مفهوم الجمال قد يكون نسبياً، ولسنا في معرض مناقشة عشاق الغرب الذين يرون الأظافر الطويلة الشبيهة ب«المخالب» جميلة لمجرد كونها «موضة» أتت من الغرب، أما المسلم فهو يرى أن ما قبحه الشرع فهو القبيح وأما ما يراه الشرع جميلاً فهو الجميل. والنبي صلى الله عليه وسلم، هادي الأمة إلى الخير، نهانا عن إطالة الأظافر، وجعل من الفطرة السليمة، والذوق الرفيع تعهدها بالتقليم. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب» رواه البخاري. والتقليم لغة هو القطع، وهو تفعيل من القَلْم، وكلما قطعت منه شيئاً فقد قلمته، وشرعاً هو إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر وهو سنة مؤكدة. وورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «قلِّم أظافرك فإن الشيطان يقعد على ما طال منها». أما توقيت قصّ الأظافر فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ألا نترك أكثر من أربعين ليلة» رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قلم أظافره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها» راوه الطبراني في الأوسط. فالسنة النبوية تضع حدين لتوقيت قص الأظافر، حداً أعلى لا يزيد عنه المسلم في ترك أظافره وهو أربعون يوماً حيث نهى أن تطول أكثر، وحداً أدنى أسبوع رغب فيه المسلمين بقص أظافرهم لتكون زينة يوم الجمعة ونظافته. والمعتمد عند الإمام ابن حنبل استحبابه كيفما احتاج إليه. وقال النووي: «يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص والضابط، الحاجة إليها، كما في جميع خصال الفطرة». الموانع الشرعية لإطالة الأظافر: إن عدم قص الأظافر وتركها تطول لتصبح (مخالب) بشرية، سواءً كان ذلك إهمالاً، أو جهلاً، أو كان متعمداً على أنه تقليد (أو موضة) هو خصلة ذميمة مخالفة لسنن الفطرة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية. فالأظافر الطويلة قد تكون سبباً في منع وصول ماء الوضوء إلى مقدم الأصابع، كما أنه عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الله ونظرتها التكريمية للإنسان الذي هو خليفة الله في الأرض هذا علاوة على أن ما ينجم من أضرار صحية جراء إطالة الأظافر، يجعلها تتعارض مع القاعدة الشرعية [لا ضرر ولا ضرار] والتي جاءت لتحافظ على سلامة البشر. عن قيس بن أبي حازم قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها، فسئل فقال: ما لي لا أوهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته». ومعناه أنكم لا تقصُّون أظافركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ، وقال أبو عبيد: أنكر عليهم طول الأظافر وترك قصها. والرفغ مفرد (أرفاغ) وهي مغابن الجسد كالإبط وما بين الفخذين وكل موضع يجتمع فيه الوسخ. وفي بحث قدمه د. يحي الخواجي و د. أحمد عبد الآخر في المؤتمر العالمي للطب الإسلامي أكدا فيه أن تقليم الأظافر يتماشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة والجمال. فالله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى، وجعل لها غلافاً قرنياً هو الظفر يحافظ على نهايتها. وبهذا التكوين الخلقي يتحدد الغرض من الظفر ويتحدد حجمه بألا يزيد على رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي وجد من أجله. ومن جهة أخرى فإن التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها يعتبران من أهم أركان الزينة والجمال، وإن كل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله. وإن تقليم الأظافر بإزالة الأجزاء الزائدة منها يمنع تشكل الجيوب بين الأنامل والأظافر والتي تتجمع فيها الأوساخ، ويحقق بذلك نظرة الإسلام الرائعة للجمال والزينة. الأضرار الصحية الناجمة عن إطالة الأظافر: تحمي الأظافر نهايات الأصابع وتزيد صلابتها وكفاءتها وحسن أدائها عند الاحتكاك أو الملامسة، وإن الجزء الزائد من الظفر والخارج عن طرف الأنملة لا قيمة له ووجوده ضار من نواح عدة حيث تتكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد ونهاية الأنامل والتي تتجمع فيها الأوساخ والجراثيم وغيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات، وخاصة من فضلات البراز التي يصعب تنظيفها، فتتعفن وتصدر روائح كريهة ويمكن أن تكون مصدراً للعدوى في الأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار والتهاب الأمعاء، خاصة وأن النساء هن اللواتي يحضِّرن الطعام ويمكن أن يلوِّثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية. وهناك آفات تلحق الأظافر نفسها بسبب كثرة اصطدامها بالأجسام الصلبة أو احتراقها، ذلك أن طولها الزائد يصعب معه التقدير والتحكم في البعد بينها وبين مصادر النار، كما أن تواتر الصدمات التي تتعرض لها الأظافر الطويلة تنجم عنها إصابات ظفرية غير مباشرة كخلخلة الأظافر أو تضخمها لتصبح مشابهة للمخالب أو زيادة تسمُّكها، أو حدوث أخاديد مستعرضة فيها أو ما يسمى بداء الأظافر البيضاء. وتؤكد الأبحاث الطبية أن الأظافر الطويلة لا يمكن أن نعقم ما تحتها ولابد أن تعلق بها الجراثيم مهما تكرر غسلُها لذا توصي كتب الجراحة أن يعتني الجراحون والممرضات بقص أظافرهم دوماً لكي لا تنتقل الجراثيم إلى جروح العمليات التي يجرونها وتلوِّثها. وهكذا تتضح لنا روعة التعاليم النبوية في الدعوة إلى قص الأظافر كلما طالت، واتفاق هذه التعاليم مع مقررات الطب الوقائي وقواعد الصحة العامة والتي تؤكد أن إطالة الأظافر تضر بصحة البدن. المصدر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة * تتكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد ونهاية الأنامل والتي تتجمع فيها الأوساخ والجراثيم وغيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات، وخاصة من فضلات البراز التي يصعب تنظيفها، فتتعفن وتصدر روائح كريهة ويمكن أن تكون مصدراً للعدوى في الأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار والتهاب الأمعاء، خاصة وأن النساء هن اللواتي يحضِّرن الطعام ويمكن أن يلوِّثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية.