** تزوجت منذ 10سنوات برجل ملتزم عليه سمت حسن، ملتح حافظ للقرآن. لكن الآن حلق لحيته وترك الصلاة في المسجد، أصبح يصلي في البيت ويجلس أمام التلفاز يتفرج على المسلسلات الماجنة، واكتشفت أن له علاقة مع بنات في الانترنت يجلس من 6 مساءً حتى 3 والنصف صباحا، ولا يصلي الصبح حتى الساعة12زوالا... والآن يقول لي أريد الجماع من الدبر، أن لم تريدي فإني سأخونك وأنت تتحملين المسؤولية، فلما أقول له اتق الله، يقول لي: أنت متشددة وهاجرة للفراش! ما العمل يا شيخ؟ إذا طلبت الطلاق فإلى أين سأذهب أنا وأطفالي علما أنني منقبة، وهنا لا تعمل المرأة المنقبة. أفيدوني وأفتوني يا شيخ فأنا في محنة لا يعلمها إلا الله تعالى. * الحمد لله أيتها السائلة الكريمة: لقد آلمنا كثيرا ما آل إليه حال زوجك، وتغير أمره من الالتزام إلى ما ذكرت عنه، فنسأل الله أن يصلح أحوالنا جميعا، وأن يرزقنا وإياه التوبة النصوح. وبعد، فالواجب عليك أن تجتهدي في نصح زوجك، وتذكريه بما كان عليه من الصلاح واستقامة الحال، وخطر ما هو عليه من المعاصي، وترك الصلوات. وأما ما ذكرت عن رغبته في إتيانك في الدبر، فهو محرم لا شك فيه، لا يحل له أن يفعله، ولا يحل لك أن تمكِّنيه منه، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَطْء الْمَرْأَة فِي دبرهَا حرَام فِي قَول جَمَاهِير الْعلمَاء وَمَتى وَطئهَا فِي الدبر ولم ينتهيا فرِّق بَينهمَا كَمَا يُفرق بَين الْفَاجِر وَبَين من يفجر بِهِ" انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (37) وينظر أيضا: مجموع الفتاوى (32/267). فإن وجدت من زوجك استجابة لذلك، وانتهاء عما يريده منك من معصية الله فبها ونعمت. وأما إذا أصر على ما يريده منك فلا تطاوعيه فيه، ولا تمكنيه من أن يفعل بك الفعل المحرم، وما هددك به من فعل المحرم: فإنما إثمه ووباله عليه، وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18. وليس لك أن تشاركيه في فعل محرم، لأجل ما هددك به من العصيان. ولست بذلك خارجة عن طاعته، ولا ناشزة عن فراشه: فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفراشه الواجب عليك إنما هو فيما أحل الله له، قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222 وأما قولك: إلى أين تذهبين إذا طلقك؟ فلتعلمي يا أمة الله أن الرزق والكفاية والمأوى كل ذلك هو من عند الله تعالى، وما كان عند الله فاطلبيه بطاعته، وليس بمعصيته. وقد وعد الله تعالى من اتقاه بتفريج كربته وتيسير أمره، وجاء ذلك في سورة (الطلاق): (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الطلاق/2-3. ووعد الزوجين اللذين استحكم الخلف بينهما، وتعذرت عشرتهما بالمعروف، وعدهما بالفضل والسعة منه سبحانه، فقال تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) النساء/130. نسأل الله أن يكشف عنك كربك أيتها الأخت الكريمة ويشرح صدرك، وييسر لك أمرك. والله أعلم.