سنخصّص حلقة اليوم عن مسيرة فريق المولودية في الكأس القارية عام 1976 التي قادته لمنصة التتويج وفيها سنتعرف عن كل صغيرة وكبيرة عن هذا المسار الرائع الذي مهد للكرة الجزائرية انتصارات اخرى. ترى كيف تمكن لاعبو المولودية ان يشقوا طريقهم بثبات إلى المباراة النهائية بل كيف تمكنوا من انتزاع الكأس الإفريقية الغالية من ايدي اقوى فريق قاري آنذاك وهو فريق حافيا كوناكري الفريق الذي كان يحمل تاج الدورة الاخيرة ذلك ما سنتعرف عليه حالا. الطريق إلى منصة التتويج القارية 1976 انطلاقة المولودية من بنغازي الليبية دخل فريق مولودية العاصمة المغامرة الإفريقية يوم 30 افريل عام 1976 بمدينة بنغازي الليبية حيث التقى بملعب هذه المدينة نادي الأهلي الليبي ورغم الظروف الصعبة التي جرت فيها المباراة خاصة عاملي الطقس إلا ان لاعبي المولودية سجلوا هدفين في شباك الفريق المنافس مقابل ثلاث أهداف لهدفين نتيجة حتى وإن كانت لمصلحة النادي الأهلي الليبي إلا أنها وصفت بالإيجابية كون لقاء الإياب سيلعب بملعب 5 جويلية الأمر الذي سيخدم فريق المولودية إذا عرف كيف يستغل عاملي الملعب والجمهور فهدف واحد يكفي المولودية لبلوغ الدور الموالي. لقاء العودة الذي لعب بعد أسبوعين فقط من مباراة الذهاب احتضنه كما سبق الذكر ملعب 5 جويلية أمام جمهور قليل جدا لم يتعد عن ال10 ألف متفرج أداره الحكم جاية من تونس دخله فريق المولودية بالأسماء التالية: كاوة (ايت موهوب) زمور محيوز عزوز باشطا بن شيخ بتروني باشي ايت حمودة (بانج) بوسري والراحل دراوي فيما كان يشرف على تدريب الفريق عبد الحميد زوبا. منذ البداية اتضحت معالم المباراة على أن الفوز لن يفلت من لاعبي العميد فبعد أن أهدر بتروني هدفا حقيقا في الدقيقة العاشرة تمكن زميله عزوز في الدقيقة ال 12 من فتح باب التسجيل إثر ضربة جزاء بعد رقة واضحة للاعب بتروني داخل منطقة العمليات هدفا كان كافيا لتأهل المولودية شريطة أن لا تتلقى شباك المولودية أي هدف. بالرغم من الفرص العديدة التي أتيحت للاعبي المولودية خلال الشوط الأول أن الفريق الزائر تمكن من تعديل النتيجة في الدقيقة ال 38 بواسطة بن سعود وبهدف لمثله انتهت المرحلة الأولى المرحلة الثانية كانت طبق الأصل للأولى فرق يدافع وآخر يهاجم الامر الذي كللت محاولات المولودية من إضافة هدفا ثانيا في الدقيقة ال 65 بواسطة الاحتياطي بانج وفي الأنفاس الأخيرة من اللقاء تمكن اللاعب باشي من قتل اللقاء بهدف ثالث كان كافيا للاعبي المولودية من التأهل إلى الدور ثمن النهائي لكن بشق النافس. وعقب نهاية اللقاء صرح عبد الحميد زوبا مدرب المولودية لوسائل الإعلام ردا عن الأداء الهزيل للاعبيه بقوله (المهم هو تأهلنا إلى الدور الثاني). الدور ثمن النهائي المولودية والأهلي المصري وجها لوجه بعد اكتمال عقد الفرق المتأهلة إلى الدور ثمن النهائي وعددها 16 فريقا تم سحب عملية القرعة وافرزت عن مواجهة قوية لفريق المولودية أمام الأهلي المصري وقد رشح الجميع الأهلي لوضع حد لمسيرة المولودية نظرا لتباين مستوى الفريقين كون فريق الأهلي كان يزخر بأسماء لامعة يقودهم لاعب القرن في مصر محمود الخطيب. التقى الفريقان في لقاء الذهاب في ال 29 من شهر ماي من ذات السنة بملعب 5 جويلية الأولمبي أمام 55 ألف متفرج وأدراه الحكم التونسي دريد المولودية دخلت اللقاء بالأسماء التالية: كاوة وزمور وعزوز ليتم تعويضه بعلي بن شيخ وبتروني الذي عوضه بانج وبوسري وباشطا والراحل دراوي المدرب كما هو معلوم عبد الحميد زوبا. زملاء باشي كانوا في الموعد فرغم جلوس بن شيخ على مقعد الاحتياط بسبب الإصابة وجدوا كل الدعم من طرف الجماهير الغفيرة التي ملأت مدرجات ملعب 5 جويلية حيث تمكن فريق المولودية من تسجيل هدفين خلال الشوط الأول البداية كانت مع اللاعب عزوز ليضاعف زميله باشي النتيجة الامر الذي زاد من فرحة الجماهير فوق المدرجات التي تغنت كثير بحياة المولودية. الشوط الثاني تواصل ضغط لاعبي المولودية على الخصم جسده اللاعب الاحتياطي بن شيخ بهدف ثالث قضى به على أحلام لاعبي الأهلي الذين شكلوا قبل هدف بن شيخ ضغطا رهيبا على الحارس كاوة لكن براعة هذا الأخير حال دون ذلك لتنتهي المباراة بفوز مستحق للمولودية لم يصدق مدرب الأهلي اليوغسلافي ياغوديتش على ان فريقه خسر اللقاء ب3/0 ورغم الفوز الكاسح للمولودية إلا أن ياغودفيتش وعد محبي الأهلي بكسب ورقة العبور إلى الدور ربع النهائي كون مباراة الإياب تلعب بملعب ناصر بالقاهرة. لكن قوة وإرادة شبان المولودية الذين كانوا لا يقهرون تمكنوا من فرض التعادل في لقاء العودة الذي لعب يوم 11 جوان من نفس العام بهزيمة صغيرة للمولودية بهدف لصفر وقعه اللاعب الكبير محمود الخطيب في الدقيقة العاشرة من المرحلة الثانية فريق المولودية لعب اللقاء بالتشكيلة التالية في الحراسة كاوة وفي الدفاع زمور وعزوز ومحيوز الذي تم تعويضه بعمروس وزنير وفي الوسط بن شيخ وباشي الذي عوضه ايت حمودة وياشطا وفي الهجوم بتروني وبوسري والراحل دراوي المدرب زوبا. تحمل لاعبو المولودية ضغط لاعبي الأهلي الذين كانوا معدمين ب40 ألف متفرج من المدرجات. لكن النقطة الإيجابية في اللقاء هو التحكيم النزيه للإثيوبي كاشي إسماعيل. وبتأهل المولودية إلى الدور ربع النهائي بدأت تتضح معالم الفريق في هذه المنافسة الذي يخوض أطوارها لأول مرة ليجد أمامه في الدور الموالي فريق ليو اينيو الكيني. الدور ربع النهائي ليو اينيو الكيني جسر عبور المولودية للمربع الذهبي في الدور ربع النهائي واجه فريق المولودية فريق ليو اينيو الكيني مباراة الذهاب وعلى عكس الدورين السابقين لعبت بملعب 5 جويلية وهذا في العاشر من شهر سبتمبر من ذات العام ونظرا لما فعله لاعبو المولدية بكل من الأهلي الليبي والمصري لعبت المباراة أمام أكثر من 50 ألف متفرج. فريق المولودية دخلت المباراة بالأسماء التالية: كاوة وزمور هذا الأخير عوضه الراحل دراوي ومحيوز وزنير وبن شيخ وبتروني وباشي وبوسري هذا الأخير عوضه ايت حمودة وباشطا وبلمو المدرب عبد الحميد زوبا. اللقاء شهد مهرجانا من الأهداف بلغ في المجموع تسع أهداف كاملة سداسية لفريق المولودية التي تداول على تسجيلها كل من بوسري في الدقيقتين ال 18 و54 وبن شيخ في الدقيقتين ال 37 و57 وباشطا في الدقيقة ال 37 وسيتينا ضد مرماه في الدقيقة ال 16. اللقاء أداره بامتياز الحكم المصري فهمي الذي اعترضت إدارة المولودية بتعيينه لكن الاتحاد الإفريقي أصر على اختياره لهذا الحكم الذي كان عند حسن ظن الجميع بأدائه الرائع. فوز المولودية بنتيجة 6/3 كانت كافية لزملاء علي بن شيخ ليخوضا لقاء العودة ببال مرتاح الامر الذي مكنهم من فرض التعادل في لقاء الإياب بهدف لمثله سجل للمولودية اللاعب بوسري في الدقيقة ال 32 نتيجة أهلت العميد إلى المربع الذهبي بجدارة واستحقاق ليلاقي في هذا الدور فريق نادي