بقلم: رشيد حسن أخطر ما ترسب في العقل العربي وفي الوجدان العربي وخاصة لدى قادة ونخب ومسؤولين كبار بأن الهزيمة قدر لا فكاك منها وقد أصبحت ثابتا من ثوابت الأمة .. وأن الانتصار على العدو الصهيوني شبه مستحيل ما يحتم طأطأة الرأس والتعايش معه وفتح اوتوستراد التطبيع على مصراعيه. هذا الانطباع أو لنقل القناعة لدى البعض وهي قائمة على الضعف والخنوع للظلم تعززت لدى بعض الأنظمة ممن تؤمن بان كسب رضا واشنطن يمر عبر تل أبيب فمن يريد ان يكسب رضا واشنطن وتأييدها له عليه إن يحظى برضا تل أبيب ونسوا وتناسوا .. إن العدو الصهيوني هو العدو الأول للأمة. فهو من يحتل أرضها ويدنس مقدساتها ويهود القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ويرفض الاعتراف بالحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني الشقيق ويصر على نفيه في أربعة رياح الأرض. هذه القناعات المزيفة لدى البعض هي أساس الداء والبلاء وأساس الكارثة التي ضربت وتضرب الأمة من أقصاها إلى أدناها وقد أصبحت دولا متخاصمة متنابذة ومرتهنة للقرار الأميركي. المفجع الى حد البكاء في هذا المشهد الكآبي أن وقائع التاريخ القريب والبعيد على حد سواء تكذب هذه القناعات المزيفة المبنية على الضعف والامتهان لا بل وتنسفها من جذورها. فالأمة بالامس القريب انتصرت في معركة الكرامة الخالدة عام 68 واستطاع الجيش العربي الأردني تمريغ انف العدو في تراب الأغوار الطاهر وكسر عنجهية جيشه وتهشيم مقولة الجيش الذي لا يقهر ..وتنبع أهمية هذا الانتصار المفصلي انه تحقق بعد كارثة حزيران 67. والأمة انتصرت في حرب 73 حرب رمضان واستطاع الجيش المصري أن يجتاز أعظم مانع مائي في التاريخ : قناة السويس ويفاجئ العدو ويدوس على كبريائه ويأسر عددا كبيرا من جنوده وضباطه كما استطاع الجيش السوري أن يطوي الجولان ويصل إلى بحيرة طبريا بمساعد جيوش الأردنالكويتالعراق السودان ليبيا المغرب الجزائر وقوات منظمة التحرير الفلسطينية.. لقد اثبتت هذه المعارك وهذا الانتصار الكبير أن الأمة إذا اتحدت وملكت إرادتها قادرة على تحقيق المستحيل ودحر البغاة وكتابة التاريخ من جديد. واستطاع الشعب الفلسطيني ولا يزال بصموده الأسطوري وعبر مائة عام من النضال المشرف أن يسجل أعظم الانتصارات على أكبر قوة غاشمة فاشية احتلالية عرفها التاريخ.. لقد سجلت المقاومة الفلسطيني أعظم صمود في بيروت 89 أمام اخطر آلة عسكرية تدميرية صهيونية مدعومة أميركيا وفجرت أهم واكبر الانتفاضات في التاريخ انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى وانتفاضة القدس التي أجبرت العدو على إزالة البوابات الالكترونية فانتصر أهلنا المرابطون في الأقصى بإيمانهم العميق وإرادتهم التي لا تلين وصيحات الله اكبر على الإرهابي نتنياهو وزمرته من الصهاينة الفاشيين. وها هي غزة المحاصرة منذ 11 عاما تؤكد بدماء أبنائها أنها اقوي من العدو .. ومن جبروته .. فلم يستطع أن يكسر إرادتها ولم يستطع ان يجبرها على الركوع وها هي تخرج من رماد ثلاثة حروب ومن رماد الاعتداءات الصهيونية المستمرة يوميا تخرج كطائر الفينيق أكثر بهاء وإصرار على المقاومة .. وعلى الحياة. كل هذا وأكثر منه يؤشر على الحقيقة الأزلية التي أكد عليها الروائي الأميركي الأشهر ارنست همنجواي في رائعته الشيخ والبحر فالإنسان قد يخسر جولة أو جولات وقد يخسر معركة ولكنه سينتصر في النهاية إذا ما امتلك الإرادة وقرر الاستمرار في المقاومة رافضا التسليم بالهزيمة .. وهذا ما سجله تاريخ الشعب الجزائري العظيم وتاريخ الشعب الفيتنامي وما يسجله اليوم الشعب الفلسطيني الذي جعل من فلسطين .. هوية نضالية يتشرف بحملها ملايين الأحرار في العالم. باختصار.. أيها السادة الزعماء العرب.. وانتم تستعدون لحزم حقائبكم للمشاركة في القمة العتيدة الأحد القادم بالمملكة العربية السعودية نذكركم وانتم لا تنسون_ بحقيقة واحدة ينطق بها تاريخكم المجيد وهي: أن إرادة الأمة إذا اجتمعت واتحدت قادرة على زلزلة الأرض وطرد الغزاة وتحرير القدس والأقصى الذي يناديكم .. فالهزيمة ليست قدرا والانتصار هو قدر الأمة إذا امتلكت إرادتها وقررت الحياة والخروج من تحت العباءة الأميركية ..لتعود كما أرادها الباري عز وجل خير امة أخرجت للناس .. ولا تنسوا أبدا أن عدوكم الأول والوحيد هو من يحتل مقدساتكم. ويهود أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فلا تضيعوا البوصلة وأغلقوا كل أبواب التطبيع وحاصروا الوباء الصهيوني قبل إن يمتد إلى الأرض العربية.