحوثيون والمخلوع الأسلوب السابق فقد بات الحصار الإنساني ورقتهما الأساسية لذلك تفننا في استخدامه حتى بات أكثر ضرراً وفتكاً من الحرب نفسها الموت بالسلاح أو بالجوع ولجأ الحوثيون إلى كافة الوسائل لدفع السكان للاستسلام حتى لو تعددت وسائل الموت هذا بين الموت بالسلاح أو الموت جوعاً فضلاً عن الموت عبر الأوبئة القاتلة أو بسبب ارتفاع درجة الحرارة في المناطق الساحلية الممتدة من شرق اليمن إلى غربه وتُعدّ عدن النموذج الأبرز للموت الجماعي الذي يتهم الحوثيون والمخلوع بفرضه من خلال منع وصول المساعدات الإنسانية الإغاثية ومنع مكافحة انتشار الأوبئة القاتلة التي تفتك بالمواطنين أكثر من المعارك والأسلحة فضلاً عن الجوع والفقر في ظل حصار محكم تفرضه هذه القوات بما فيها حصار بالقذائف والصواريخ وأظهرت إحصاءات غير رسمية لمنظمات حقوقية وناشطين ميدانيين أن 858 مواطناً في عدن قُتلوا خلال مائة يوم من بدء الأزمة اليمنية إضافة إلى سقوط 6879 جريحاً وتشير معلومات ميدانية وتقارير لمنظمات مجتمعية وحقوقية إلى أن الحوثيين باتوا يتاجرون في المساعدات الإنسانية الإغاثية من مواد إغاثية ووقود وأدوية في المحافظات الرافضة لهم والتي فيها مقاومة قليلة لهم ويتحكمون في كل شيء فيبيعون المساعدات في السوق السوداء ليستفيدوا منها وتحوّل الكثير من قادتهم وعناصرهم ومناصريهم إلى تجار من خلال الاستفادة من هذه المساعدات الإنسانية وبيعها ويقول عاملون في منظمات يمنية عدة إن منظمات دولية تعلم أن الحوثيين يسيطرون على كل المساعدات ويبيعونها بل إن بعض هذه المنظمات تسلّم المساعدات للحوثيين على الرغم من علمها بأنهم لن يوصلوها إلى المناطق المنكوبة عدا تلك الحاضنة لهم الممتدة من ذمار إلى صعدة والتي يوزعون فيها جزءاً من المساعدات بينما يتاجرون بالباقي في محافظة فيها مقاومة أقل لكن بأسعار باهظة دروع بشرية ووفق معلومات ميدانية فبعض المحافظات والمناطق لا يسمح الحوثيون وحلفاؤهم بدخول أي مساعدات لها كالضالع وعدن وتعز ولحج وأبين فضلاً عن مناطق في شبوة ومأرب والجوف إلا عبر التهريب فيما مناطق ومحافظات أخرى كمحافظات إب والحديدة وريمة والبيضاء تدخل المواد التموينية والغذائية إليها عبر تجار حوثيين ضمن المجهود الحربي لكن بأسعار خيالية لا يتمكن المواطن فيها من شرائها بعد أن توقفت أعمال أغلبية الشعب اليمني ولم يعد لديهم أي مصادر دخل كما أن موظفي الدولة في هذه المحافظات لم يتسلموا مرتباتهم باستثناء الموجودين في محافظاتصنعاء وذمار وعمران وصعدة وحجة والمحويت وهي مناطق حاضنة للحوثيين وموالية لهم بينما لم يعد للآخرين ما يملكون لشراء ما يسد رمقهم لذلك تبرز مخاوف من أن استمرار مليشيات الحوثيين والمخلوع في فرض هذا الحصار القاتل واستمرار الحرب وعدم حصول تدخل عسكري لفكه قد يجعل الشهور المقبلة تشهد موتاً جماعياً بسبب الجوع وحتى المحافظات الشرقية والتي تمثّل منبع الثروات لا سيما حضرموت التي لا توجد فيها حرب حالياً فإن الوضع الإنساني فيها في غاية الصعوبة ويسري عليها من قبل الحوثيين والمخلوع ما يسري على المحافظات الأخرى مع تميزها بوصول بعض المساعدات من سلطنة عمان والسعودية نتيجة لارتباط هذه المحافظة حدودياً بهاتين الدولتين أما العاصمة صنعاء فتُعدّ الأفضل في وصول المساعدات الإنسانية الإغاثية لها لكنها تدفع ثمن المجهود الحربي الذي يفرضه الحوثيون وقوات صالح مع توفّر القليل من الوقود وسط تردي الوضع المعيشي بشكل مستمر وتأثر دخل الأسر والزراعة كما أن رواتب الموظفين يتم استقطاع جزء كبير منها لصالح المجهود الحربي كما يؤكد الناشط عمار الخولاني ل(العربي الجديد) ويشير الخولاني إلى أن (صنعاء وإضافة إلى معاناتها إنسانياً فإنها تعاني من شدة ضربات التحالف العربي والانفلات الأمني كما أن نشر الحوثيين وصالح الأسلحة في الأحياء السكنية ومنازل بعض مناصريهم يرفع عدد الضحايا من المدنيين فضلاً عن قصف مخازن الأسلحة في الجبال المحيطة في صنعاء والتي تتضرر منها الأحياء السكنية) ويتعمد الحوثيون في حربهم استهداف المستشفيات وفق اتهامات العديد من المنظمات والهيئات المحلية ففي محافظاتعدن والضالع وتعز يقوم الحوثيون وحلفاؤهم باستهداف المستشفيات كأول هدف لهم إلى جانب الكهرباء والماء وعندما يسيطرون على بعض المناطق يغلقون المستشفيات فيها كما حصل حتى الآن في الضالع ولحج وعدن والأخيرة تم فيها إغلاق أكبر مستشفى حكومي في المحافظة وتم نهب معداته فيما يقطعون المياه والكهرباء عن هذه المناطق وتتسبب انقطاعات الكهرباء والماء والوقود في المناطق الحارة في انتشار الأوبئة القاتلة التي تخلّف ضحايا أكثر من ضحايا الحرب كما هو الحال في عدن ووفقاً لمتابعين وأطراف سياسية ومنظمات محلية ودولية فالحوثيون وصالح يستخدمون الشعب اليمني كله كدروع بشرية سواء من خلال اعتقال الآلاف ووضعهم في مخازن أسلحتهم أو من خلال تحويل المدن والأحياء والمنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد ودور الأيتام والمؤسسات والمرافق الخدمية الحكومية والشركات والمصانع إلى مخازن أسلحة