تاريخ حربي حافل بضرب الدول العربية والإسلامية (شارل ديغول) يعود بقوّة لضرب (الدواعش) - فخر الصناعة الحربية الفرنسية تحمل وعد القضاء على التنظيم بدأت حاملة الطائرات الفرنسية (شارل ديغول) المتمركزة حاليا في شرق المتوسط قبالة الساحل السوري المشاركة في العمليات العسكرية الاثنين الماضي انتقاماً لهجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر الحالي. شرعت الطائرات الحربية المنطلقة منها في قصف أهداف تابعة لتنظيم (الدولة الإسلامية.. داعش) في الموصل والرمادي في العراق والرقة في سوريا. يستدعي دخول فرنسا بهذا النوع من السلاح الاستراتيجي المهم والذي هو مفخرة الصناعة الحربية الفرنسية للقضاء على العدو المتربّص بين أحياء ولاياتها والدول المجاورة وقفة عند ميزات وتاريخ (شارل ديغول). تشكّل حاملة الطائرات (شارل ديغول) جوهرة المنظومة الدفاعية الفرنسية ومفخرتها الرئيسية وهي القطعة الوحيدة من هذا الحجم والنوع الذي تملكه فرنسا اتُخذ قرار صناعتها عام 1986 في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران. تطلّبت صناعتها 7 سنوات في مجمع ميناء مدينة (بريست) للصناعات الحربية الفرنسية. ويعتبر ميناء مدينة (تولون) جنوبفرنسا مرساها الدائم ومركز صيانتها وانطلاقها لتنفيذ المهمات الحربية. دخلت (شارل ديغول) الخدمة الفعلية عام 2001 وحلّت مكان حاملة الطائرات (كليمونصو) التي أُحيلت إلى التقاعد بعد عقود من الخدمة (1961 - 1997). حاملة الطائرات الفرنسية مزوّدة برؤوس نووية ويبلغ طولها 261 مترا وعرضها 64 مترا ووزنها 42 ألف طنّ وبفضل محرّكاتها النووية فهي تتمتّع بقدرة غير محدودة على الإبحار والبقاء بأمان في عرض البحر لأطول مدة ممكنة تأوي 2000 شخص على الأقل من كل الاختصاصات من الطيّارين إلى الطباخين مرورا بقوات النخبة هي عبارة عن مدينة عائمة توجد فيها كل المرافق الضرورية للحياة اليومية تبلغ درجة سرعتها 22 عقدة وتستطيع قطع مسافة 1000 كيلومتر يوميا. تحتوي حاملة الطائرات الفرنسية على أجهزة استطلاع و6 رادارات متطورة ترصد أيّ حركة في قُطر يتجاوز آلاف الكيلومترات كما أنّها مجهّزة ب 18 منصّة للصواريخ من طراز (سيلفر) و(ميسترال) و8 مدافع متطورة من نوع (جيات). لا تبحر (شارل ديغول) وحدها إذ يرافقها بل يحرسها أسطولان بحري وجوي مكوّنان من الفرقاطة المقاتلة (شوفاليي بول) والفرقاطة المتعددة المهام (آكيتان) والغوّاصة الهجومية (لو موت بيكي) المحمّلة برؤوس نووية بالإضافة إلى سفينة تموين محمّلة بالوقود. تؤوي هذه القطع المختلفة 700 بحّار إضافي ليصل عدد الأشخاص المنضمين إلى أسطول (شارل ديغول) والقطع المرافقة لها إلى 2700 شخص. تحمل (شارل ديغول) على متنها 45 طائرة مقاتلة من بينها 12 طائرة (رافال) و9 طائرات من نوع (سوبر إيتاندار) و20 طائرة (ميراج) بالإضافة إلى عدد غير محدد من طائرات (هليكوبتر) هجومية. تتمثّل مهمات حاملة الطائرات هذه الأساسية في الهجوم على أهداف أرضية أو على أهداف في عرض البحر سواء كانت سفنا حربية أو غواصات أو فرقاطات وأيضاً للتغطية والإسناد الجوي للعمليات القتالية الأرضية. كما يمكن تكليفها