الإساءة إلى الإسلام ليست مجرد اتهامات يلقيها مسيحيون ويهود وغيرهم، ودعوات إلى تركه ونبذه لأنه ليس الدين الحق، ومحاربته لا تقتصر على منع المآذن والتصدي للباس الشرعي للمرأة المسلمة، مثلما يفعل بعض الحاقدين، بل الأخطر من كل ذلك بعض الرسائل الالكترونية والتي يحمل ظاهرها دعوة إلى الدين، ويخفي باطنها ما جلّ وعظم. رسائل الكترونية من شأنها أن تكون أخطر مما يتوقعه أي كان، لا تحتوي على فيروسات قادرة على غلق أو سحب بعض الأسرار من بريدك الشخصي، ولكنها تحتوي في المقابل على أفكار مدمرة، تمسّ الدين والعقيدة وتجعل متصفحها يشك، أو على الأقل، وبعد قراءتها وقراءة رسائل أخرى مشابهة لها يداخله شيء من الشك في دينه، وربما صدق الأكاذيب التي جاءت فيها، لا وبل يمكن له أن يقوم بنشرها والتعريف بها، ولكن بحسن نية. قد يتساءل البعض ما السرّ الذي يكمن في تلك الرسائل، فيجعلها بالتالي بمثل هذا الخطر على متصفحي الأنترنت، خاصّة وأنّ أي واحد بإمكانه التخلص منها بمجرد الضغط على زر المحو، فلا يعود لها تأثير، لكن تلك الرسائل هي في ظاهرها رسائل تحثّ على التمسك بالدين ونشر تعاليمه، وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، كما تدعوك إلى نشرها وإرسالها إلى معارفك وأصدقائك حتى تنال أجرا وثوابا مضاعفين، حتى إذا ما قرأ أحدُهم ما جاء فيها، فيطبق نصائحها تكون بذلك من الفائزين. هكذا تجعلك الرسالة تقرأها، وتبعث بها إلى الأصدقاء وكلّ من تعرفه على الشبكة العنكبوتية، لكنك إذا ما تصفحتها مليا، أو إذا ما عرضتها على رجل متدين وعارف بقيم وتعاليم الإسلام، قد ينهاك حتى عن قراءتها، وليس فقط الإتيان بما جاء فيها أو إرسالها مجددا، فهي تعاليم خاطئة وروايات سنيّة غير صحيحة، قد تكون لإحدى الطوائف الضالة، أو حتى مسيحيين هدفهم تشويه الإسلام، ودفع المسلم إلى تركه، بعد معرفته لأمور لا هي من الإسلام ولا شيء، وإن كانت هذه الرسائل لا تشكل خطرا على المسلمين العارفين بحقيقة دينهم والقادرين على الأقل على التفريق بين الصحيح والخاطئ، إلاّ أنّ خطرها قد يزيد إذا ما اتجهت إلى واحد من الأشخاص البعيدين الجاهلين لما في القرآن والسنة، ولا يقدرون على التفريق بين الحق والباطل وما حث عليه الدين حقيقة من الشوائب التي يمكن أن تعلق به، أو التي يحاول البعض إلصاقها به، فيكونون على شفا حفرة من اتباعها، ويساعدون على نشرها بنيّة عادة ما تكون حسنة، وهو ما فعله البشير والذي تلقى على بريده الالكتروني رسالة فيها بعض النصائح المتعلقة بمختلف أركان وفروض الإسلام، كما وجدت بها استشهادات لأحاديث نبوية وآيات قرآنية، وعن حسن نية أرسل البشير تلك الرسائل لبعض أصدقائه خاصّة بعدما قرأ أسفل الرسالة:»أرسلها لعشرة من معارفك، وستنال أجرا عظيما«، ففعل، ولكن الردّ جاءه سريعا من صديق له، متعمق في الدين، سأله عن مصدر تلك الرسالة، وعندما أجابه البشير بأنه تلقاها على بريده الالكتروني، وأنه بعث بمثلها إلى العديد من معارفه، طالبه بألاّ يبعث بأخرى، بل وأن يبعث لمعارفه هؤلاء يحذرهم منها، لأنّ كل ما جاء فيها أو كثير منه خاطئ ومحرَّف ومسيء للإسلام، ولا يزيد الفرد إلا ابتعادا عن الدين، وليس تعلقا به. كما قالت لنا مروى، إنها كانت تتلقى أكثر من رسالة على بريدها وموقعها الالكتروني، رسائل مغرية يبدأها أصحابها عادة بالصلاة والسلام على رسولنا، ثمّ يتبع ذلك ببعض الأمور والتعاليم التي تهدف إلى نشر الدين، ولكنها في الحقيقة تحاول تهديمه، ولأنّ مروى عارفة ببعض أمور الدين فكانت تمحو الرسائل التي ترى أنها تحمل أمورا خاطئة، بينما تبعث بتلك التي ترى أنها فعلا نبيلة المقصد، خاصّة تلك الرسائل البسيطة، والتي لا تطالبك إلاّ بالصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد، أمّا الرسائل المشبوهة، والتي كانت تشك في صحة ما جاء فيها، فكانت تدعها جانبا. ولا تقتصر مثل تلك الرسائل على الشبكة العنكبوتية، ولا تكون دائما في شكل رسائل الكترونية، بل إنها أحيانا تكون على شكل منشورات توزع في أماكن عامة، وحتى المساجد لم تسلم منها، حيث يوزعها البعض، لا تدري إن كانوا هم من أنجزها، أم أنها مُنحت لهم، فلا تعرف حينها من تسأل وإلى أين تتجه، فالحيطة ضرورية في مثل تلك المواقف.