سيبقى الحارس الدولي الجزائري رايس مبولحي يتذكّر تلك اللّحظة التي قال له فيها مدرّب المنتخب الوطني رابح سعدان قبيل مباراة إنجلترا الثانية في مونديال جنوب إفريقيا الأخير: استعد أنت الحارس الأساسي في المباراة، حينها لم ينتب مبولحي أيّ خوف أو رعب كونه كان واثقا من مستواه ومن إمكانياته الفنّية والبدنية ومن أنه سيدافع بكلّ قوة عن عرين شباك منتخبنا الوطني، وهو الذي تجسّد على أرضية الميدان، حيث حافظ على شباك منتخبنا بالرغم من أنه واجه أقوى نجوم المنتخب الإنجليزي وتصدى بكلّ براعة لقذفات واين روني وراسيات جيرارد والآخرون· الوجه الذي قدّمه مبولحي أمام نجوم إنجلترا بات الحارس الأوّل لمنتخبنا الوطني، وكرّر ذلك في المواجهة الموالية أمام المنتخب الأمريكي· فحتى وإن اهتزّت شباكه في آخر دقيقة، إلاّ أن الجميع يشهد لمبولحي على أنه أنقذ منتخبنا الوطني من هزيمة نكراء· ولد مبولحي في باريس وتلقّى تكوينه في أولمبيك مارسيليا، ليلعب خلال أربع سنوات في دوريات أسكتلندا واليونان واليابان وبلغاريا، قبل أن ينتقل إلى روسيا في جانفي· ** مصائب قوم عند قوم فوائد كان مبولحي من بين المفاجآت التي كشفت عنها نهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا 2010، حيث كان هذا الحارس مغمورا لدى وسائل الإعلام قبل أن يحظى بالمشاركة كأساسي أمام المنتخب الإنجليزي في الصيف الماضي· وسرعان ما خرجت إلى الوجود الظاهرة المبولحية في غمرة حماسة المونديال الإفريقي، لتترسّخ أكثر في خضم الضغط الذي واكب التصفيات المؤهّلة إلى كأس أمم إفريقيا 2012· إذ سيتولّى ابن الرابعة والعشرين عاما، مهمّة الدفاع عن مرمى منتخبنا الوطني الخُضر في مبارياته المصيرية أمام نظيره المغربي نهاية شهر مارس المقبل، برسم الجولة الثالثة من تصفيات كأس أمم إفريقيا لامقبلة 2012· ** من قميص البديل إلى لباس الرجل العنكبوت لقد احتاج الحارس الجديد لنادي كريليا سوفيتوف سامارا إلى مائة وثمانين دقيقة ليحظى بلقب الرجل الخارق، وكان لقاء واحد في منافسات كأس العالم الأخيرة كافيا لتغيير مسيرته التي كانت إلى ذلك الحين بيضاء بقدر ما كان هو نفسه غير معروف لدى الجزائريين· إذ بنى المدرّب الأسبق رابح سعدان اختياره لهذا اللاّعب في قائمة تشكيلته التي تضمّ ثلاثة وعشرين لاعبا بناء على أشرطة الفيديو فقط، بعدما كان حامي عرين راسينغ كلوب دو فرانس سابقا قد اختير للتوّ كأفضل حارس في بلغاريا، قبل أن ينتقل إلى إنجلترا لخوض فترة اختبار في صفوف نادي مانشستر يونايتد، ممّا أرسل إشارة للمدير التقني الجزائري عن قيمة هذا الحارس· وبعدما كان يكتفي بلعب دور الحارس الثاني للمنتخب، بدأ الرايس يفصح عن مؤهّلاته خلال المعسكر الذي خاضه المنتخب الجزائري في كرانس مونتانا، فبعد أقلّ من شهر ارتدى لباس اللاعب الأساسي ليواجه كتيبة الأسود الثلاثة، وذلك إثر خطأ فوزي شاوشي الذي أدّى إلى هزيمة الخضر أمام سلوفينيا قبل خمسة أيّام، فكان ذلك اليوم بداية الظاهرة المبولحية· ** مونديال جنوب إفريقيا·· ثمار النّضج رغم أن عمر مبولحي لا