المأساة التي يعيشها الشعب الليبي جعلت كل العالم يتأثر ويتابع الأحداث الواقعة في ليبيا، والتي تقع فيها مجازر تستهدف المدنيين، الذين تحولوا إلى أداة ضغط لا غير بين القذافي من جهة، وقوات التحالف من جهة أخرى، أمّا الشعوب العربية، أو الشباب "الفيسبوكي" العربي الذي أبدى في الأشهر الماضية تضامنا لإزالة بعض الأنظمة الديكتاتورية، فلم يجد هذه المرة غير البكاء وفضح جرائم الأطراف المتصارعة· مصطفى مهدي لعلّ انحراف مسار "الثورة" الليبية، والتي اعتقد الجميع أنها ستكون مشابهة لثورتي تونس ومصر، إلا أنّ رد فعل زعيمها معمر القذافي الجنوني أحيانا والغريب أحيانا أخرى، بل والمضحك في مرات عديدة، والذي خرج إلى شعبه يهددهم بالحرق والدمار والمأساة، ولم يدّخر جهدا ليفعل ذلك كله·· لعل ذلك الانحراف جعل ما كانت ستكون ثورة، تتحول إلى حرب ضروس، ازدادت تعقيدا بعد تدخل قوات الحلف الأطلسي، والتي قسمت آراء المتتبعين والسياسيين إلى قسمين، أوّل مساند لتلك الحركة، وثاني مضاد لها، أما الشارع العربي، والذي عادة ما يتحمس للحركات التحررية، وأبدى ذلك مع الشعب التونسي والشعب المصري، إلاّ أنه هذه المرة انقسم هو الآخر، ولعل الصفحات التي افتتحها البعض، بين صفحات مؤيدة، ومناصرة لحركة هذه الثورة، وآخر يدعو إلى محاربتها، ولو بإبداء الرأي، خاصة وأنه يوجد في الجهة المقابلة حلف أطلسي يرفع شعار "الحروب الصليبية"، ولن تكون نواياه بأيّ حال من الأحوال إرساء الديمقراطية في البلاد العربية، لعل تلك الصفحات تعبر عن حيرته أمام ما يقع في الشقيقة ليبيا· لا بد أننا والشعب الليبي شعب واحد وشقيق، وعلى غرار العلاقات الأسرية التي تربط بين بعض العائلات الجزائرية والليبية، وترقب البعض لأخبار تطورات الأحداث في ليبيا للاطمئنان على أسرهم، فالرابط الوجداني يجعل كل جزائري يفكر، بل ويقاسم الشعب الليبي مأساته، ولعل مواقع التواصل الاجتماعي من "التويتر"و"الفايس بوك" كانت الفرصة الوحيدة التي يعبر من خلالها المواطن العربي على ألمه، ولم يكتف البعض بوضع بعض مقاطع "الفيديو" التي تصور المأساة، وتصور كذلك جرائم القذافي، وأكثر منها جرائم الحلف الأطلسي في ليبيا، حتى تكتمل الصورة لدى البعض، لم يكتف البعض بذلك بل تعداه إلى فتح صفحات خاصة بمتتبعي الأحداث في ليبيا من غير الليبيين، ووضع كل المعلومات الخاصة بتطور الأوضاع، حتى يتمكن الجميع، وخاصّة من له أقارب وأسر في ليبيا لم تستطع العودة إلى أرض الوطن، أو من ليبيين أصدقاء، كل ذلك يجده هؤلاء "الفايسبوكيون" على تلك الصفحات المتعاطفة مع ليبيا، وشعب ليبيا، أهل بنغازي وطرابلس ومصراتة، وعلى "جدران" تلك الصفحات تتضاعف الدعوات ليفك الله الحصار "القذافو- أطلسي" على الشعب، وينتهي بأقل الأضرار على بلد كل ذنبه أنّ باطنه غني بالثروات·