بين متضامن ومحايد ومُشعل للفتنة* * (التخلاط) المغربي يتواصل لإثارة الفوضى في غرداية* * (جون أفريك): (أحداث غرداية تكتسي خطورة غير مسبوقة)* واصلت الأحداث الدامية التي شهدتها ولاية غرداية في الأيّام الأخيرة إسالة الحبر عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية على نحو يؤكّد أن العالم (منشغل) بما جرى في هذه الولاية المحافظة وهو ما يعزّز فرضية وجود مخطّط خارجي لإثارة الفوضى وإراقة دماء الجزائريين انطلاقا من (قلبها النابض) وادي ميزاب. يكفي أن تكتب اسم غرداية على أحد محرّكات البحث على الأنترنت لتطالع عددا كبيرا جدّا من التقارير المختلفة من مختلف بقاع الأرض بين من يتناول الجوانب المعلوماتية الإخبارية من زاوية إعلامية موضوعية حيادية ومن يتضامن مع أبناء غرداية وبين من يحاول صبّ مزيد من البنزين على النّار. وفي هذا السياق تواصل (التخلاط) المغربي الهادف إلى زعزعة استقرار الجزائر وإثارة الفوضى في غرداية وغيرها وعلى عكس غالبية الأشقّاء المغاربة الذين يدركون أن أمن الجزائر من أمن المغرب راحت جماعة مشبوهة تنظّم وقفة احتجاجية وسط مدينة الدار البيضاء المغربية مساء السبت تضامنا مع من اعتبروهم (ضحايا التصفية العرقية) في مدينة غرادية واحتجاجا على ما أسموه ب (القمع الذي يتعرّض له الأمازيغ في الجزائر). من جانب آخر كتبت الأسبوعية الدولية (جون أفريك) في عددها الذي صدر أمس الأحد أن أعمال العنف التي اندلعت في غرداية تكتسي خطورة غير مسبوقة بالنّظر إلى عدد الضحايا وحجم الأضرار المادية والصدمة الوطنية التي أحدثتها. وقالت الأسبوعية الشهيرة إن المنطقة كانت منذ 2013 مسرحا لأعمال عنف بين المالكية والإباضية حيث تعايش الطرفان منذ 11 قرنا لكن المواجهات هذه المرّة اكتست خطورة غير مسبوقة من حيث عدد الضحايا وحجم الخسائر المادية والصدمة الوطنية التي أحدثتها مضيفة أنها المرّة الأولى خلال 15 سنة التي يتدخّل فيها الجيش في تدبير نزاع بين الأهالي. في سياق متّصل دعا حزب الحرّية والعدالة العقلاء والقوى السياسية والمثقّفين والمجتمع المدني والعلماء إلى الوقوف إلى جانب الجيش وقوّات الأمن لإخماد نار الفتنة في غرداية. وأشار الحزب في بيان له إلى أنه (يدعو في هذا الشهر الكريم العقلاء والقوى السياسية والمثقّفين والمجتمع المدني والعلماء إلى الوقوف إلى جانب الجيش والقوّات الأمنية لإخماد نار الفتنة في غرداية لحرمان القوى الأجنبية العدوانية من أيّ ذريعة للتدخّل في بلادنا كما حدث ذلك بالقرب من حدودنا). ودعا الحزب السلطات إلى (ترجمة الإجراءات الرئاسية الأخيرة على أرض الواقع بشكل ملموس ودون مجاملة). وأشاد حزب الحرّية والعدالة بدور (الجيش وقوّات الأمن الذين يسهرون على أمن المواطن) معتبرا أنه (من الواجب الوطني الوقوف إلى جانبهم في مهمّتهم المتمثّلة في إقرار الأمن والدفاع عن حدودنا) واختتم يقول إنه (لا حاجة إلى التذكير بأن نفس الواجب يفرض علينا ترك حسابانتا وخلافاتنا جنبا والوقوف وقفة تضامنية من أجل القضاء على مصادر الخطر وسدّ أيّ ثغرة في صرح الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية). للإشارة عاد الهدوء إلى ولاية غرداية عقب الأحداث المؤلمة التي خلّفت عشرات القتلى والمصابين في كلّ من مدن بريان والفرارة وسهل وادي ميزاب. وقد عادت الأجواء العادية إلى منطقة سهل وادي ميزاب التي اكتظت بالمواطنين حيث أعيد فتح المحلاّت واستؤنفت حركة المرور على خلاف ما كان عليه الأمر خلال الأيّام الأخيرة عندما كانت عديد الطرقات والساحات العمومية مهجورة. وذكر عدد من ممثّلي مختلف الهياكل الاجتماعية في المنطقة أنه سجّل تحسّن في الوضع الأمني في المنطقة غداة زيارة وفد وزاري كان قد قاده الوزير الأوّل. وحيّا منتخبون (عودة الحياة إلى مجراها الطبيعي) في غرداية مؤكّدين أن (الوضعية الأمنية تتحسّن بشكل سريع أكثر ممّا كنّا ننتظره). من جهتهم أعرب عدد من مواطني غرداية عن (اعترافهم وشكرهم لرئيس الجمهورية للقرارات الحازمة التي اتّخذها في ظرف صعب من أجل وضع حدّ للتفرقة التي تهدّد الوحدة الوطنية) ووجهت نداءات للتهدئة وتجنّب كلّ أشكال الكراهية عبر مختلف مساجد مناطق الولاية حيث ركّز الأئمة في خطبتي صلاة الجمعة على تهدئة النفوس والوئام والمصالحة كما تحثّ عليه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. (نحن كلّنا مسلمون ويتعيّن علينا أن نجتمع حول القيم الإسلامية التي تحثّ على أمن الفرد وممتلكاته) كما حرص على تأكيده إمام من حي ثنية المخزن. وبدأ مواطنون بمدينتي الفرارة وبريان اللتين لا زالتا تنتشر بهما مخلّفات الأحداث الأليمة التفكير (في غد أفضل) وهم بصدد التفكير الفعلي في كيفية إعادة بناء هاتين المدينتين بمساعدة السلطات العمومية. وفي أجواء من الترحّم جرت مراسم دفن ضحايا هذه الأحداث في هاتين المدينتين في صبيحة يوم السبت في كنف الهدوء. ولم يسجّل أيّ حادث منذ مساء الخميس في منطقة غرداية التي تمّ بها نشر تعزيزات أمنية للشرطة مدعّمة بفِرق مكافحة الشغب التابعة للدرك الوطني المنتشرة عبر شوارع وأحياء سهل وادي ميزاب. وساهمت عملية إعادة انتشار قوّات الأمن وإيقاف أكثر من أربعين شخصا من المشتبه في مشاركتهم في تلك الأحداث المؤسفة في عودة الهدوء وإعادة فتح المحلاّت التجارية في المنطقة كما لوحظ أيضا. وقد تنقّل الوزير الأوّل عبد المالك سلاّل الخميس المنصرم إلى ولاية غرداية حيث عقد اجتماعا مع مجموع المسؤولين المكلّفين باستعادة الاستقرار والسكينة وفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية. وكان السيّد سلاّل أكّد أمام ممثّلي النسيج الاجتماعي للمنطقة عزم الدولة على استعادة السكينة والهدوء والتماسك الاجتماعي في المنطقة.