"لا تعط شيئا من أدويتك لأي شخص آخر، لان الدواء وصف لحالتك، وربما يكون ضارا لغيرك".... هي نصيحة نجدها في كل نشرة مرفقة داخل أية علبة دواء، بالإضافة إلى مجموعة من المعلومات والتعليمات التي تعرف بالدواء والمواد المركبة له ودواعي استعماله وآثاره الجانبية وغيرها من المعلومات الكثيرة، وكذا مجموعة أخرى من النصائح المهمة، التي لا يتقيد بها البعض للأسف الشديد، أهمها عدم وصف ذلك الدواء لشخص آخر حتى وان كانت حالته مشابهة، غير أن ما نلاحظه في حياتنا اليومية، هو استهانة الكثير من المواطنين بهذه النقطة بالذات، وقيامهم بتبادل النصائح والمعلومات بشأن كثير من الأدوية، خاصة المتعلقة بعلاج بعض الأعراض أو الأمراض البسيطة، كالصداع والزكام والانفلونزا، أو آلام الظهر والمعدة وغيرها. والغريب أن كثيرين قد يستمدون هذه المعلومات من أشخاص غرباء التقوا بهم في الحافلة أو في المقهى أو في أي مكان آخر، وليسوا لا أطباء ولا ممرضين، ولكن صادف أن أصيبوا يوما بنفس ما يشتكون منه، وتناولوا بعد استشارة طبية طبعا، أدوية خففت عنهم آلامهم، وساهمت في علاجهم، ما حولهم إلى أطباء وصيادلة يصفون العلاج للآخرين بلا استشارة طبية ولا غيره، رغم انه من المعلوم أن لكل حالة خصوصياتها، وان تشابهت الأعراض، ومن الخطير تناول أي دواء دون اللجوء إلى الطبيب، فما بالك بتناول دواء وصفه شخص غريب، لا ندري شيئا عن مرضه، ولا عن تاريخه الطبي، ولا عن إمكانية إصابته بأمراض أخرى، وما إلى ذلك، فإعطاء الدواء يعتمد على العمر والوزن والتاريخ الطبي الذي يختلف من شخص لآخر، ما يعني أن ما قد يناسب هذا المريض، لا يعني بالضرورة انه يناسب مريضا آخر، وان كانا يعانيان أمرا واحدا مثلما يبدو. ونسمع كثيرا مرضى أو أشخاصا عاديين يتبادلون معلومات عامة بشان الأدوية التي يتناولونها في علاج أمراضهم، ومنهم حتى من يقوم بتقديم آرائه حول بعض الأدوية أن كانت ذات فائدة أم لا، وقد يصل إلى حد نصح البعض بالتخلي عنها، لأنه قد جربها ولم تجد معه نفعا، وينصحهم بتجريب أدوية أخرى بدت فعالة مع حالته، ولا يدرك الكثير من المواطنين هذه المخاطر، ويعتقدون أن الأمر سهل إلى هذه الدرجة، وعليه فلا ضرورة لتحمل أعباء وتكاليف زيارة الطبيب ودفع مبالغ الفحص الطبي الباهظة، خاصة وان أسعار الفحص الطبي العام أو المتخصص قد ارتفعت مع بداية هذه السنة، ناهيك عن تحمل أعباء الدواء، وعليه فان استشارة مجانية من مريض آخر، يعاني نفس المرض، قد لا يكلف أكثر من مبلغ شراء تلك الأدوية. وعليه فان كثيرا من المواطنين بحاجة إلى معرفة سلبيات هذه التصرفات وإدراك أن من شدد على ضرورة عدم وصف الدواء الذي يعالج به أي شخص لشخص آخر، لم يقم بوضعها هباء، وان وصف الدواء من طرف الطبيب يراعى فيه جملة من المعطيات التي تختلف من مريض إلى آخر، وتؤثر بالتالي على نوع الدواء وجرعته وغيرها، كوزن المريض مثلا، حيث تزداد الجرعة الدوائية كلما ازداد وزن المريض ، ولذلك يحتاج المريض ثقيل الوزن إلى مقدار أكبر من الدواء للحصول على التركيز المطلوب في سوائل الجسم ، وكذا حالة المريض نفسها، إذ كلما ازدادت شدة الأعراض المرضية احتاج المريض إلى زيادة الجرعة العلاجية ، التي قد تتغير بوجود بعض الأمراض المصاحبة ، فمن هذه الأمراض ما يساعد على سرعة نفاذ الدواء من الجسم ، فضلا عن وجود بعض الصفات الوراثية الشاذة التي قد تؤثر في مدى استجابة المريض للجرعة العلاجية، كما أن تناول دواء معين مع دواء آخر في الوقت نفسه قد يؤدي إلى زيادة مفعول احد هذه الأدوية لمفعول الدواء الآخر ، أو نقصانه مما يستلزم ضرورة ضبط الجرعة إما بزيادتها أو إنقاصها، وهو ما لا يعلمه إلا الطبيب دون شك، ومن المستحيل أن يدرك شخص عادي كل هذه الأمور عند وصفه دواء ما لشخص آخر، فقط لأنه جربه وانه لاحظ أن حالة هذا الأخير مشابهة لما كانت عليه حالته، ما يستدعي ضرورة الحذر سواء ممن يعطون هذه النصائح أو ممن يتلقونه حفاظا على سلامتهم وحياتهم.