يتجاوز ال 24 سنة، إلاّ أن هذا الباريسي بدأ يحصد ثمار نضجه، والذي اكتمل في ظروف من الشكّ وعدم الاستقرار، ومع ذلك فقد بقي محافظا على رباطة جأشه دون أن يفقد شيئاً من ثقته بنفسه على حدّ قول إيمي لافي الذي لعب إلى جانبه بنادي أف سي ريوكيو في دوري الدرجة الثالثة الياباني تحت قيادة فيليب تروسييه، مدرّبه السابق في أولمبيك مارسيليا. وكان رايس قد بدأ مسيرته بهذه المدينةالجنوبية بالذات، حين كان يلعب في كنف فابيان بارثيز، إذ بعد حلوله بقلعة فيلودروم قادما من راسينغ كلوب دو فرانس سنة 2002، لم يخض مبولحي أيّ مباراة احترافية واكتفى بلعب دور حارس المرمى الثالث في تشكيلة الفريق· ** ديدا في القيادة أوضح روبيرت نازاريتيان، نائب رئيس أولمبيك مارسيليا، أن هذا الفتى المحبّب كان يتمتّع بكلّ ما يلزم لينجح هنا، غير أنه لم يكن يتقبّل النّقد ولم يستطع أن ينظر إلى الأمور بإيجابية· لكن زميل مبولحي الأسبق في منتخب فرنسا تحت ال 16 سنة وتحت 17 سنة تيد لافي شقيق إيمي لا يشاطر نازاريتيان نفس الرّأي، مؤكّدا أنه لم يكن له نفس حظّ لاعبين آخرين مثل الحارس لوري، فلو أنه لعب بنيس أو لوريان لكان حصل على مسيرة أفضل على مستوى النّادي· ويؤكّد زميل آخر له ضمن منتخب الأمل الفرنسي جوفري جوردرن: أحتفظ بذكريات طيّبة عنه، فهو يتمتّع بقامة طويلة وببنية جسمانية متناسقة، كما أنه يسدّد الكرة بشكل جيّد· لقد كان الأمر صعبا في وجود بارثيز· ** من مارسيليا إلى ميدلوثيان إلى أثنيكوس بيرو اليوناني في سنة 2006، غادر مبولحي، الذي أصبح يلقب ب ديدا القيادة أولمبيك مارسيليا ليشدّ الرّحال إلى هارتس أوف ميدلوثيان الإسكتلندي، لكنه لم يقض في هذا النّادي أكثر من ستّة أشهر، حيث لم يتمكّن هناك أيضا من الانضمام إلى صفوف الفريق الأوّل، لتكون وجهته بعد ذلك اليونان، حيث التحق بنادي أثنيكوس بيرو، وقد أشركه نادي ميناء أثينا، الذي يصنّف ضمن دوري الدرجة الثانية في خمس مباريات قبل أن ينقله إلى نادٍ يوناني آخر هو بانيتوليكوس· *** مبولحي في بلاد الساموراي في سنة 2008، كانت وجهة مبولحي اليابان أرض الساموراي، لكن ضمن دوري الدرجة الثالثة، وقد كانت أوّل سنة له هناك حافلة، حيث خاض اثنتين وعشرين مباراة· وقد حقّق خلال هذه الفترة إنجازا كبيرا حين صدّ ثلاث ركلات جزاء في مباراة واحدة، لافتا بهذا الأداء انتباه نادي سلافيا صوفيا لتكون عاصمة بلغاريا شاهدة على انطلاق مسيرة مبولحي· ** من اليابان إلى بلغاريا إلى روسيا فبعد اختياره من قبل نظرائه كأفضل حارس مرمى في بلغاريا مباشرة بعد اختتام منافسات المونديال الأفريقي تمّت إعارته لنادي سيسكا صوفيا بعد عودته، وذلك للمشاركة في منافسات الدوري الأوروبي، وفي جانفي كان الدور على روسيا لتوجّه له نداءها وتحتضنه ليوقّع هناك عقدا لثلاث سنوات· بانتقاله إلى عرين كريليا سوفيتوف سامارا، يكون مبولحي قد دخل مرحلة جديدة من مسيرته، سواء في مسابقات النّادي أو حتى مع المنتخب· فبعد مرحلة انتقالية دامت ستّ سنوات، أصبح على مبولحي أو الرايس يثبت جدارته بحمل هذا الاسم·