ق· حنان من الظواهر المشينة التي تعاني منها العاصمة، الانتشار الكبير لعدد من مظاهر الترييف عبر أحياء واسعة منها، سواء كانت هذه الأحياء واقعة في قلب العاصمة، أو على أطرافها، بمخارج ومداخل البهجة، حيث يمكننا أن نصادف بعضا من المشاهد التي قد يعتقد البعض أنه لا يمكن مشاهدتها إلا في الريف أو البادية، ولكن بعض المواطنين، آثروا نقل أجواء الأرياف إلى العاصمة، فلم يعد غريبا أن نرى الكباش والماعز والدجاج والديوك والأرانب والبط، والكثير من الحيوانات الأليفة التي يقوم عادة الريفيون بتربيتها وتدجينها، للاستفادة من لحومها وألبانها، وغيرها· ولا يقتصر الأمر على من يقطنون في منازل خاصة، أو فيلات، يمتلكون فيها حدائق ومساحات إضافية خارجية تتيح لهم فعل ما يريدونه بمنازلهم، أو بمن يقطنون منازل أرضية فحسب، وإنما تعداه ليشمل حتى الذين يقطنون العمارات، ممن اتخذ بعضهم من الشرفات، أو من المساحات الخارجية أسفل العمارة، مكانا أو بالأحرى "زريبة" لتربية مختلف أنواع الحيوانات الأليفة، خاصة من الدواجن والطيور، فبعين النعجة مثلا، وبعدد من الأحياء السكنية، تتجول الديوك والدجاج بكل حرية، في حدائق العمارات التي قام سكانُها بتسييجها، وليس لبقية الجيران حق الاعتراض لأن الإجابة الوحيدة المتوفرة هي أن الحديقة ملك لكافة الجيران، ولكل الحرية في استغلالها مثلما يحب، رغم أن الإزعاج الذي تسببه هذه الظواهر يتجاوز مجرد استغلال ملكية عامة، لقضاء مصالح شخصية، إلى تشويه المنظر العام للحي خاصة وللعاصمة بصفة عامة، إضافة إلى أنه يسبب الكثير من الإزعاج للجيران، بفعل صياح الديكة، في الصباح الباكر، وكذا بفعل انتشار فضلاتها وروائحها الكريهة، وغير ذلك، الأمر الذي عادة ما يتسبب في بعض المناوشات بين الجيران، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بعضا ممن يقطنون في الفيلات المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز، أو الذين يقطنون في الأحياء الفوضوية المجاورة يقومون برعي الأغنام من كباش وماعز التي يربونها منذ فترة طويلة، في بعض الأحياء التي تشهد وجود كميات من العشب، سواء بالحدائق الخاصة بالسكان الموجودة أسفل عدد كبير من العمارات، أو في المساحات الخضراء المنتشرة في هذا الحي أو ذلك، طبعا مع كل ما يسببه خروج ودخول تلك الأغنام من عرقلة في حركة المرور، وتشويه لمنظر الطرقات، وما تخلف وراءها من رائحة تزكم الأنوف، كل هذا دون أن يكون هنالك قانون فعلي رادع لمثل هذه التصرفات، رغم أن الظاهرة ليست بالظاهرة الجديدة، ولطالما اشتكت العاصمة من مظاهر الترييف التي غزت الكثير من أحيائها وشوارعها، بسبب عقلية بعض المواطنين الذين لم يتمكنوا من استبعاد مظاهر الترييف، والاقتناع بحياة المدينة ماداموا قد اختاروا عيشة المدن على الأرياف· ولا تقتصر مظاهر الترييف على تربية المواشي والدواجن وغيرها من الحيوانات الأليفة، وإنما تشتمل أيضا على بعض الظواهر الأخرى، كإلقاء أكياس القمامة من الشرفات، وإلقائها في غير أماكنها المخصصة لها، إضافة إلى الطريقة الفوضوية في البناء، وكذا المظهر الخارجي لشرفات العمارات، حيث تمتلئ الكثير منها بأنواع من الخردة والأواني البلاستيكية والقطع الحديدية والأخشاب وغيرها، ما يتطلب حسا عاليا لدى المواطنين بالدرجة الأولى، لأجل الحفاظ على منظر جمالي راق ومتحضر لأحياء العاصمة·