قصص واقعية للعائدين من دولة الرعب --- يستمرّ تنظيم (داعش) الإرهابي في سياسته (الإغرائية) بهدف جلب المزيد من المقاتلين من كافة أنحاء العالم باتجاه سوريا والعراق ولعب الأنترنت دور كبير في بناء جيش دولة الرعب حتى من الأمريكيين أنفسهم الذين يواصلون التدفّق على التنظيم تدفعهم عوامل كثيرة من أهمّها المال والمغامرة. ق. د / وكالات قبل أن تقرر المراهقة الأمريكية شانون كونلي مورين (19 عاما) الرحيل عن أمريكا كانت لها قصة حب كتبت على إثرها عشرات المنشورات في صفحتها على (فيسبوك) عانت شانون من انتهاء قصتها ما جعلها تعاني اكتئابا مستمرا حتى التقت عبر(سكايب) شابا يقاتل في سورية إلى جانب (داعش). لم تلبث شانون أن اقتنعت بحديث الشاب ووعدته أن تغادر كولورادو وتلتحق به في جبهات القتال بحلول أفريل الماضي قطعت تذكرة سفر إلى ألمانيا ومن هناك إلى تركيا ولم تكد تطأ قدماها مطار دنفر الدولي حتى أحاط بها رجال مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي). في نفس الفترة تقريبا اعتقلت الشرطة الأمريكية بولاية شيكاغو مراهقا آخر يدعى محمد حمزة خان كان يعتزم الالتحاق ب (داعش). ولم يكد الإعلام الأمريكي ينتهي من هذه القصة حتى أوقفت السلطات الألمانية بمطار فرانكفورت الدولي ثلاث فتيات أمريكيات يعتزمن الانضمام للمتشددين في سوريا. * البحث عن الانتماء يفسر الخبير في الجماعات الإسلامية ج. م. برغر موجة التحاق الأمريكيين بداعش بكونهم يعيشون (خيبات نفسية ولا يحسون بالانتماء. فالطريقة التي توفر بها العصابات الإجرامية الشعور الأسري والانتماء للملتحقين بها يقدمها داعش للمراهقين والشباب الساخطين) ويضيف أن (الصورة العامة التي يقدمها داعش لضحاياه توحي بالألفة والروح المعنوية الجيدة والنشاط الهادف كلها ممزوجة بشعور من البطولة لم تعد موجودة. هذا يدغدغ مشاعر المراهقين الساخطين على أوضاعهم في أمريكا). ويقول برغر إن الحلات التي تابعها عن قرب أغلبها تعيش حياة من دون معنى بسبب العلاقات العاطفية الفاشلة أو المشاكل العائلية أو الإحساس بالنقص وعدم الانتماء مشيرا إلى أن (داعش يقتات من هذه الأمراض ويوظفها لتجييش المزيد من الأتباع). وكان أكثر من 20 ألف شخص من دول غربية التحقوا بمعسكرات القتال في سورية والعراق حسب خبراء في الكونغرس. وقال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر في تصريحات سابقة إن ما يقرب من 180 أمريكي حاولوا الالتحاق بداعش في سورية خلال العام الماضي. * التمزق الهوياتي تقدر الإحصائيات عدد المسلمين في الولاياتالمتحدة بحوالي سبعة ملايين مسلم 20 في المائة منهم ينتمون إلى الجيل الثاني وذلك وفقا لدراسة أعدها مركز بيو عام 2007. ويعيش معظم الشباب المسلم من الجيل الثاني أزمة هوية بسبب الثقافة المزدوجة وأحيانا القيم المتناقضة بين البيت والمدرسة والشارع. يقول الباحث الأمريكي في علم النفس جو نوفاك ) إن أغلب الذين يلتحقون ب (داعش) (يعيشون نوعا من التمزق والغربة) مضيفا: (جميع البشر يسعون إلى الانتماء إلى جماعة أو مجتمع أو اعتناق قضية ما عندما يكبر المراهق ويجد فراغا في هذا المجال يبدأ باعتناق أفكار وقضايا يرى من خلالها نفسه). واعتبر جو نوفاك الجيل الثاني من المسلمين أكثر عرضة لمثل هذه الأفكار (بسبب اتصالهم بأسلافهم وبحثهم عن ماضي أجدادهم أحيانا يحسون بانجذاب للماضي. عندما يصلون هذه المرحلة يكونون في الغالب هدفا سهلا لداعش). * البروباغاندا الفعالة يقدر تقارير استخباراتية عدد الأمريكيين الذين لا يزالون يقاتلون إلى جانب داعش بأكثر من مئة شخص بينما حاول العشرات السفر إلى سورية لكن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) كان لهم بالمرصاد. ويقبع عدد من الأمريكيين في السجون الفيدرالية بتهم (تهديد الأمن القومي الأمريكي واعتزام مساعدة تنظيم إرهابي). يقول برغر الذي يشرف على جمع بيانات لمعهد بروكينغز حول دعاية (داعش) على وسائل التواصل الاجتماعي إن (تحليلنا للبينات الإلكترونية