الجثث فوق الأرض وتحتها ** ضاقت الحياة على المدنيين في الغوطة الشرقية في ظلّ الحملة الهمجيّة على هذه المنطقة فحتّى المقابر لم تعد متوفرة ولا يمكن دفن الضحية في قبر لوحده فلجأ الناس في كل حي أو بلدة إلى دفن مجموعة من الضحايا من الأقارب في قبر واحد بعد أن قتلوا بضربة واحدة ! ق.د/وكالات تعرّضت بلدة بيت سوى الصغيرة في الغوطة لإحدى أكبر المجازر والتي راح ضحيتها دفعة واحدة نحو خمسين مدنياً بينهم عائلات بأكملها الثلاثاء الماضي وما زال بعضهم تحت الأنقاض. يقول أبو سامر احد الناشطين في المدينة أن الأهالي لجأوا نتيجة القصف المكثف والمستمر إلى جمع الضحايا الذين سقطوا منذ الثلاثاء الماضي ثم عمدوا إلى دفن معظمهم في مقابر جماعية. يضيف: في البداية كان يتولى أربعة أشخاص نقل الضحية من المستشفى أو مكان القصف إلى القبر. وحين لم نعد قادرين على التحرّك بسبب القصف المستمر لجأنا إلى الدفن الجماعي . ويستفيد المتطوّعون من خبرة أبو سامر في الدفن وفقاً للشريعة الإسلامية إذ يسعى قدر الإمكان إلى فصل أجساد الضحايا عن بعضهم بعضاً داخل القبر الجماعي علماً أنّ الفاصل بين الموتى هو لوح من الخشب أو الخرسانة. ويؤكّد أنهم يحاولون قدر الإمكان الدفن بأكثر الوسائل احتراماً ل الشهيد . ويتولّى أبو سامر بالتعاون مع العاملين في المقبرة والدفاع المدني لفّ جثامين الضحايا بالأكفان البيضاء علماً أن جثامين الضحايا تختلط داخل الأكفان أحياناً أو يستخدم أغطية عادية كما فعل مع عدد كبير من مجهولي الهوية بعد تصويرهم. كما جُمّعت أجزاء بعض الضحايا في الكفن بعدما قطّعتها القذائف . وشهد الطبيب والمسعف أحمد بقاعي على مقتل كثيرين في الغوطة التي تفتقد لبرادات حفظ الموتى فضلاً عن عدم وجود كهرباء لتشغيلها. منذ سنوات توقفت البرادات عن الخدمة بسبب الحصار ما يدفع المدنيين إلى دفن الضحايا بسرعة وبشكل جماعي أحياناً. وفي قسم الإسعاف في مستشفى كفربطنا كتب الطبيب 22 شهادة وفاة تضمنت نوع الإصابة وسبب الموت واسم الأب والأم وتاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة ومكان السكن الحالي والسابق. 99 في المائة من الشهداء يُحضرون إلى المستشفى قبل الدفن للتوثيق بمرافقة اثنين من ذويهم. بعدها يتكفل الأقرباء بنقل الضحية من أجل الدفن. يصعب على الطبيب وصف المشاهد في ردهة الإسعاف. أطفال ونساء فارقوا الحياة قبل وصولهم وعلى وجوههم دماء وغبار وذووهم ممن نجوا من القصف وعلى أجسامهم جروح. ويقول مصدر طبي من المستشفى إن كوادر الدفاع المدني تحاول سحب الجثث من تحت الأنقاض بهدف دفنها مشيراً إلى خطر انتشار الأمراض نتيجة تحلّل الجثث. ويلفت إلى خطر أكبر وهو تغذي الكلاب الشاردة على جثث الضحايا وقد كثرت حالات تعرض المدنيين للعض من الكلاب نتيجة أكلها لحم البشر. وفي ظل عدم وجود برادات لحفظ جثامين الضحايا في المستشفى فإن تحلل الجثث قد يكون سريعاً ولا يمكن أن تتحمل الجثة أكثر من عشر ساعات لتبدأ بالانتفاخ والتحلل نتيجة البكتيريا الطبيعية في جسم الإنسان. يضيف أن الجثة في الحالات الطبيعية للوفاة تبدأ بتدمير نفسها بعد مرور نصف ساعة فقط. ومع توقف الدم وارتفاع الكربون في الجسم تبدأ عملية التحلل بشكل سريع في كافة أنحاء الجسم. وبعد ثلاث ساعات يبدأ التحلل الأخطر في المنطقة السفلى من البطن ويحدث الانتفاخ وتنبعث الروائح. وبعد عشر ساعات تتجمد المفاصل وتنعدم إمكانية طي الجثة. وما زالت العديد من الجثث مدفونة تحت الأنقاض وهناك صعوبة كبيرة في التنقل علماً أن الدفاع المدني يعمل على انتشالهم. وأمس انتشل نحو عشرين جثة في حزة وكفربطنا بحسب الناشط عمر خطيب. ويؤكّد أنّه في ما يتعلق بدفن الضحايا يلجأ الناس إلى الدفن الجماعي. ومن تتاح له فرصة دفن ذويه بشكل مفرد يتولى ذلك علماً أن الأمر بات خطراً اليوم. وفي بلدة بيت سوى التي شهدت مجزرة لا يمكن وصفها بكلام أصاب صاروخ ارتجاجي من طيران النظام ملجأ يؤوي 49 مدنياً من خمس عائلات ما أدى إلى دفن 45 شخصاً في قبر واحد. اما في الغوطة حيث انتشرت رائحة الموت في كل مكان ودّع كثير من المدنيين أولادهم وآباءهم وذويهم منهم من شارك في دفن أولاده ومنهم من لم يسعفه الحظ في ذلك فنقل ولده مع مجموعة من الضحايا إلى مقابر الغوطة بعد الوداع الأخير. وبحسب مصدر من المجالس المحلية في الغوطة فإنّ توثيق الدفن في هذه الظروف صعب جداً. في الأحوال العادية يلجأ المدنيون إلى المستشفى لتوثيق معلومات الشخص قبل دفنه من قبل الطب الشرعي أو قسم الإسعاف. ويتولى الدفاع المدني التوثيق والدفن بحضور ذوي الضحية. أما بالنسبة للأشخاص المجهولين فتلتقط الصور لهم للتعرف عليهم لاحقاً. وتعمد فرق الدفاع المدني في الغوطة إلى حفر القبور مسبقاً في المقابر المخصصة في مختلف مدن وبلدات الغوطة وتضع قوائم لأسماء المدفونين في القبر الجماعي. كما جهزت قبوراً كبيرة لتضم عدداً كبيراً من الجثث في حالات التصعيد والمجازر. * مشاهد صادمة في الأثناء بث نشطاء سوريون وفرق إغاثية على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لما وصفوه ب الجحيم الذي ترتكبه طائرات النظام السوري بحق المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية لدمشق. ونشر الحساب الرسمي للدفاع المدني السوري في الغوطة مشاهد مروعة ملتقطة بكاميرا مثبتة على الرأس للحظات ما بعد قصف الطائرات للأحياء السكنية في الغوطة ورحلة البحث عن الضحايا الذين عثر على أغلبهم تحت الأنقاض. وتظهر المشاهد أن أغلب الضحايا هم من الأطفال من والنساء المحتمين داخل منازلهم فيما بدا في مشاهد أخرى لقطات لانتشال ضحايا أحياء وقتلى من تحت ركام المنازل. وبث نشطاء كذلك مقاطع لنساء وعشرات الأطفال داخل ملجأ في الغوطة وهم يناشدون لحمايتهم من قصف الطائرات. وقالت سيدة داخل ملجأ إن الأطفال يعانون حالة خوف دائم جراء القصف علاوة على نقص الماء والطعام. وأضاف: أنا أستطيع تحمل الجوع والعطش يوم ويومين وعشرة أيام لكن هؤلاء الأطفال ما ذنبهم.. يحتاجون للطعام ولا يوجد بأيدينا حيلة وكل من يخرج من الملجأ للبحث عن الطعام تأتيه قذيفه تقتله . أطباء يجبرون على استخدام أدوية فاسدة بالغوطة ولقد أجبر العدد الكبير لضحايا القصف المكثف على الغوطة الشرقية قرب دمشق الأطباء على استخدام أدوية منتهية الصلاحية. وأسفر قصف القوات الحكومية السورية المتواصل على الغوطة الشرقية منذ الاثنين الماضي عن مقتل 300 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 500 آخرين وفق ما ذكر أطباء وناشطون. وقد دمر القصف 20 مرفقا طبيا من بينها 4 مرافق سقطت عليها براميل متفجرة في حين أوقف اثنان منها أنشطتهما مؤقتا وقتل على الأقل 3 من العاملين في الإسعاف والمجال الصحي. وقال طبيب متطوع في الغوطة الشرقية إن الأطباء وصلوا إلى مرحلة من اليأس لدرجة أجبرتهم على استخدام أدوية منتهية الصلاحية بما في ذلك أدوية التخدير لأنه ليس لديهم خيار آخر. وأضاف الطبيب الذي عرف عن نفسه باسم آدم أصلان إن المعدات في غرف العمليات ووحدات العناية المركزة قديمة ولا يوجد سوى 105 أطباء لرعاية جميع المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية. وقالت مدير مستشفى الغوطة الشرقية أماني بلور في تصريحات تلفزيونية: إن هذه أسوأ ايام حياتنا في الغوطة . وأضافت: تعرضنا في الغوطة للضربات الجوية لأكثر من خمس سنوات وهذا ليس جديدا بالنسبة لنا لكننا لم نر أبدا مثل هذا التصعيد . يذكر أن حوالي 400 ألف شخص من المدنيين يعانون حصارا خانقا في الغوطة الشرقية وكثير منهم في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية وفق ما ذكرت الأممالمتحدة. _التعاون الإسلاميس تدعو لإيقاف فوري للقصف من جهتها أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها الشديدة لاستمرار القصف الوحشي الذي ظلت تتعرض له الغوطة الشرقية بسوريا مما خلف قتلى وجرحى وتدمير للمباني المدنية. ودعت الأمانة العامة للمنظمة في بيان الخميس إلى الوقف الفوري لتلك الاعتداءات والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية للمدينة المنكوبة. وجددت المنظمة (مقرها جدة) التزامها بما جاء في بيان جنيف 1 والقرارات الأممية ذات الصلة التي نصت على ضرورة المحافظة على وحدة الأراضي السورية وحثت على اعتماد الحلول السلمية والسياسية لوضع حد للأزمة في سوريا وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي وقت سابق أعربت المملكة العربية السعودية والإمارات عن _قلقهما العميقس من استمرار تصاعد هجمات النظام السوري على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة بمحافظة ريف دمشق وأثر ذلك على المدنيين هناك. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية (لم تذكر اسمه) تشديده على _ضرورة وقف النظام السوري للعنف وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثيةس. من جانبها طالبت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية في بيان _بهدنة فورية حقناً للدماء وحماية للمدنيينس بحسب وكالة الأنباء الإماراتية. والأربعاء أدانت وزارة الخارجية القطرية في بيان _المجازرس وحملات القصف الجوي المكثف التي ترتكبها قوات النظام السوري هناك. فيما دعت وزارة الخارجية المصرية أطراف النزاع إلى _هدنة إنسانيةس عاجلة لإدخال المساعدات وإجلاء الجرحى والمصابين بحسب بيان. وقُتل أكثر من 250 مدنياً خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف للنظام السوري طال المنطقة المحاصرة. ويعقد مجلس الأمن الدولي ظهر الخميس بتوقيت نيويورك جلسة مفتوحة بناء على طلب روسيا لمناقشة الوضع. وتوقعت مصادر أن يتم خلالها التصويت على مشروع قرار تقدمت به الكويت (رئيس أعمال المجلس للشهر الجاري) والسويد (إحدى أعضاء المجلس) ويقضي بفرض هدنة إنسانية مدتها شهر واحد لإيصال المساعدات ألإنسانية للمدنيين في كافة أرجاء سوريا.