بأربع مهمات حربية وهي: الردع والوقاية والاستباق والاستخبار وتجميع المعلومات. هذا الأسطول الجوي قادر على القيام بمائة غارة جوية كل يوم لمدة أسبوع مع القدرة على إطلاق 24 طائرة ما يضاعف ثلاث مرات على الأقل القدرة الهجومية للأسطول الحربي الجوي الذي يقصف معاقل (داعش) في سورية والعراق حالياً والمكوّن من 9 طائرات (رافال) متمركزة في الإمارات العربية المتحدة و6 طائرات (ميراج) في الأردن ما يعني أن حوالي 70 في المائة من الأسطول الحربي الجوي الفرنسي مُستنفر حالياً لمقاتلة (داعش). ومنذ شروعها في الخدمة قبل 14 عاماً أنجزت حاملة الطائرات (شارل ديغول) مهمات حربية خاصة عدة ومنها عملية (أغابانث) في أفغانستان في نوفمبر 2010 إذ قامت الطائرات المقاتلة ب 138 طلعة انطلاقاً من سطحها وكانت في مجملها تشارك في عمليات إسناد واستكشاف. كما شاركت (ديغول) في عملية (آرماتان) في مارس 2011 خلال الثورة ضد نظام العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي انطلقت من سطحها 2380 طلعة جوية للاستكشاف والرصد وأيضا الغارة على مواقع محددة في التراب الليبي شاركت في مناورات فرنسية عدة وأخرى مشتركة مع دول حليفة. وكل مهمة تقوم بها (ديغول) تعتبر حدثا كبيرا مرتبطا بالأمن الخارجي للدولة الفرنسية وبرغبة السلطات في إرسال إشارة قوية لحلفائها أو لأعدائها تفيد بأن (ديغول) تعتبر سلاحاً سياسياً بقدر ما هي سلاح عسكري استراتيجي. وبفضل ترسانتها النووية تتمتع حاملة الطائرات الفرنسية بقوة ردع هائلة تتجاوز القدرات العسكرية التقليدية كما أن خاصيتها المركّبة بحرياً وجوياً تمنح القيادة العسكرية الفرنسية هامشاً كبيراً لاتخاذ القرارات العسكرية المناسبة في حالة الحرب والأزمات الحاسمة ولا يتم اتخاذ قرار استعمالها سوى بأمر رئاسي لكونها قطعة نووية. يتوقّع مراقبون أن تبقى (شارل ديغول) متمركزة في عرض البحر المتوسط قبالة الساحل السوري للمساهمة في تكثيف الغارات الفرنسية على معاقل (داعش) في سورياوالعراق خصوصا وأن فرنسا لم ترسل قوات عسكرية على الأرض باستثناء حوالي 40 عسكريا يساهمون في تأطير ومساعدة القوات الكردية شمال العراق. وبفضل أجهزة الرادار المتطورة والطائرات الاستكشافية التي تنطلق من سطحها ستساهم (ديغول) بنجاعة في تحديد الأهداف بدقة في سورية والعراق وتسهّل عملية تدميرها نظراً لقربها من منطقة العمليات. تجدر الإشارة إلى أن حاملة الطائرات ذات القدرة النووية هي السلاح الأكثر ردعاً في العالم ولا يوجد منها إلا في فرنسا والولايات المتحدة. في حين تملك دول عظمى أخرى حاملات طائرات غير نووية مثل روسيا والصين والهند والبرازيل التي اشترت أخيراً حاملة الطائرات الفرنسية السابقة (فوش). وتطالب العديد من الشخصيات السياسية الفرنسية ومتخصصون في استراتيجيات الدفاع السلطات الفرنسية بالتفكير في صناعة حاملة طائرات ثانية من طراز (شارل ديغول) باعتبار أن قطعة واحدة لا تكفي لتأمين القدرة الإجرائية دفاعاً وهجوماً للقيادة السياسية الفرنسية خصوصاً في الأوقات التي تعود فيها (ديغول) إلى مرساها في (تولون) للخضوع لأعمال الصيانة التي تتطلب أحيانا أشهرا طويلة.