حنان قرقاش لا يختلف اثنان على أن بعض المجانين أو المرضى النفسانيين، يشكلون ديكورا آخر للعاصمة، البيضاء التي تحاول بشتى الطرق إخفاء وجهها الآخر، عن عشاقها، وجهها الشاحب، الذي يعصف بنصاعة بياضها، ويضرب به عرض الحائط، وتعد ظاهرة انتشار المجانين في الشوارع من الظواهر السلبية الكثيرة، التي لا تتسبب في تشويه وجه العاصمة فحسب، وإنما تشكل أيضا مخاطر كبيرة ومتعددة على المواطنين والمارة بتلك الشوارع، نظرا للتصرفات المخيفة التي يقدم عليها هؤلاء المجانين، ومن شانها أن تتسبب في حوادث خطرة ومتعددة، يكون ضحاياها دائما من الأبرياء وسط تجاهل وغياب للمصالح المعنية، التي يتعين عليها مراقبة تواجد وانتشار المجانين و المرضى النفسانيين في الشوارع، ونقلهم إلى المصالح الاستشفائية المتخصصة، لعلاجهم، وتخفيف ضررهم على المواطنين. الحديث هاهنا، هو نتيجة لمشهد مجنونة تكون في حوالي العقد الرابع أو الخامس من العمر، ببئر مراد رايس بالعاصمة، التي أحدثت حالة من الفوضى و الرعب بالحي المذكور وبالضبط في الساحة العامة، بمحاذاة منحطة الحافلات، وعلى الطريق العام، حيث كانت تقف على حافة الطريق، حاملة بيديها كمية من الحجارة الكبيرة الحجم، وترشق بها أصحاب السيارات و الحافلات، ما خلق حالة من العرب و الهلع لدى المواطنين الذين كانوا واقفين أو مارين بالطريق، ولدى المواطنين الراكبين بمختلف وسائل النقل، المارة من هناك، ما دفعهم إلى الصراخ، ودفع ببعض السائقين إلى القيام بمناورات لتفادي ضربات تلك المجنونة، فيما لم يتمكن آخرون خاصة القادمون من بئر خادم والسحاولة من التوقف في المحطة المخصصة لهم، نتيجة التصرفات الخطرة التي كانت تقوم بها تلك المرأة، ولم تكتف بمجرد الوقوف ورشق الحافلات و السيارات بالحجارة، بل كانت تركض خلف من يهربون منها، وتصوبها مباشرة إلى الزجاج الخلفي أو الأمامي، أو حتى إلى النوافذ، ما أدى بالكثيرين إلى الاختباء تحت الكراسي التي يجلسون عليها، في مشاهد رعب لم يتوقعوا أن يجدوها بانتظارهم ببئر مراد رايس. وغير بعيد عن بئر مراد رايس، وبالضبط بالمدنية، فان هنالك مجنونا اخر، لا يقل عنفا عن زميلته السابقة، و الغرؤيب انه يتربص بالسيدات و العجائز ليشبعهن ضربا، هذا المجنون وهو في حوالي العقد الرابع من العمر، ولا يتردد دائما في ضرب أية سيدة تمر من أمامه، وقد حاول في العديد من المرات بعض شبان الحي معاقبته على ما يقوم به بضربه أيضا، وطرده من الحي، إنما بدون جدوى، فيما تسال بعض المواطنين الذين اخبرونا بقصته، عن سبب عدم قيام الجهات الوصية بحملة لتطهير الشوارع والأحياء من مثل هؤلاء المجانين العنيفين و الحادي الطباع، وبباب الواد أيضا وبالقرب من سوق الساعات الثلاث، فان هنالك مجنونة كثيرة الجلوس بذلك المكان، وهي رغم أنها تبدو هادئة، إلا أنها غالبا ما تقوم بتوجيه لكمات قوية جدا، إلى أي جزء من جسم أي شخص يتجرا على المرور بالقرب منها. هذا دون الحديث طبعا، عن بعض المجانين الذين يتجولون حفاة عراة، أو من يتفوهون بكلام خادش للحياء، مما يتسبب بأذى نفسي وإحراج كبيرين للغاية للمارة و المواطنين من النساء و الرجال على السواء، وقد لا تتحمل الجهات المعنية المسؤولية في هذه الظاهرة بمفردها، بل إن الأسر والمواطنون عامة، يتحملون أيضا جزءا في ذلك، حيث من المفترض أن يقوم كل شخص، يصادف أو يشاهد مجنونا خطرا يتجول بكل حرية في الشوارع، أن يقوم بإبلاغ الجهات الطبية المتخصصة، إنقاذا للمارة من خطورته، وإنقاذا لذلك المجنون نفسه، من مغبة ما قد يتعرض لها بدوره من مخاطر واستغلالات فظيعة، على يد بعض الأشخاص منعدمي الضمير، إضافة إلى مطالبة الجهات المعنية بتكثيف إجراءات المراقبة والبحث بالشوارع و الأحياء عن هذه العينات من المرضى النفسانيين وحملهم إلى المصحات والمؤسسات العلاجية المختصة التي تتوفر عليها بلادنا، وإحاطتهم بالرعية اللازمة و العلاج الكفيل بإعادتهم إلى حالتهم الطبيعية، أو على الأقل التخفيف عنهم، وإبعادهم عن الأجواء المشحونة والمتوترة، وعوامل الضغط والنرفزة.