أصعب أزمات إفريقيا على مدى عقدين ** تقارب لافت بين أديس أبابا وأسمرا وتبادل إعلان للرغبة بتحقيق السلام وسط آمال بفتح صفحة جديدة تشمل إقرار السلام وترسيم الحدود كانت بدايتها من هنا في الجزائر بلد السلام والوحدة الإفريقية. ق.د/وكالات شهدت الجزائر في ديسمبر 2000 توقيع اتفاقية سلام بين إثيوبيا وإريتريا لإنهاء الحرب التي اندلعت بينهما عام 1998 وانتهت عام 2000 بوساطة جزائرية وألان بعد سنوات من هذه الاتفاقية ها هو السلام يلوح فوق سماء البلدين الشقيقين بعد أن أثمرت بذور سلام الجزائر. وبقدر ما كان إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد على عن رغبته في فتح صفحة جديدة مع دولة إريتريا أمراً مفاجئاً بقدر ما بدا مرآة لإستراتيجية سياسية يسعى لتنفيذها. فالخطوة بدت بالفعل تعبيراً عن إرادة سياسية وقرار استراتيجي تحتمه الظروف لبناء سلام حقيقي مع الجارة الشمالية حيث تجمعهما علاقات وشيجة على مستوى شعبي البلدين. وكشف آبي أحمد عن رغبته في إنهاء الخلاف مع إريتريا في أول خطاب له أمام البرلمان في الثاني من افريل الماضي عقب توليه المنصب. وقال آنذاك إنه مستعد للجلوس مع الحكومة الإريترية لإنهاء الخلاف عبر الحوار فيما دعاها في الوقت ذاته إلى مبادلته نفس الرغبة. وأضاف أن الشعبين الإريتري والإثيوبي تربطهما علاقات قديمة ويجب إنهاء هذه الخلافات. وظلت العلاقات بين الجانبين تشهد تفاوتاً إثر الحرب الحدودية التي اندلعت في ماي 1998 وتوقفت عام 2000 بعد وساطة إفريقية قادتها الجزائر قبل أن يوقع البلدان اتفاقية سلام في العام ذاته. ** الائتلاف الحاكم الإثيوبي لم يمض وقت على إعلان آبي أحمد عن رغبته في فتح صفحة جديدة مع إريتريا حتى تمخضت اجتماعات اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم بإثيوبيا بإعلان رسمي في هذا الاتجاه. وأعلن الائتلاف الحاكم (الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا) في 6 يونيو/ حزيران الجاري موافقته على التنفيذ الكامل ل اتفاقية الجزائر فضلاً عن قرارات لجنة ترسيم الحدود مع إريتريا. وبعد أسبوع من الإعلان دافع رئيس الوزراء الإثيوبي عن قرارات اللجنة التنفيذية لتطبيع العلاقات مع إريتريا معتبرا أن هذا القرار ليس بالجديد . وقال أمام البرلمان الأسبوع الماضي إن قرار الائتلاف حول تطبيع العلاقات مع إريتريا يعود لعهد رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس زيناوي (1995- 2012) إذ جرى إرسال خطاب للاتحاد الإفريقي بهذا الشأن. ** استجابة إريترية من جهته أبدى الجانب الإريتري استجابة للمبادرة التي تقدم بها الإثيوبيون وأعرب عن رغبته بإحلال السلام وإنهاء حالة اللا حرب واللا سلم التي دامت نحو عقدين من الزمن. وعبر الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في كلمة له بمناسبة يوم الشهيد الموافق 20 جوان عن رغبته في إرسال وفد إلى أديس أبابا لإجراء محادثات سلام حول. تنفيذ اتفاقية الجزائر وترسيم الحدود بعد مضي نحو 17 عاماً على القطيعة. وعلى الفور رحب آبي أحمد باستجابة الرئيس الإريتري وشكره على رده الإيجابي على مبادرة السلام والمصالح معرباً عن استعداده للترحيب الشديد بالوفد الإريتري. وبالفعل وصل الثلاثاء وفد إريتري رفيع المستوى إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على رأسه مستشار الرئيس للشؤون السياسية يماني قبرآب ووزير الخارجية عثمان صالح. وكان في استقبال الوفد الإريتري بمطار أديس أبابا رئيس الوزراء آبي أحمد وعدد من كبار المسؤولين بينهم وزير الاتصال الحكومي أحمد شيدي وسط استقبال كبير رسمي وشعبي تخللته فرق موسيقية وشعبية. وقال أفورقي (قبل إرسال الوفد) إن وفد بلاده سيعمل على تقييم التطورات الحالية بشكل مباشر وعميق وسيعمل على رسم خطة للعمل المستقبلي المستمر. بل ذهب الرئيس الإريتري إلى أبعد من ذلك قائلاً: إن الشعبين الإريتري والإثيوبي فقدا فرصة للتعاون لنحو عقدين بسبب السياسات والأجندات العالمية الخارجية . وأضاف أن الأحداث والتطورات في منطقتنا بشكل عام وفي إثيوبيا على وجه الخصوص في الفترة الأخيرة تستحق الاهتمام المناسب . وأكد الرئيس الإريتري أن تكامل الشعبين والمصالح الثنائية المشتركة هي أهداف مقدسة نلتمسها ونقدم التضحيات من أجل الأجيال في البلدين . **ترحيب دولي وإقليمي ووجدت الخطوة التي اتخذتها قيادتي البلدين في المضي قدما نحو السلام بعد تلك القطيعة الطويلة ترحيباً دولياً وإقليمياً. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالخطوات الإيجابية من جانب أديس أبابا وأسمرا لحل القضايا العالقة المتعلقة بتطبيع العلاقات. وقال غوتيريش إن الجهود التي يبذلها قادة البلدين لتحقيق السلام المستدام وعلاقات حسن الجوار أمر سيكون له آثار إيجابية في منطقة القرن الإفريقي بأسرها. وأعرب في بيان له عن استعداده لتقديم كل الدعم الذي قد يسهم في تعزيز وتوطيد عملية السلام بين البلدين الإفريقيين. بدوره رحب الاتحاد الإفريقي بالتطورات الإيجابية الأخيرة في العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي إن الخطوة التي قام بها الجانبان تؤكد على رغبتهما في إحلال السلام ووصفها بالخطوات الجريئة والشجاعة . وأكد فكي في بيان له أن السلام المستدام بين البلدين سيكون له تأثير إيجابي كبير على السلام والأمن فضلاً عن التنمية والتكامل في منطقة القرن الإفريقي والقارة ككل. ورحبت واشنطن بجنوح إثيوبيا وإريتريا للسلام وقالت الخارجية الأمريكية إنها تشعر ب التفاؤل للتقدم الذي حققته في الآونة الأخيرة إثيوبيا وإريتريا في سبيل حل خلافاتهما. وبحسب بيان الخارجية الأمريكية فإن أفورقي و أبي أحمد أبديا قيادة شجاعة باتخاذ هذه الخطوات تجاه السلام . وأضاف أن الولاياتالمتحدة تتطلع إلى تطبيع كامل للعلاقات وتحقيق طموحاتنا المشتركة للبلدين لينعما بالسلام الدائم والتنمية . وتسود حالة من العداء بين أسمرة وأديس أبابا منذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثين عاماً وتتهم كل دولة الأخرى بدعم متمردين مناهضين لها. واستقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993 ويشغل أسياس أفورقي منصب رئيس البلاد منذ ذلك الوقت فيما تولى آبي أحمد رئاسة الوزراء منذ مطلع افريل الماضي.