بقلم: إسماعيل بوزيدة* محتاجون وبشدة في عالمنا العربي وبعد كل ما عشناه وعايشناه من أزمات وصراعات سياسية إلى مشروع إصلاح سياسي سلمي حضاري إنساني جدي وضروري ومستعجل عسانا نخرج من الدوامة التي نحن فيها مشروع مدروس وفق منهجية يشرف عليه اختصاصيون وخبراء ويشارك في صياغته الجميع من شعوب ومجتمعات مدنية وأنظمة ومعارضات وأحزاب وفعاليات وسياسيين وجمعيات مشروع يؤسس لمنظومة حكم توافقي راشد يؤسس لحكم عادل وينهي كل الإشكاليات والنزاعات التي غرقنا فيها منذ عصور طويلة صراعات جعلتنا في قمة الانحطاط والتخلف والتدهور بعد أن كنا في مصاف الأمم وفي قمة الحضارة والازدهار. وكان لزاما علينا بعد أن اتخذنا جميع السبل من أجل تنظيم المجال السياسي وبعد الصراعات السياسية التي عايشناها وكل ما نتج عن ذلك من مآس ونزاعات أن نجتمع كمجتمعات عاقلة ومفكرة لإنهاء هذه الفوضى نجلس لنقرأ التاريخ ونأخذ منه العبر والمواعظ والدروس لنبدأ صفحة جديدة من الفعل والممارسة والتفكير والتعبير دعونا ننتقل من مرحلة التطاحن السياسي من أجل السلطة إلى مرحلة جديدة من البناء السياسي السلمي الحضاري من أجل تقديم الأفضل للسياسة وللأوطان والشعوب دعونا ننظر إلى الأمم المتحضرة وإلى تجاربها لنأخذ منها العبر والدروس لنختصر المسافات ونختصر الجهود والتضحيات. دعونا نؤكد أن كل مشروع إصلاح مهما كان شاملا وقويا ولم يكن له شق سياسي فرنه سيفشل وسيكون هباء منثورا نظرا لما للمجال السياسي من تأثير وهيمنة على المجالات الأخرى وكذا لما يوفره الاستقرار والانتظام السياسي من مناخ ملائم لكل الإصلاحات في المجالات الأخرى. مشروع الإصلاح السياسي مشروع تشاركي يجلس فيه الجميع حول طاولة واحدة ليس إجبارا أو إكراها بل عن رغبة وإرادة وعن حسن نية وخاطر وبدوافع حسنة من أجل وضع حد لكل الماضي السياسي السيئ ولكل التجارب المريرة ليس لنيل المناصب والرتب السياسية ولنيل المكاسب ولكن لهدف واحد هو البحث عن الخير والإفادة والصلاح للأوطان والشعوب والحياة بصفة عامة. مشروع إصلاحي شعاره نعم للتسامح نعم للحوار نعم للمشاركة نعم للتشاور نعم للتداول نعم للأجدر لا للديكتاتورية لا للاستبداد لا للتعالي ولا للاستفراد مشروع تشارك فيه الأنظمة والمعارضات جنبا إلى جنب من أجل مصلحة الجميع أما الاستمرار هكذا وتكرار الأخطاء والمواصلة على نفس المناهج والأساليب القديمة التي أثبتت فسادها وفشلها وضررها فإن ذلك منافاة للعقل وللمنطق وللطبيعة وللسنن الكونية. مشروع ضخم مشروع الإصلاح السياسي مشروع ضخم وجبار يتطلب تضحيات من كل الأطراف ويتطلب أكثر من ذلك قناعات وضمائر حية فالأمة محتاجة اليوم إلى الأجدر والأفضل والأقدر على العمل والنشاط والإفادة محتاجة إلى سياسيين يمارسون السياسة عن قناعات وعن رغبة لخدمة الصالح العام ولخدمة الأوطان والمجتمعات والشعوب ولابد من أن يتطهر المجال السياسي من كل انتهازي وأناني وراغب في خدمة الصالح الخاص والرغبات السفلى فنحن محتاجون إلى أشخاص نزهاء ولديهم مستوى أخلاقي عالي وفكري ووازع ديني يؤهلهم لدخول المعترك والارتقاء في المسؤوليات والمناصب وطرح البرامج والخطط والعمل بكل نزاهة وشفافية وصدق ومصداقية وأمانة. كفانا من تلك النماذج البائسة التي يرتقي فيها أصحاب النوايا السيئة والرغبات الضيقة والضمائر الميتة والانتهازيون والأنانيون وأصحاب المال والبزنسة إلى المناصب الوزارية والبرلمانات والمجالس المحلية لأغراض دنيئة ولخدمة مصالحهم وتضييع مصالح الأمة والمجتمع نماذج سيئة عرفناها كثيرا ونأمل أن لا تتكرر فنحن محتاجون إلى طينة سياسية جديدة بمكونات جديدة وفكر جديد وروح جديدة بلا شك هي موجودة بيننا ولكن لم يفسح لها المجال ولم تمنح لها الفرصة وتم إبعادها وإقصاؤها بطرق مختلفة يطول ذكرها. أما عن النظام السياسي الأمثل الذي يجب انتهاجه فلابد أن نؤكد أن كل الأنظمة تعتبر نموذجية وفيها إيجابيات ولديها سلبيات ابتداء من الأنظمة الدستورية والديمقراطية والبرلمانية والملكية والرئاسية كلها صالحة كأطر من أجل بناء نظام مثالي فقط الفارق يكمن في الأشخاص والذهنيات والعقليات والنوايا فيمكن لنظام ديمقراطي أن ينجح نجاحا باهرا في بلد ما ويفشل فشلا ذريعا في موطن آخر ليس لخلل في هذه الآلية بل لوجود خلل في ممارسي هذه الآلية فالغرب نجح في جميع منظوماته السياسية لأن مجتمعاته وسياسييه على درجة كبيرة من الوعي والنضج أهلته للنجاح فلا يمارس السياسة غير الأجدر والأقدر ولا يتبوأ المناصب والمسؤوليات غير الأنسب طبعا باختيار شعبي وشورى سياسية للطبقة والنخبة وأصحاب الفكر والنزاهة والرأي والمعرفة.