يعتبر السجن مؤسسة عقابية يزج فيها كل مجرم خارج عن القانون فكل من يحكم عليه القدر ويدخل هذه المؤسسة عادة ما يشهر ثوبته حتى لا يعود إليها، ولكن هناك صنف من الشباب الجزائريين الذين يبحثون عن كل الطرق التي تدخلهم إلى الزنزانة هروبا من مشاكلهم الاجتماعية. عتيقة مغوفل أصبح بعض الشبان في السنوات الاخيرة يعانون من الكثير من المشاكل الاجتماعية على غرار البطالة و ضيق السكن ومواجهة مستقبل مجهول هذا دون الحديث عن المشاكل العائلية التي يعاني منها العديد منهم، وحتى يهربوا من هذا الواقع المر يتفنن العديد من الشباب في اختلاق المشاكل التي تدخلهم السجن ليحققوا مبتغاهم. مشاكله مع أشقائه تدفعه للهروب إلى السجن الميراث واحدا من أهم المشاكل التي يتخبط فيها الجزائريون في السنوات الاخيرة، فقد أصبحت المحاكم تعج بهذا النوع من القضايا، التي اصبحت تفرق الشمل للأسف وتصل في بعض الاحيان إلى حد أراقة الدماء من اجل حلها، ومن الناس الذين يعانون من هذا النوع من المشاكل، "رضوان" شاب في الثلاثينات من العمر لم يجد حلا لمشكلته العائلية سوى الدخول إلى السجن، وهذا من أجل تفادي ارتكاب جريمة في حق أشقائه الذين مارسوا عليه كل الضغوطات من أجل إبعاده عن مسكنهم العائلي، بعد ان توفيت والدته وبقي يعيش رفقة أشقائه بمنزلهم الكائن بأحد احياء الجزائر العاصمة، وقد افتعل أشقائه العديد من المشاكل في مشاكل من أجل طرده من المنزل والاستيلاء عليه بحكم أنه الأصغر، وفي آخر مرة اتهموه بسرقتهم واعتدوا عليه بالضرب ، وفي لحظة غضب، خرج "رضوان" مباشرة من المنزل باتجاه مركز الشرطة بعدما حمل سكينا بيده كي يكون سببا في توقيفه، وهو ما حصل فعلا إذ ألقي عليه القبض وأحيل على العدالة بتهمة حمل السلاح الابيض، لتتم محاكمته على أساس تهمة حمل سلاح محظور حيث أدانته محكمة حسين داي بعقوبة 6 أشهر حبسا نافذا، وهو ما اضطره إلى استئناف الحكم أمام مجلس قضاء العاصمة بعدما ذاق مرارة السجن وقد ندم ندما شديدا على دخوله السجن لأنه فهم في نهاية المطاف أن الزنزانة ليست الحل لحل مشاكله. اختار السجن عقابا لوالدته ومن بين الشباب الذي فكر في أن السجن حل للهروب من المشاكل "محمد" شاب في العشرينات يعمل قابضا بحافلة لنقل المسافرين، قام بتسليم نفسه لعناصر الأمن بباش جراح معترفا بحيازته قطعة من المخدرات، من أجل إلقاء القبض عليه وإدخاله المؤسسة العقابية انتقاما من أهله الذين رفضوا تزويجه من الفتاة التي يحبها، وحسبما وردتنا من معلومات فان الشاب أوقف بالمحكمة بتهمة حيازة واستهلاك المخدرات، فقد قام المعني بشراء قطعة مخدرات من عند أحد المجرمين بمبلغ يقدر ب1000دج، واتجه بها مباشرة إلى أقرب مركز أمني من أجل توقيفه، بعدما ضاقت به السبل بعد اعتراض والدته تزويجه من الفتاة التي اختارها. وصرح المتهم أثناء محاكمته بأنه تقدم عمدا من مركز الشرطة وبحوزته قطعة مخدرات من أجل توقيفه ووضعه في السجن انتقاما من والدته، الأمر الذي أثار استغراب هيئة المحكمة التي طلبت من المتهم التعقل وطاعة والديه. وبعد تصريحات المتهم التي أدلى بها أمام قاضية الجلسة، التمس وكيل الجمهورية عقوبة عام حبسا نافذا و20 ألف دينار غرامة مالية، قبل أن يعرض رئيس الجلسة على المتهم استبدال عقوبة الحبس بالعمل للنفع العام لمدة ساعتين عن كل يوم حبس وهو ما قبله المتهم شرط أن لا يعود إلى مثل هذا التصرف. طلاق والديه دفعه إلى السجن بقدميه ومن المشاكل التي عادة لا يتحملها الشباب ولا يقبلونها انفصال الوالدين بسبب الطلاق، فهو شبح يهدم كيان الاسرة بأكملها، لذلك يرفض العديد من الشباب الفكرة ويحاولون الهروب من ذاك الواقع المرير ، ومن بينهم "عبد الرحمان" الذي لم يتقبل فكرة طلاق والديه، حال هذا الشاب لا يختلف كثيرا عن حال الشباب الآخرين، فعلى الرغم من أن والديه هما إطاران بالدولة إلا أنه عاش متشردا، احتضنه الشارع أولا وعلمه أصدقاء السوء تعاطي المخدرات بأنواعها، ووصل به الحد إلى استهلاك الهيروين كونه ميسور الحال. لكن انفصال والديه هو الحدث الذي لم يتقبله هذا الشاب ، ما دفعه إلى اتخاذ قرار الهروب من واقعه المر إلى السجن من أجل نسيان المشاكل، و بتاريخ الوقائع توجه إلى مركز الأمن بباب الوادي، ومعه قطعة مخدرات مطالبا من عناصر الشرطة توقيفه بتهمة حيازة المخدرات وتطبيق القانون عليه من خلال محاكمته وزجه في السجن، حتى لا يبقى مشردا في الشارع ولا يدخل بيتا باردا ينعدم فيه الدفء العائلي.