بعض أدعياء التغيير ودعاة الفتنة الذين لم توقظهم صفعة فشل مسيرة الثاني عشر فيفري من غيبوبتهم السياسية والإعلامية مازالوا يبحثون في دفاتر فشلهم عن مبرّرات لإخفاقهم الكبير في تحريك الشارع وقيادة الجزائريين نحو حالة شبيهة بالحالة التي عاشتها مصر ومن قبلها تونس، ويرفضون حتى الآن أن يؤمنوا بأن حال الجزائر اليوم لا يشبه حال تونس قبل رحيل بن علي، ولا حال مصر قبل رحيل مبارك، ويرفضون تصديق أن بوتفليقة ليس مبارك ولا بن علي· فالجميع عندهم سواسية حتى ولو كان بوتفليقة قد قرّر رفع حالة الطوارئ دون ثورة شعبية، ورفع أجور الموظّفين والحدّ الأدنى للأجر القاعدي دون ثورة شعبية، واتّخذ إجراءات كثيرة لترقية التشغيل وتقليص حدّة أزمة السكن، وقام بكثير من الإنجازات التي لا يمكن إنكارها بدليل أن ما تحقّق خلال عشر سنوات من حكمه يفوق ما تحقّقه طيلة العقود الأربعة تقريبا التي مضت منذ استقلال البلاد إلى غاية تسلّمه مقاليد الحكم· وإذا كان هؤلاء الأدعياء يقولون إن الإنجازات المادية ليست وحدها المطلوب، وأنهم يريدون إنجازات معنوية في مجالات حرّية التعبير وحقوق الإنسان فقد أثبتت مسيرتهم الفاشلة أن بلادنا لا تعيش كتما للأنفاس مثلما تحاول بعض الأبواق في الداخل والخارج الترويج له· فقد خرج العشرات من الأشخاص الذين استطاع أدعياء التغيير إقناعهم بالمشاركة في المسيرة المزعومة ورفعوا شعارات يمكن اعتبارها صادمة ما كانت لتُرفع في بلد لا يتوفّر به الحد الأدنى على الأقل، من حرّية التعبير، ومع ذلك لم يخضعوا للحبس ولا للتعذيب كما كان يفعل مبارك مثلا بكلّ من يشقّ عليه عصا الطاعة علانية· وبعض الأبواق الصحفية التي تصدر هنا في الجزائر وتُطبع بمطابع الدولة مازالت تواصل حملة التحريض على الفتنة وزعزعة الاستقرار، وتكتب ما تشاء وترسم ما تشاء ثمّ تزعم أن حرية التعبير غائبة في البلاد، وهي التي تغيّب الرأي الآخر· رأي الداعمين لبرنامج الرئيس ومسيرة الاستقرار والتنمية والإصلاحات والحرب على الفساد، ثمّ تتحدّث عن ضرورة تقبّل كلّ الآراء وتعطي دروسا في الديمقراطية شأنها شأن أحزاب قضى زعماؤها في رئاستها ضعف وأضعاف ما قضاه الرئيس بوتفليقة في الحكم، وهم مع ذلك يعطون لغيرهم دروسا في التداول·