حذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من وجود ما أسماه مخطط "تطهير ديني شرير"يستهدف الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط، مؤكدا في الوقت نفسه أن الإسلام دائما ما يتسم بالتسامح واحتضان وحماية من سماهم القرآن الكريم ب "أهل الكتاب"، علاوة على رفضه أعمال العنف، مدللا على ذلك بردود الأفعال الغاضبة الصادرة من العالم الإسلامي ضد الاعتداءات التي وقعت على مسيحيين في الإسكندرية وبغداد. وأعرب ساركوزى في كلمة أمام ممثلي كافة الديانات خلال احتفال أقيم بقصر الإليزيه بمناسبة العام الجديد الجمعة عن قلق بلاده إزاء ما وصفه ب"العنف الأعمى"، مشددا في الوقت نفسه على أن ليس للإسلام أي صلة بمن وصفهم بالمجانين "الذين يقتلون مسيحيين أو يهودا أو سنة أو شيعة". وقال الرئيس الفرنسي "لا يمكن أن نقبل ومن ثم أن نسهل ما يزداد شبها أكثر فأكثر بمخطط تطهير إجرامي في الشرق الأوسط. وأكرر مخطط تصفية دينية في العراق كما هو الحال في مصر. مسيحيو الشرق الأوسط هم في أوطانهم. إنهم هناك في بلدانهم وأغلبهم منذ ألفي عام. لا يمكننا القبول بأن يختفي هذا التنوع البشري والثقافي والديني من هذه المنطقة من العالم". وأضاف أن تقاليد وتاريخ التعاليم الدينية للعالم الإسلامي تشهد أنه كان يتسم دائما بالتسامح بل وباحتضان وحماية أهل الكتاب، ضاربا مثالاً باستقبال الدول الإسلامية لليهود الذين فروا من أوروبا. وأبدى ساركوزى انزعاجه إزاء استطلاع الرأي الذي نُشر منذ أيام في فرنسا وألمانيا، وأشار إلى أن نحو ثلث الفرنسيين والألماني ينظرون إلى الإسلام على أن يمثل تهديداً، داعياً إلى معالجة هذه النظرة عبر معرفة الآخر والتفاهم معه. وتأتي تصريحات ساركوزي في أعقاب تفجير لكنيسة قبطية في الإسكندرية بمصر يوم 31 ديسمبر الماضي أودى بحياة 23 قتيلا وأثار احتجاجات عنيفة، وسبق هذا الحادث تفجير استهدف كنيسة في العاصمة العراقية بغداد في 31 أكتوبر الماضي قتل فيه 46 شخصا. وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الإرهاب الذي ضرب كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية ليلة رأس السنة أصاب البشرية كلها والحضارة الإنسانية، وأن فرنسا تشعر بالقلق ولا تكتفي بالأسف، بل أنها استقبلت عدداً من مسيحيي العراق، إلا أنها لا تقبل أن تسهم في تسهيل ما يمكن أن يسمى "تطهيراً دينياً للشرق الأوسط". وقال ساركوزى إن المسيحيين في العراق وفى مصر يعيشون في أوطانهم، ولا يمكن القبول بأن يختفي هذا التنوع البشرى والثقافي والديني من هذه المنطقة من العالم، مشيراً إلى أن مسيحيي الشرق الأوسط يسهمون منذ ألفى عام في هذا الثراء الثقافي والبشري لمصر التي ظهر بها لأول مرة في تاريخ البشرية منذ 33 قرناً فكرة التوحيد. ونوه ساركوزى إلى أن فرنسا تكفل الحماية لرعاياها من أتباع كافة الديانات، ولن تتساهل أبدا مع تعرض أي شخص أو مجموعة لاعتداء بسبب معتقداته الدينية أو ممارسته لشعائر دينه. ووجه ساركوزى التحية لكل مسيحيي الشرق، وتمنى لهم بعيداً عن الألم والحداد إلى الاحتفال بعيد الميلاد الذي يحمل أكثر من أي يوم آخر المزيد من الأمل. وتعد تحذيرات الرئيس الفرنسي واحدة من تلك التي توالت في الآونة الأخير بعد حادث تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية والتي كان أبرزها ما صرح به بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر بضرورة "حماية مسيحيي الشرق الأوسط". الإرهاب الأصولي وقال ساركوزي "إن التهديدات التي استهدفت الكنائس القبطية في فرنسا غير مقبولة، وطلبتُ من الحكومة أن نأخذها مأخذ الجد"، مشيرا إلى أن "هذه الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام روعت المجتمع المسلم في فرنسا". واعتبر أن "الإرهاب الأصولي يقتل المسلمين أيضا". وكانت مصادر أمنية فرنسية قالت هذا الأسبوع إنها بدأت تحقيقات حول الإرهاب بعد شكوى كاهن قال إنه تلقى تهديدات عبر الإنترنت ضد الكنيسة القبطية في فرنسا. وعززت الشرطة في فرنسا وفي عدة دول أوروبية أخرى الأمن في الكنائس القبطية التي تحتفل بعيد الميلاد الجمعة، وفقا لتقويم الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية. بالمقابل، ذكر ساركوزي بعلمانية الدولة الفرنسية وأكد أن للإنسان حرية المعتقد والتعبد على أن "لا يخل ذلك بالنظام العام"، في إشارة لمنع النقاب في فرنسا والصلاة في الشوارع. حضر الاحتفال ممثلو كافة الديانات في فرنسا، ومن بينهم الأب جرجس لوقا راعى الكنيسة القبطية ومحمد موسوى رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ودليل أبو بكر عميد المعهد الإسلامي بمسجد باريس. وكانت فرنسا استقبلت بالفعل نحو 1300 مسيحي من العراق ومنحتهم حق اللجوء السياسي بعد أن قالوا إن حياتهم مهددة من قبل بعض الطوائف الأخرى غير أن الحكومة الفرنسية تؤكد رغم ذلك أنها لا تريد تشجيع رحيل جماعي للمسيحيين عن منطقة الشرق الأوسط. ويجتمع الرئيس الفرنسي في لقاء سنوي مع أعضاء الجماعات الكاثوليكية والمسلمين والبروتستانت واليهود وغيرهم من الأقليات الدينية في قصر الاليزيه في بداية كل سنة لتهنئتهم بالسنة الجديدة. * ..وأضاف ساركوزي أن تقاليد وتاريخ التعاليم الدينية للعالم الإسلامي تشهد أنه كان يتسم دائما بالتسامح بل وباحتضان وحماية أهل الكتاب، ضاربا مثالاً باستقبال الدول الإسلامية لليهود الذين فروا من أوروبا. * أبدى ساركوزى انزعاجه إزاء استطلاع الرأي الذي نُشر منذ أيام في فرنسا وألمانيا، وأشار إلى أن نحو ثلث الفرنسيين والألماني ينظرون إلى الإسلام على أن يمثل تهديداً، داعياً إلى معالجة هذه النظرة عبر معرفة الآخر والتفاهم معه.