السلطات المحلية تلتزم الصمت أقطاب سياحية هامة تنتظر التهيئة في سطيف تزخر ولاية سطيف بثروة تراثية كبيرة جعلتها واحدة من أعرق ولايات الوطن الحبيب فكل زائر للولاية ينبهر من جمال المنطقة ورونقها لكن السؤال الذي يظل مطروحا هو: لماذا لا توجد جهود لتنشيط السياحة الثقافية في ولاية تكتظ بالآثار حيث إن بعضها يحمل مواصفات عالمية؟ لماذا كل تلك المظاهر التي تجعل السائح ينفر: لا أماكن للجلوس لا نظافة ولا خدمات إرشادية كافية.؟ مليكة حراث في حديث جمعنا مع بعض سكان الولاية حول آثار المنطقة أكدوا لنا أن السلطات المحلية قد أهملت الطابع السياحي للمنطقة قال أحدهم: ما لا أفهمه هو سبب اقتياد الوفود الأجنبية إلى مواقع قليلة في سطيف في حين أن هناك مواقع أجمل تعاني الإهمال حتى في أبسط شروط الصيانة والحفظ. المرافق العمومية غائبة في هذا السياق أكدت الأستاذة علجية حملات من جامعة سطيف2 أن موقع ثيغزيرت مثلا فشل حتى في استقطاب السياحة الداخلية نظرا لدرجة الإهمال التي طالته مع أنه يحتوي آثارا ومناظر مدهشة واقترحت المتحدثة إجراء صيانة يومية للموقع تكملة الأجزاء المتضررة منه إنشاء مراحيض عمومية بالموقع لأن غالبية الزوار تنصرف عن زيارته بسبب انعدام مرافق ضرورية كهذه لها ولأطفالها وكذا إنشاء مقاه ومحلات إطعام سريع صغيرة في المساحات الخضراء الخالية من الآثار مع وضع كراس وجسور صغيرة من الخشب لتسهيل المشي والجلوس في حال التعب واقترحت أيضا وضع إضاءات لسياحة ليلية يشتهيها الزوار القيام باستغلال الموقع لإقامة مهرجانات شعبية وثقافية وإغراء الفنانين بتصوير كليباتهم هناك أو أنجاز بعض الأعمال الفنية بها ما يدفع الجمهور إلى الإقبال. من بين المقترحات أيضا: إنشاء متحف لاحتواء القطع الصغيرة جدا وبناء سور يسمح برؤية الموقع من الخارج ويحميه في الآن ذاته مع ضرورة وضع مسالك بين الآثار لتجنب دوْسها. عين حنش ومانس.. ومواقع أخرى أشار الباحث عمار شايب إلى أن أهم ما يجتذب الزوار والسياح هو قوس كركلا الشهير وذكر أن (بناءه تم حوالي سنة 229م تخليدا للإمبراطور كركلا) وتأسف لكون (معظم الجزائريين لا يعرفون أنه الأصل وأن ذاك الموجود في فرنسا ليس سوى تحفة مقلدة). ويرى المتحدث أن (هذه القبور الرومانية الموجودة في المنطقة كانت كاملة قبل 10 سنوات لكن الفيضانات والظروف الاجتماعية ساعدت على خلخلة أجزاء منها وتصديعها. ومن بين الأماكن الذي تشد إليها الأنظار آثار عين حنش.. مصدر أهم القطع الأثرية في الولاية كثير منها يعود لما قبل التاريخ. أما (مانس) فهو موقع يقع 35 كلم شمال شرق مدينة سطيف فقد اكتسب شهرته من تلك الآثار التي استخرجت منه خاصة تمثال الإله جوبيتير. قاصدو منطقة (زرايرة) يذهلون لمنظر تلك الصخرة الكبيرة المنقسمة إلى جزأين بنقوشها القديمة جدا التي تعود إلى العصر الحجري القديم وكذلك القطع الحجرية المصقولة والمنقوشة التي تحوي كتابات قديمة. ومن المواقع الأثرية الهامة التي تستقطب الباحثين أكثر من الزوار الحي المسيحي حيث بيت التعميد وكذلك الحمامات الرومانية التي تمد عين الفوارة بمائها الذي لفقت حوله القصص الطريفة. بيت أول مَن فائز بجائزة نوبل للسلام مهمل الإهمال طال أيضا البيت العريق الذي كان في يوم من الأيام بيت هنري دونان (مؤسس الصليب الأحمر الدولي وأحد مهندسي اتفاقية حقوق الإنسان الدولية وأول من فاز بجائزة (نوبلس للسلام) هذا الرجل الهام جدا في تاريخ أروبا أثناء القرن العشرين رجل الأعمال