قادنا إلى أن 45 ألف حساب على تويتر يروّج بشكل يومي لدعاية داعش) ويضيف: (يشمل هذا الرقم الحسابات التي تم إنشاؤها وعلقت خلال الوقت الذي استغرقه جمع هذه البيانات). ووفقا لمدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب ماثيو أولسن فإن تنظيم الدولة الإسلامية (وضع آلة دعائية متطورة جدا واستطاع أن يجند المئات عبر العالم. وهي تقنية دعائية غير مسبوقة في تاريخ الجماعات الإرهابية). وتؤكد تقارير إعلامية أمريكية أن تنظيم داعش وأنصاره ينشرون ما يقرب من 90 ألف تغريدة يوميا. وتضم بعض هذه التغريدات فيديوهات وصورا لعمليات القتل. ورغم حجم التغطية الإعلامية التي حظيت بها الماكينة الدعائية ل (داعش) إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تقوم بمجهودات كبيرة لوقف الزخم الإلكتروني ل (داعش). وقال موقع (الفايس بوك) في رسالة إلكترونية ل (العربي الجديد) ردا على سؤال حول استخدام داعش لمواقع التواصل في الدعاية (إن الشركة تحاول بجهد إزالة كل المحتويات الإلكترونية) مؤكدا أن (شبكتنا ستبقى آمنة وسنعمل بجهد وباستمرار لضمان عدم توظيفها من طرف الإرهابيين). * تبرير الفظائع بالدين بالرغم من إجماع علماء مسلمين على أن خلافة البغدادي (لا تمت إلى الإسلام بصلة) فإن الراغبين بالانضمام إلى داعش في تزايد مستمر. وتحظى دعاية المتشددين على مواقع الإعلام الاجتماعي بالتأييد رغم كل ارتكابات (داعش). غريمي وود المحرر المشارك لمجلة (أتلانتيك) الأمريكية قال في مقال مطول بعنوان (ما الذي يريده داعش تحديدا؟) إن التنظيم المتشدد (يعتمد على الدفائن الإسلامية لتبرير فظاعاته) وأضاف: من يقول إن داعش ليسوا مسلمين فهو مخطئ. هو تنظيم إسلامي متشدد يلوي عنق النص ويبحث عن مسوغات للأعمال الإجرامية وهذا ممكن القيام به لأي نص ديني أو تاريخي). ويدعو صاحب كتاب (داعش: دولة الرعب) ج. إم. برغر إلى ضرورة إيجاد (إيديولوجية إسلامية مضادة لداعش على أن لا تقودها بعض الأنظمة التي لا تحظى بالاحترام وسط الشباب الذي يكون هدفا لداعش). من جهته يقول الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية آكي بريتز ل (العربي الجديد) إن (داعش) يحاول أن يظهر للمسلمين أنه (الخيار الوحيد في منطقة تعفنت فيها الأنظمة الحاكمة بالفساد المالي. لسان داعش يقول للمسلمين: إخوانكم يتعرضون للاضطهاد. حكومتكم تتفرج. نحن وحدنا القادرون على مساعدتكم لماذا لا تنضمنا إلى المعركة معنا؟). * المغامرة والمال اجتاح (داعش) أراضي بحجم بريطانيا ويتوفر على جيش من المقاتلين الجوالين يتجاوز تعداده الجيش الإماراتي حسب معطيات نشرتها نيويورك تايمز في تقرير أكد على أن المقاتل السوري الأعزب في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يتقاضى راتبا شهريا مقداره 400 دولار. أما إن كان المقاتل متزوجا فإنه يتقاضى مبلغا إضافيا قدره 50 دولارا عن كل طفل و100 دولار عن كل زوجة كما يتم تأمين مسكن له بالإضافة لتأمين وقود لسيارته من محطات الوقود التي يديرها تنظيم الدولة الإسلامية. تؤكد هذه المعطيات أن داعش لا يعتمد فقط على أموال التبرعات و(الغنائم) وإنما أصبح قوة مالية تبيع البترول والغاز وتفرض الضرائب الشهرية والسنوية كما يقول المحرر في مجلة فورين بوليسي جوشوا كيتيغ مضيفا إن (داعش يتوفر على كل مكونات الدولة لكن مصيره سيكون قريبا من تجربة دولة المتمردين الأزواد في مالي). ويقول كيتيغ: (ارتكبنا أخطاء كثيرة من حيث لا ندري إذ ساعد الإعلام في الترويج لبروباغندا داعش عن غير قصد. أنتج هذا نوعا من الانبهار من طرف شباب يطمحون للمغامرة وجمع المال. بهذه الطريقة وسع داعش من قدرته في التجنيد) ويضيف أن (الشباب المحطم بالبطالة والظلم وانسداد الآفاق في العالم الإسلامي وإشكالية الهوية والرغبة في المغامرة بالنسبة للحالة الأمريكية كلها أسباب تدفع الشباب للالتحاق بداعش). لكن تقارير أمريكية تقول إن بعض الشباب لا يدفعهم الفراغ الروحي وأزمة الهوية فقط إلى أحضان داعش).