تدخل العاصمة البريطانية التاريخ وهذه المرة من بوابة الانتصار للديمقراطية بانتخاب مواطن مسلم من أصول مهاجرة عمدة لها. فقد توج الناخبون المحامي والنائب والسياسي الشاب صادق خان عمدة للعاصمة لندن ليكون بذلك أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ المدينة. فقد تقدم خان مرشح الحزب العمالي على منافسه المحافظ زاك غولدسميث بفارق 9.6 بحسب الموقع الرسمي لانتخابات العاصمة البريطانية. صادق خان الذي هاجرت عائلته من باكستان ليقود والده حافلة في شوارع لندن لم تنل منه حملات التشهير والتشويه العنصرية ولا محاولات الاغتيال السياسي البغيض ومضى بثقة عالية يخوض انتخابات وهو يردد: (أنا فخور بأنني مسلم) وأنا لندني.. أنا بريطاني.. أصولي باكستانية... أنا كل هذا والأعظم من كل هذا هو هذه المدينة حيث يمكن للمرء أن يكون لندنياً سواء كان بمعتقد أو بلا معتقد ونحن لا نتقبّل بعضنا فقط بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفي ببعضنا هذه هي لندن العظيمة. ولد عمدة لندن الجديد صادق خان في لندن عام 1970 لأسرة باكستانية مهاجرة وكان والده يعمل سائق حافلة. وبعد أن أنهى دراسته الجامعية ونال شهادة الحقوق عمل خان محاميا متخصصا في قضايا حقوق الإنسان لكن اهتمامه تحوّل بعد ذلك إلى القضايا السياسية. وفي عام 2005 انتخب عضوا في مجلس العموم عن حزب العمال وشغل بين عامي 2008-2010 منصب وزير دولة لشؤون الإدارة الذاتية والنقل في حكومة غوردن براون ليترأس بعد ذلك حملة إيد ميليباند لرئاسة الحزب التي تكللت بالنجاح. ولا يمكن لأحد الحديث عن خان كما يقدم هو نفسه حيث كتب على موقعه الخاص أنه رجل عادي من أسرة بسيطة كان يعمل في مجال حقوق الإنسان لمدة طويلة ولا يقضي وقته كله في العمل السياسي بل يحب الرياضة وتمضية الوقت مع العائلة وهو مشجع عنيد لنادي ليفربول لكرة القدم. لم تكن طريق خان نحو عمادة لندن سهلة أو معبّدة بالورود وكذلك لن تكون سنواته الأربع المقبلة حيث تنتظر الرجل ملفات ساخنة ومستعجلة على رأسها الإسكان في لندن وهي أزمة تعاني منها المدينة بقسوة في الأعوام الأخيرة. وهناك مشاريع ضخمة في مجال تطوير وسائل النقل بما في ذلك تطوير شبكات قطارات الأنفاق ومستقبل مطار هيثرو الدولي. كما يواجه خان ملفات في مجال البيئة والحد من انتشار الجريمة. غير أن الاستحقاق الذي يقف على مسافة أسابيع من مكتب العمدة الجديد هو الاستفتاء المزمع تنظيمه الشهر المقبل حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه وقد تعهّد خان خلال حملته الانتخابية بالسعي إلى إبقاء بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي لئلا تخسر لندن مكانتها الأوروبية والعالمية كعاصمة للمال والأعمال والاستثمار الحر والآمن.