تعكس قيّم الترابط الإجتماعي لسكان وادي مية الداير عادة رمضانية متجذرة في الموروث الشعبي بورقلة تعتبر الداير عادة رمضانية قديمة متجذرة في الموروث الشعبي لسكان وادي مية بولاية ورقلة إذ لازالت عديد العائلات متشبثة بها لما تعكسه من قيم الترابط والتماسك الإجتماعي لسكان المنطقة. يوسف.ت يتمثل مشهد هذه العادة الإجتماعية الداير بورقلة في لقاء يجمع بين سكان منطقة معينة كل ليلة بعد انتهاء وقت الإفطار وأداء صلاة التراويح في بيت أحدهمي حيث يقوم أهل البيت بتحضيرأصناف متنوعة من الأطباق والحلويات كل حسب استطاعتهي على غرارمشروب الشاي وأطباق المعكرونة والتشيشية والمختومة والمحمصة والمرسوم وهي أطباق تقليدية تبدع المرأة الورقلية في طبخها في صورة متكاملة تشبه إلى حد بعيد وليمة جماعية. وتتوالى السهرات طيلة الشهر الفضيل بشكل دائري عند كل بيت لتقاسم السهر والحكايات والسمروكذا تلاوة القرآن الكريم وتدبره وتبادل القصص والمعلومات الدينية ومدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى غاية اقتراب موعد السحوري حيث يتفرق المجتمعون في انتظار موعد جديد في اليوم الموالي في بيت شخص آخري لتتواصل تلك السهرات الجماعية إلى غاية انتهاء شهر رمضان المبارك. وبالرغم من تعاقب عدة أجيال وتداعيات الحضارة إلا أن عديد سكان أحياء مدينة ورقلة مثل المخادمة و سعيد عتبة و بني ثور و بني عمران و بني عامر وكذا سكان منطقتي الرويسات وعين البيضاء لا يزالون يحافظون على هذه العادة الرمضانية ويرفضون التخلي عنها لما لها من دورفي تعزيز أواصرالمحبة والأخوة وصلة الرحم وهي من الفضائل الروحية للشهر الفضيل. العادة فقدت طابع الإلزامية فسهرات شهر رمضان المبارك لا تحلو للعائلات الورقلية دون عادة الداير لكنها فقدت طابع الإلزامية كما كان الامر في الماضي القريب. وتحضر النسوة لاقامة الداير قبل دخول شهر الرحمة حيث يقمن بتنظيف البيوت وتغيير الأواني وتحضير الأفرشة وغيرها كما أن هذه العادة المتوارثة عن الأجداد تعطي الفرصة للنساء ولاسيما الفتيات في التفنن في تحضير شتى أنواع الأطباق التقليدية والشعبية منها أو العصرية وتقاسم الوصفات والتلذذ بتذوقها. وبالموازاة مع عادة الداير هناك عادات أخرى تعطي لشهر رمضان الفضيل نكهة خاصة بمنطقة وادي مية ومن بينها عادة المعروف ي حيث يتم التبرع بالطعام والشراب لفائدة المصلين بالمساجد الذين يلتفون حول مائدته بعد أداء صلاة التراويح في حلقات تغمرها أجواء المحبة والأخوةي وكذا عادة الذواقة التي يتم خلالها تبادل الأطباق بين العائلات قبل موعد الإفطار وكذا صيام العروسة الجديدة لرمضانها الأول ببيت والديها. و يرى السيد ياسين بن راس (باحث ومختص في الموروث الشعبي) أن هذه العادات القديمة المتوارثة بدأت تختفي نوعا ما بالمناطق الحضرية في حين أن عادة الداير لا تزال صامدةي وتميز أكثر الأجواء الرمضانية لسكان المناطق النائية والريفية (أنقوسة وفران والبور والنقر وغيرها)ي حيث تحتفظ بها وتحرس على طقوسها الأصلية.