بعد حملة قادها ناشطون على مواقع التواصل سفارة العراق تسحب إعلانها الاستفزازي اضطرت السفارة العراقية في الجزائر إلى سحب إعلان استفزازي من بوابتها الإلكترونية خاص بمنح تأشيرات سفر للجزائريين إلى مزارات شيعية بعد حملة قادها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. وفاجأت الممثلية الدبلوماسية العراقية الرأي العام في الجزائر بإعلانها في بيان نشرته يوم الأربعاء الماضي عن تسهيلات استثنائية للراغبين في الذهاب إلى مزارات الشيعة في النجف وكربلاء في خطوة غير مسبوقة. وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى قد اتهم جهات أجنبية بما سماه التشويش على الجزائريين من خلال نشر الطائفية وتشجيع التشيع. وأعلن الوزير في وقت سابق تشكيل جهاز تفتيش يتولى مكافحة حركات التشيع في البلاد بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية مؤكدا أن الجزائر مستهدفة في مرجعيتها الدينية ومشيرا إلى وجود مخططات طائفية لزرع الفتنة في المجتمع الجزائري . وكانت السفارة العراقية قد أصدرت بيانا جاء فيه (تعلن سفارة جمهورية العراق في الجزائر للأشقاء الجزائريين من الشيعة أو الراغبين في التشيع عن إمكانية التقدم لغرض الحصول على سمة الدخول إلى الأراضي العراقية لأغراض الزيارات الدينية (مزارات الشيعة في النجف وكربلاء)). وأثار هذا البيان ردود فعل مستنكرة ومطالب للحكومة بالتدخل العاجل والتحرك ضد استهداف عقيدة الجزائريين والدعوة المبطنة إلى التشيع من قبل سفارة العراق. من جانبها تتحرك السفارة الإيرانية التي ما فتئت تطالب السلطات الجزائرية بتسهيل فتح مراكز ثقافية في المدن الكبرى على أكثر من واجهة من خلال لقاءات مع فنانين ومثقفين كما أنها ترعى في سرية نشاط المجموعات الشيعية. ويشار إلى أن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر توجه برسالة إلى شيعة الجزائر في شهر نوفمبر من العام الماضي دعاهم فيها إلى عدم التقوقع والخوف من _الثلة الضالة_ في إشارة إلى السلفيين. وأعادت تصريحات الزعيم الشيعي طرح الجدل حول مسألة التشيّع في الجزائر ومدى تأثيرها على المنظومة العقائدية السائدة في بلادنا وعلى نظام الحكم نفسه باعتبار أن المد الشيعي يستمدّ وجوده من الدعم الإيراني المرتبط أساسا برغبة في التوسع وحذّر مراقبون من دعوة الصدر لشيعة الجزائر إلى التحرك وهو ما يستوجب بحسب اعتقادهم مراقبة التحركات المشبوهة لبعض الجماعات الشيعية وخاصة عدم التهوين من ظاهرة التشيّع في بعدها السياسي والتي اخترقت حدود الجزائر منذ سنوات طويلة. وكان مجهولون أقدموا في العام الماضي على كتابة شعارات تشيد بالتشيّع وتدعو إليه على العديد من الجدران شرق الجزائر العاصمة وقد فتحت السلطات الرسمية تحقيقا في هذا الغرض. ورجّح مراقبون حينها أن يكون أصحاب الشعارات أرادوا تمرير رسالة مضمونها أن ظاهرة التشيع حقيقة لا مفر منها خاصة أن إطلاق صيحات الفزع من خطورة هذا التشيع على الجزائر قد بدأ منذ سنوات عديدة. وكان الباحث الجزائري عبدالحفيظ غرس الله قد حذر من أن انتشار المد الشيعي في الجزائر وتحوله إلى ظاهرة شديدة الخطورة إذ انتقل بحسب تعبيره من مرحلة _إقامة نخبة شيعية_ إلى بناء _قاعدة شعبية شيعية_ يضمنها تشيع عائلات بأكملها في العديد من المناطق ما سيساعد على ضمان أعداد كبيرة من المتشيعين بالولادة سنويا. ويعتبر مراقبون أن غياب التأطير الديني وهشاشة المنظومة الدينية في بعدها الهوياتي جعلا العديد من الجزائريين يستهلكون كل النماذج العقائدية الوافدة من الخارج دون بحث وتمحيص. وسبق أن أكد الباحث في الأنثروبولوجيا الدينية حمو فرعون أن التشيع في منطلقاته وفي أصوله وفصوله هو مذهب سياسي وليس مذهبا عقائديا موضحا أن عقائد الشيعة التي ظهرت متأخرة في التاريخ قد أخذوها أصلا من المعتزلة. وأفاد حمو فرعون أن عوامل انتشار المذهب الشيعي في الجزائر كانت نتيجة العولمة والثورة الخمينية وشعارات حزب الله وصراعه مع الصهاينة إضافة إلى تواجد جماعة حزب الدعوة العراقي خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي بالجزائر.