السويسري ورغم سمعته الدولية ليس معروفا تماما لدى كل سكان سطيف ومجهول تماما خارجها مع أنه قضى جزءا من حياته فيها كان أول مَن فاز بجائزة (نوبل) للسلام في العالم. في عام 1863 نجح في إدارة شركة تجارية في شمال إفريقيا وصار مُديرا عاما لأحد فروعها في الجزائر وقبل ذلك بنى له بيتا كبيرا وسط مزارع بسطيف وبفضله تشكلت في عام 1863 بجنيف (اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى) التي كان (دونان) أحد أعضائها والتي أصبحت في ما بعد (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) ونال أول جائزة نوبل للسلام. قطع نادرة عالميا يضم متحف سطيف اثنتين من أندر الفسيفساءات في العالم: فسيفساء فينوس آلهة الحب والجمال وفسيفساء الإله باخوس حيث يقول مدير المتحف السيد رياش إن (فسيفساء فينوس قطعة نادرة لا مثيل لها ولاكتمالها في كل دول العالم تم إنجازها حوالي القرن الثالث الميلادي وقد عثر عليها في حي الكنائس عمرها 17 قرنا وهي متكونة من قطع حجرية سُمكها 2ملم فقط تم إنقاذها وإعادة تركيبها قطعة بقطعة). أما فسيفساء باخوس فهي فسيفساء رومانية إفريقية بحتة وهي من القطع الإفريقية النادرة التي ظلت حتى هذا الوقت. تم العثور عليها أمام المشفى (حيث كانت المدينة الرومانية القديمة المنتهية بمقبرة) بفضل أمطار غزيرة عرّت طبقات التربة فظهر جزء من هذه الفسيفساء عام 1965. إن الاعتقاد بوجود حياة أخرى بعد الموت جعل المقابر تكتسي مظاهر الحياة هي الأخرى: أثاث كامل في بعض القبور ومستلزمات يومية.. كلٌّ يُدفن معه ما كان يمتلكه أيام حياته.. من بين تلك المدفونات فسيفساء باخوس النادرة التي أعيد تغطيتها بالتراب وظلت كذلك من منتصف الستينيات إلى 1977 حين تطوع فنيون (أغلبهم هواة) لاستخراج هذا الكنز الدفين وإعادته إلى الحياة. يعود عمر المتحف إلى 1985 ومع ذلك ورغم صغر مساحته فإن المحفوظات الموجودة داخله كنز وطني حقيقي: مسارج زيتية محلية عثر عليها في المقبرة الشرقية بسطيف يعود عمرها إلى القرنين 2م و4م جرار فخارية اكتشفت بين 1959 و1967 رضاعات أطفال من الطين الرفيع أنصال نذرية من الكلس مهداة إلى الإله ساتورن جرار كبيرة من البرونز اكتشفت في نهاية الخمسينيات مذابح صغيرة ثقالات حجرية هرمية ودائرية مذابح ذات أعمدة كتابات على نقيشات صغيرة أدوات زراعية معدنية مفاصل أبواب أقفال أسلحة زجاجات عطر حلي نسوية..الخ معظم آثار متحف سطيف مجلوبة من مواقع أثرية بالولاية الكبيرة منها تركت في أماكنها الأصلية والصغيرة تم حفظها في المتحف بعد أن تعرض قسم كبير منها (خاصة المسكوكات) إلى عمليات سرقة وتهريب. من تلك المواقع (كريكول) الذي يعود للإمبراطور الروماني نارفا والذي تم بناؤه بالتزامن مع بناء المدينة القديمة سيتيفيس (سطيف حاليا).. مدينة على الباحثين أن يطرحوا أسئلة حقيقية وجادة حول زوالها.. منها أيضا سوق الإخوة كوزيني الحمامات الرومانية المنيسة البيزنطية الساحة العمومية (فوروم كما كانت تدعى قديما) المذبح الكبير قوس كركلا بيت التعميد ومنزل باخوس. ومنها: حي الكنائس الذي شغل هكتارين من الأرض والذي انطلقت به الحفريات عام 1960 وعثر فيه على كنيستين: الأولى متجهة شرق غرب والثانية شمال جنوب وعلى أدوات من الفخار الروماني وأدوات جنائزية. أما موقع عين حنش الشهير فقد زين متحف سطيف بالقطع الأثرية بل ومتاحف الولايات المجاورة مثل قسنطينة حيث عثر به على أقدم القطع النوميدية وما عاد منها إلى ما قبل التاريخ.