بقلم: عبد القادر حمداوي* إن المناضل المؤمن بقضية وطنه يبدو صامتا ولكن صمته يعد أفصح من النطق والكلام. ومن سكوته حركة ناطقة تبعث في النفوس الحرارة والقوة وجعل من الضعيف قوة بارزة تصعد صعود السماء. وما أروع ذلك المناضل الذي لا يبالي بما يواجه قوى الطغيان المعتدين فهو بوسائله البسيطة يرهب العدو فلم يكن لجيش التحرير الوطني غير سلاح الصيد والمسدسات الخفيفة بل كان يسخر من أعدائه وقد تبين للشعب الجزائري بعد ذلك كيف استطاع جيشه التحرير الوطني أن يزلزل حصون العدو. إن ذلك الجندي المؤمن يثير في الأمة كامن العزم والثقة وانطلق كالسهم من قيود الظلم والقهر هكذا كان يرهب العدو. إن مثل هذا المناضل في أمة من الأمم يراهن على عزتها واستمساكها بحقها فلا يطمع فيها طامع ولا يغير عليها أحد حين يكون أفرادها في استغنائهم وكرامتهم. فليكن لك أيها المواطن الجزائري قدوة صالحة فنحن في حاجة مستمرة إلى استحضار فكرة جوهرية ومن خلال هذه الفكرة نتمكن في الرخاء ولا تنكسر إرادتنا عند وجود الشدائد ولنصبح شيئا أكبر مما يحيط بنا. المواطن الصالح هو الذي يشكل وجوده إضافة للوطن ومن خلال استقامته وبذله بكل قواه. أنترك أرضنا لتصبح نهبا للدخلاء لا نكون كالذين يدعون ويأمرون الناس بالانكماش والانعزال وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم (الحديث). وفي الأفق يكشف الملامح في طريق الحسم موقفنا في استرداد أرضنا السليبة ورد كرامتنا التي انتهكت في مقدساتنا من أقدس شعائر وأماكن بيد أعدائنا. وقفة تأمل نسترجع فيها ما مضى وصولا إلى ما نحن عليه الآن والانطلاق إلى ما يجب أن يكون في حساب دقيق لا نعرف الزيف والجزائر تمتحن في إرادتها وتقدمها وصلابتها. وهي تبين مواقع الأقدام على طريق النضال مستفيدة من عبرة الماضي في انطلاقة هائلة تكون قوه دافعة إلى مستقبل زاهر حتى لا تضيع خطواتنا على الطريق. لقد عرفنا عدونا وقانونه الذي يحكم بتصرفات العشوائية فهو لا يعرف غير القتل وسفك الدماء والكذب والخداع والتسلط على عباد الله. لكن الشعب الجزائري وقف ضد الظلم ويقف في مواجهة الظالم موقنا ومتشددا لا يلين فليس من الحق ولا من العدل أن يسامح الإنسان مع الظالم إلى حد ضاع الحق فلا رحمة مع الظالم ... إحقاقا للحق واستبيانا للعدل والسلام والدفاع عن النفس هو قضية الحياة والموت. لقد دخلنا الحرب دفاعا عن أرضنا ويعد استنفاد كل السبل انطلقنا لتحرير كل شبر من تراب الوطني ونذكر ذلك الموقف الخالد لقد كانت هذه المرحلة متميزة في تاريخ الثورة.
تضحيات وبطولات وبعد انقضاء سبع سنوات ونصف نذكر تلك الصورة الجشعة التي كان يستعملها العدو مع المواطنين في كل مكان في القوى والمد اشر والمدن. فالتهديد بالسلاح إلى ترك ديارهم وقبول العيش في الجزائر وأبناء الجزائر يعيشون في وطنهم غرباء. قام المناضلون بتفجيرالثورة وانطلقوا بإرادتهم. لقد استقبل أغلبية المناضلين هذا الحدث الوطني التاريخي بفرح وحماسة لا نظير له. اعتقل العدو الكثير وزج بهم في غياهب السجون. أين قضوا سنوات عديدة داخل الزنزانات بين التعذيب والمحاكمات وكان يصدر ضدهم أقاويل كاذبة. والتحق الكثير من المواطنين بالجبال وانخرطوا في صفوف جيش التحرير الوطني قبل أن يتمكن العدو من القبض عليهم. وأسندت إليهم مسؤوليات مختلفة في ركب الثورة منهم سي العربي وسي جلول وجمعي وبقديش وحمدان واعمران وغيرهم. بدأ جنود العدو يتفننون في كيفية قتل أهل القرية بكل وحشية كانوا يتسابقون على من يقتل أكثر عدد كانوا يندافعون إلى ساحة القرية وهم يفزغون رصاصاتهم على أجساد هؤلاء الأبرياء. كان المجاهدون ينظرون بعينهم كيف يتساقطون أمام العدو دون أن تكون لهم وسيلة دفاع. تمنيت لو كان لي رشاش في يدي لحصدت هؤلاء الأنذال لأخلص عليهم كان حركي طويل القامة لما جن جنونه أمر ذلك المواطن البسيط أن يتقدم إلى حافة الوادي لكن الشهيد قرر أن يدافع عن شرفه ويأخذ بثأره فارتمى على ذلك الحركي وخطف منه سلاحه وبقي في صراع معه وتغلب عليه في النهاية بدأ يطلق النار على العدو. بقي الشهيد ماسكا الرشاش مهددا به في نفس الوقت أسرع المجاهدون إلى وضع كمين في طرف الوادي وجدوا مكانا يليق عاد العدو إلى ثكناته مسرعا وعند وصولهم إلى المكان أفرغ المجاهدون رشاشاتهم على جنود العدو. نفذ المجاهدون هذه العملية للانتقام مما قام به العدو وأشعل المنطقة بالعذاب وبالقتل على المدنيين العزل وخربت منازلهم وأفسدت أموالهم وقتلت العشرات بكفية وحشية وأقامت قيامة لأن الصدمة كانت قاسية. أصبحت الصحف عاجزة عن إحصائها وعدها فأحرقت الغابات بانابالم المحرم دوليا واستعماله ضد كتائب جيش التحرير الوطني في أغلب المعارك. أحذوا كل مايلزمهم من السلاح والذخيرة وعادوا إلى أماكنهم. كانت العملية تسير كما خطط لها وكانت الثورة في أشد الحاجة لهؤلاء الرجال الأكفاء. الذين اقتنعوا بأنه يجب أن تكون هناك كمائن قوية تخرج الثورة من جمودها والتخطيط لكل الاحتمالات والاستعداد لخوض المعركة الخالدة حيث بدأ المجاهدون والمناضلون في توعية المواطنين وتحديد الأهداف والمهام. كان الكل متحمس وقلوبهم مشحونة بالكراهية على المحمل الذي حرمهم من أدنى الحقوق البسيطة كان منه حق وواجب الانتقام لاستعادة ما أخذ بالقوة من الفلاح الجزائري وهي الأرض ولا شيء أغلى من الأرض والعرض.