بقلم: عيسى منصور* تستورد الجزائر اكثر من نصف احتياجاتها من الحبوب منها الشعير هذه المادة الاساسية التي يعتمد عليها المربون في تغذية المواشي ان زراعة الحبوب ومنها الشعير غير متطورة في بلادنا فهي تزرع بطريقة تقليدية وتعتمد على الامطار. ان المساحة المخصصة سنويا لزراعة الحبوب تقارب 3 5 مليون هكتار والمسقية منها لا تتعدى ال 200 الف هكتار ان الانتاج الوطني من الحبوب لا يتعدى ال 30 مليون قنطار إلا في المواسم الاستثنائية منها 9 ملايين قنطار من الشعير والتي لا تفي بالاحتياجات الخاصة لأجل تغذية اكثر من 25 مليون رأس العدد الاجمالي لرؤوس الماشية في بلادنا ان كمية الشعير المستوردة سنويا تقدر بنحو 800 الف طن بقيمة اجمالية تصل من 170 إلى 200 مليون دولار حسب اسعار السوق العالمية لهذه المادة ويتم تموين المربين الموالين عن طريق التعاونيات التابعة للديوان الوطني المهني للحبوب بأسعار مدعمة لا تتعدى ال 1500 دينار للقنطار لقد تم في الايام القليلة الماضية رفع الدعم عن هذه المادة الاستراتيجية وفقا للمقترح الذي تقدمت به وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري وادرج في قانون المالية لسنة 2017 والذي اصبح ساري المفعول بعد صدوره في الجريدة الرسمية وبهذا ستعرف اسعار مادة الشعير ارتفاعا محسوسا لقد بررت الوزارة هذا القرار على انه مطلب الموالين انفسهم بحكم انهم لا يستفيدون من الدعم وإنما يستفيد منه المضاربين الذين يتحكمون في السوق. ليس من المعقول ان يطلب الموالون رفع الدعم عن مادة ضرورية لمزاولة نشاطهم ولا يمكن ان يطالبوا برفع سعر عامل اساسي من عوامل الانتاج وبالتالي زيادة التكاليف مما يزيد من متاعبهم ويهدد في الصميم الاستمرار في نشاطهم ولكنهم طالبوا السلطات العمومية بالتدخل لوضع حد لهيمنة المضاربين على سوق الشعير الذين يتحكمون في تموين السوق وفرض السعر الذي يصل ال ضعف السعر المدعم بدل ان تتخذ السلطات المعنية اجراءات رقابية وردعية والضرب بيد من حديد كل من يتلاعب بأسعار المواد المدعمة ارتأت ان تلتجأ إلى الحلول السهلة والتي لا تتطلب اي تفكير حلول تفتقر إلى الحدة والصرامة ان رفع سعر الشعير لن يغير في الأمر شيء بل يزيده تعقيدا فسعر الشعير حتما سيعرف ارتفاعا كبيرا في السوق الموازية ويزداد جشع المضاربين والموال المغلوب على امره يكون لديه خياران: اما ان يشتري بالأسعار التي يفرضها المضاربين وبذلك ترتفع تكاليف الانتاج ويدفع الثمن في الاخير المستهلك النهائي الذي سيتعذر عليه حتما اقتناء اللحوم الحمراء التي ستعرف اسعارها ارتفاعا كبيرا اما ان يتخلى عن المهنة مما يؤدي إلى انعكاسات اجتماعية واقتصادية سلبية ان الندرة في هذا المنتوج هو اساس المشاكل التي يعاني منها المربون و تغذية الماشية تطرح بحدة خاصة في المواسم الجافة والتي ينعدم فيها الكلأ مما يؤدي إلى البحث عن الشعير لتلبية احتياجات القطيع الغذائية وبما ان السعر مدعم اصبح الاتجار به امر مربح للغاية مما ادى إلى ظهور المضاربين والذين ينشطون بتواطئ من جهة: الهيئة التي تمنح صفة الموال ومن جهة اخرى التعاونيات المكلفة بتوزيعه. للقضاء على المضاربة يجب التحرك على هاتين الجبهتين ومن الضروري ايجاد ميكانيزمات رقابية وتطبيق اجراءات ردعية لأجل منع الغرباء عن المهنة من الاستفادة من هذه المادة . يجب ان يكون موضوع القضاء على المضاربة الشغل الشاغل للسلطات العمومية واستعمال كل ما لديها من وسائل حتى يتم ضبط السوق بصفة نهائية ولجميع المواد المدعمة منها والغير مدعمة مرة اخرى تطرح اشكالية السياسة الزراعية التي عجزت إلى حد الان عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتوجات الاستراتيجية سياسة زراعية التهمت من الاموال الكثير ولم تأتي ولو بالقليل بالنتائج المرجوة.