حصار وتشرّد وموت مشاهد مرعبة من قلب الرقة بدأت معركة الرقّة في السادس من جوان الماضي بقيادة قوات سورية الديمقراطية التي تمثّل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري وبدعم جويّ مباشر من طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية. الكلفة تأتي كبيرة جداً بالنسبة إلى المدنيين سواء بالأرواح التي سقطت أو بالمعاناة التي يعيشها الأحياء من بينهم. وتتضارب المعلومات حول العدد الدقيق للمدنيين المحاصرين داخل المدينة وكذلك حول أوضاع هؤلاء ومعاناتهم هناك من جرّاء المعارك أو الممارسات التي يرتكبها تنظيم داعش بحقّهم. ويقول احد الناشطين مجال الإغاثة إنّ ما لا يقلّ عن 25 ألف شخص ما زالوا داخل المدينة وهم يعانون من ظروف قاسية . يضيف أنّه حصل على معلومات مؤكّدة تفيد بوجود عدد كبير من الجرحى والمصابين بأمراض مزمنة في حاجة ماسّة إلى العلاج من دون أنّ يتلقوا أيّ رعاية صحية داخل المدينة. فكلّ مشافي المدينة الرسمية والخاصة متوقّفة تماماً عن العمل والطبابة محصورة في المشافي الميدانية التي أستحدثها التنظيم في أقبية المنازل بغرض علاج مصابيه الذين يقاتلون على الجبهات . ويلفت إلى أنّ المدنيين مُنعوا من الحصول على العناية الطبية في تلك المراكز وكثيرون منهم لم يحصلوا على أي من الأدوية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة . ويصف هذا الناشط حال المدنيين داخل الرقّة قائلاً إنّهم محاصرون في انتظار الموت إلّا في حال فتح خط إنساني لإخراجهم إذ إنّ مصير الجرحى والحالات الطارئة هو الموت في حال البقاء وعدم الخروج العاجل . ولا تتوقّف المشكلة عند الرعاية الصحية فحسب ويشير المتحدث ايضا إلى نقص حاد في المياه راح يعاني منه المدنيون بعد أيام من انطلاق المعركة. وهو الأمر الذي أسفر عن انتشار الأمراض بصورة أكبر في حين يتعمّد التنظيم احتكار السلع الغذائية والضرورية لتوفيرها لمقاتليه وعائلاتهم . وعلى الرغم من هذه المعاناة ومن الدعوات التي وجّهتها الأممالمتحدة لهدنة إنسانية تسمح بخروج نحو 20 ألف محاصر من الرقّة فإنّ التنظيم وقوات سورية الديمقراطية لم يستجيبا حتّى الساعة لتلك الدعوات. وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت تقريراً حذّرت فيه من خطورة الأوضاع التي يواجهها المدنيون العالقون في الرقّة إذ رأت أنّهم يعيشون حالة من التيه وسط نيران المعركة بين التنظيم وقوات سورية الديمقراطية وجيش النظام والتحالف الدولي. أضافت المنظمة أنّ تعمّد تنظيم الدولة استخدام المدنيين دروعاً بشرية لا يبرّر انتهاك الأطراف الأخرى للقوانين الدولية مطالبة قوات سورية الديمقراطية والولاياتالمتحدة بحماية المدنيين وفتح طرقات آمنة وتجنّب الهجمات غير المتناسبة والقصف العشوائي .