رنجرس النيجيري. الدور نصف النهائي بوسري أهّل المولودية إلى النهائي أوقعت عملية القرعة فريق المولودية في المربع الذهبي أمام نادي رنجرس النيجيري وهو الفريق الذي كان يلعب له الدولي النيجيري الشهير اوديغبامي. ونظرا للظروف الصعبة التي جربت فيها المباراة أرغم فريق المولودية من تذوق الفوز بالرغم من ان لاعبيه قدموا مباراة طيبة لكن الحكم أراد عكس ذلك لتنتهي المباراة بفوز المحليين بهدفين لصفر ورغم الخسارة إلا أن لاعبي المولودية عادوا إلى أرض الوطن وكلهم أمل في بلوغ الدور النهائي كون ثقتهم كانت كبيرة بمستواهم وقدراتهم لتحويل الخسارة إلى فوز وهو الذي حدث في لقاء الذهاب الذي لعب كمثل يوم غد الأحد 16 نوفمبر من عام 1976 بملعب 5 جويلية أمام حوالي 50 ألف متفرج وأداره الحكم المصري نهار دياب. فبعد انتهاء الشوط الأول بدون فائز بالتعادل السلبي ظن الجميع ان ورقة العبور قد طارت من لاعبي المولودية كون نتيجة الذهاب انتهت لمصلحة الفريق الزائر مادي رنجرس بهدفين لصفر لكن ور دخول انطلاقة المرحلة الثانية تمكن اللاعب بلمو من فتح باب التسجيل وهو الهدف الذي زاد من معنويات لاعبي المولودية فأربع دقائق من بعد يتمكن اللاعب زنير من إضافة الهدف الثاني وهو هدف التعادل إذا احتسبنا نتيجة لقاء الذهاب الامر الذي كان يكفي لاعبي المولودية هدفا واحدا من بلوغ المباراة النهائية شريطة أن تبقى شباكهم نظيفة. إصرار زملاء بن شيخ في بلوغ اللقاء النهائي كان واضحا بعد توقيعهم الهدف الثاني حيث فرضوا إيقاع لعبهم لكن بالرغم من الفرص العديدة إلا أن النتيجة بقيت على حالها إلى غاية الدقيقة ال13 قبل النهاية حيث تمكن اللاعب بوسري الذي كان بعرف باسم الثعلب حيث أضاف الهدف الثالث والتأهل إلى اللقاء النهائي وكم كانت الدقائق المتبقية طويلة على لاعبي المولودية والجمهور بعد أن خلق لاعبو نادي رانجرس العديد من الفرص السانحة للتسجيل علما أن هدفا واحدا كان يكفي هذا الأخير من المرور إلى المباراة النهائية لكن صافرة الحكم المصري دييبا حسمت الامر بعد إضافته لثلاث دقائق كوقت ضائع لتمر المولودية ولأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية إلى المباراة النهائية والتي تأهل إليها فريق حافيا كوناكري. النهائي بركة بتروني وضربات الجزاء في الخامس من شهر ديسمبر عام 1976 جرى الشطر الأول من نهائي كأس إفريقيا للاندية البطلة وهذا بالملعب الأولمبي بالعاصمة الغينية كوناكري فأمام مدرجات مكتظة عن آخرها فاق عن ال 50 ألف متفرج وتحت قيادة الحكم الزامبي انجوانا دخل فريق المولدية النهائي بالأسماء التالية: في الحراسة كاوة ثم ايت موهوب في الدفاع زمور ومحيوز وعزوز وزنير وفي الوسط بن شيخ وباشي وباشطا وفي الهجوم بتروني وبوسري وبلمو المدرب عبد الحميد زوبا. مارس الغينيون شتى الوسائل على لاعبي المولودية من اجل النيل منهم وهزمهم بشر هزيمة كونهم كانوا يدركون ان لقاء الإياب سيلعب في الجزائر ومن الصعب العودة بالكأس ان لم يفوزا بنتيجة ساحقة. لاعبو المولودية وبعد التجربة التي اكتسبوها من خلال اللقاءات السابقة بإقصائهم لأقوى النوادي الإفريقية بداية بالأهلي الليبي ثم الأهلي المصري ونادي ليو الكيني ورانجرس النيجيري لم يبالوا بكل ما أحيط بهم ودخلوا المباراة بكل قوة وعزيمة من اجل الصمود أمام فريق كان يحمل تاج البطولة. صمود لاعبي المولودية دام إلا 24 دقيقة حيث تمكن اللاعب مورسين من الوصول إلى شباك الحارس كاوة وهو الهدف الذي زاد من عزيمة وإصرار أشبال المدرب فوفانا من إضافة أهداف أخرى وكان لهم ذلك بعد انحياز فاضح من الحكم الزامبي انجوانا الذي احتسب هدفا خياليا للمحليين وقعه اللاعب بن غاليس في الدقيقة ال 37 الامر الذي أثار سخط لاعبي المولودية وبما ان بن شيخ كان في نظر الغينيين أحسن لاعب في المولودية فقد أثاروا غضبه الأمر الذي اضطر الحكم بطرده. النقص العدد للاعبي المولودية نال منهم في المرحلة الثانية بإضافة الفريق المحلي هدفا ثالثا في الدقيقة 65 بواسطة نجوليا وهو الهدف الذي أربك لاعبي المولودية فولا براعة الحارس ايت موهوب الذي عوض زميله كاوة الذي خرج بسبب تلقيه لإصابة لكانت النتيجة أكثر من ثلاث أهداف بالرغم من فوز حافيا كوناكري بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر إلا أن لاعبي المولودية لم يفقدوا الأمل في انتزاع ألكأس الغالية قبل أسبوع من اللقاء الفاصل بملعب 5 جويلية تدخلت الدولة الجزائرية برئاسة وزير الخارجية آنذاك السيد عبد العزيز بوتفليقة (الرئيس الحالي) للجمهورية الجزائرية بإقناع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم برفع العقوبة عن اللاعب علي بن شيخ قصد مشاركته وهو الذي حدث. لقاء العودة لعب يوم 18 ديسمبر من ذات السنة بملعب 5 جويلية أمام حضور قياسي للجماهير حيث فاق العدد عن ال 80 ألف متفرج اللقاء أدراه الحكم التونسي غيازة دخله فريق المولودية بالتشكيلة التالية: في الحراسة ايت موهوب وفي الدفاع كل من زمور وعزوز ومحيوز وزنير وفي الوسط بن شيخ وباشي وباشطا وفي الهجوم كل من بتروني وبوسري والراحل دراوي والمدرب بطبيعة الحال عبد الحميد زوبا. كان على لاعبي المولودية على الأقل تسجيل ثلاثة أهداف ان ارادوا جر منافسهم حافيا كوناكري إلى ضربات الجزاء الامر الذي جعل زملاء القائد عمر بتروني يكثفون من محاولاتهم جسدها اللاعب باشي بهدف جميل في الدقيقة ال 24 وبهدف لصفر انتهت المرحلة الأولى. المرحلة الثانية كانت طبق الأصل للأولى فريق يهاجم وآخر يدافع مما سمح اللاعب بتروني من إضافة الهدف الثاني في الدقيقة ال 76 وهو الهدف الذي زاد من لهيب المباراة وقد سعى لاعبو حافيا كوناكري كل ما في وسعهم من اجل الحفاظ على النتيجة كونها كانت تسمح لهم بالفوز بالكأس على ضوء نتيجة الذهاب التي كانت لمصلحتهم ب3/0 لكن وبما أن عمر بتروني عود الجمهور الرياضي الجزائري بتسجيله العديد من الأهداف في وقت قاتل من اللقاء أعاد سيناريو مباراة الجزائر مع فرنسا في نهائي الألعاب المتوسطة قبل سنة من هذا اللقاء ففي الوقت الذي كانت العديد من الجماهير تغادر مدرجات ملعب 5 جويلية بعد انتهاء التسعين دقيقة وإذا بعمر بتروني يفعلها ويهز شباك الغينيين يالها من فرحة غمرت العديد من الجماهير ليلجأ بعدها الفريقان إلى ضربات الجزاء التي ابتسمت للاعبي المولودية ب5/3 وفور تسجيل المولودية الضربة الخامسة انفجرت حناجر الجمهور الرياضي ليس بملعب 5 جويلية فحسب بل في كل شبر من أرض الوطن وخرجت الآلاف من الجماهير إلى الشوارع تحتفل بهذا النصر العظيم الذي كان بوابة لانتصارات أخرى للكرة الجزائرية. تطالعون في الحلقة المقبلة: مسيرة المولودية في كأس الجزائر ... سبع كؤوس متتالية والثامنة ضاعت فبل السنة الماضية... ذلك ما سنتعرف عليه في الحلقة المقبلة من الجزء الخامس من المسيرة الكاملة لفريق المولودية.