رسالة عاجلة للأزواج! لا تنتظر حتى تقول الزوجة: إن الأنترنت أشدّ عليها من مائة ضرة! أبو إسماعيل خليفة أيها المباركون: إن الأسرة بالنسبة للإنسان هي المأوى الدافئ والملجأ الآمن والمدرسة الأولى ومركز الحب والسكينة وساحة الهدوء والطمأنينة وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبنى الحياة الزوجية بل إنها ثلاثية الحياة الزوجية: السكن - المودة - الرحمة والتي أشار الله إليها في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً). الروم: 21. ولكن للأسف.. إن هناك بيوتا كثيرة تتنفس في جو من الشراسة والنكد واكتنفتها أزمات عقلية وخلقية واجتماعية وتعيش ضغطا نفسيا وإحباطا مردّ ذلك كله من طبيعة الحياة العصرية اليومية.. فلقد دخل الإنترنت إلى حياتنا وسرق من بعض البيوت السعادة وأخرج منها الكثير من الأشياء الهامة والإيجابية والجميلة بشكل عام. وأقول: قد يكاد يكون النت هو عدو الأسرة في هذا العصر فلم تعهد البشرية قط ابتكاراً بلا أضرار وهذا الابتكار أتي بما لا يحمد عقباه من أضرار على الحياة الزوجية في بيوت كثيرة وما أكثر الإنذارات التي أطلقها خبراء علم النفس والاجتماع عن مخاطر الاستخدام السيئ للإنترنت على الفرد والمجتمع.. لقد كان أفراد الأسرة الواحدة يعيشون تحت سقف واحد ويلتقون صباحًا ومساءً في صالة المعيشة وفي غُرُفات البيت تجمعهم وجبة الغداء أو العشاء في جو من التآلف والفرح والسرور لكن هذه التحولات التكنولوجية أفرزت تفاعلات جديدة للعلاقات على صعيد الأسرة أدت إلى تعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها وللأسف.. أخرج الخطيبُ في كتابه: الجامع لأخلاق الراوي والسامع عن الزُّبير ابن أبي بكر بكَّار قال: قالت ابنة أختي لأهلنا: (خالي خيرُ رجل لأهله لا يتخذ ضرَّةً ولا يشتري جارية). قال: تقولُ المرأةُ (أي زوجته): (والله لَهَذِهِ الكُتُبْ أشَدُّ عليَّ مِن ثَلاَثِ ضَرَائِرْ). أيها الأزواج هذه المرأة غارت من الكتب فكيف بها لو عاشت في عصر الأنترنت ومشتقاتها ترى ماذا تقول؟ فيا أيها الحبيب: إن إدمان الأنترنت قد يترك آثارا نفسية واجتماعية عليك وعلى أهلك فاتق الله واعط لكل ذي حق حقه.. فالمرء السليم نفسيًّا وعقليًّا هو الذي يستطيع أن يوازن بين متطلباته المتعدّدة بحيث لا يطغى جانبٌ على آخر وبذلك يتكيف مع الحياة بشكل سليم ولا يجعل رغباته تتحكم فيه كما تشاء ولا تتحول الوسيلة إلى غاية في حدِّ ذاتها. إنه لا ينكر عاقل أن الإدمان على الأنترنت سيؤدي حتما إلى تحطيم معاني المجتمع وخاصة ما يجري في غرف الدردشة والتي أصبحت بالفعل المكان الوحيد الذي يستطيع فيه الإنسان الحديث بصراحة بلا أي خوف ويقول ما لا يستطيع أن يقوله أمام الآخرين سواء كان ذلك في الجنس أو في السياسة وما إليهما.. ولهذا أهمس في أذنك أيها الزوج وأقول لك لا تنتظر حتى تقول الزوجة: إن الأنترنت أشد عليّ من مائة ضرة!!.. وهذا لا يعني التوقف عن استخدام الإنترنت أو تجاهلها بل يعني العمل على ممارسة الاستخدام المعتدل والأمثل ووضع ضوابط وحدود لاستخدامها فالترشيد والاستخدام المعتدل للشبكة سيغني عن الكثير من الخسائر التي قد تهدد المجتمع بالكامل إذا لم ندرك الخطورة.. وإن كنا نقول إن الإنترنت سرق السعادة من كثير من الأسر لكن علينا أن نعترف أنه الإنترنت أصبح واقعاً مفروضاً ليس من الصواب تجاهله أو التغافل عنه وإلا كنا خارجين عن سياق العصر وعاجزين عن متابعة حركة التاريخ. ومع هذا لا بد من مواجهة الحقائق والاعتراف بأن هذه الوسيلة - على الرغم مما فيها من خير - فإنها تحمل من المخاطر الشيء غير القليل وبالتالي يكون من الأهمية بمكان دفع هذه المخاطر قدر المستطاع. هذا.. وإن كان الحديث موجها أيضا إلى الزوجة إلا أنك أنت المسؤول أمام الله أولا وأمام المجتمع ثانيا وقد قيل: إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ مولِعاً * فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ فاتق الله رحمك الله واعط لكل ذي حق حقّه فأسرتك أهم وأبقى من أيّ وسيلة أخرى وأنت مسؤول يوم القيامة.. أعاننا الله وإياك على تحمل هذه المسؤولية ووقانا من شرور الأنفس وسيئات الأعمال..