الشيخ أبو إسماعيل خليفة اللهُ الرحيمُ القادرُ هيّأَ لبلادنا من أبنائها الأحرار من يأخذُ بيدها ويقيلها من العثار فهبّوا لنصرتها وقدّموا أرواحهم في سبيل حريّتها لا يبغون مُلكا ولا مالا ولا جاها. غايتُهم الدفاع عن أنفسهم وصيانة أوطانهم وحماية دينهم وعقيدتهم. وإليكم مثالا رائعا ضربه البطل الشهيد أحمد زبانة المولود سنة 1926 بجنين مسكين ولاية معسكر والذي ألقى البوليس الفرنسي عليه القبض وحكم عليه بالإعدام. وليلة التنفيذ صلى رحمه الله ركعتين وقدّم هذه الرسالة إلى محاميه يقول فيها: أقاربي الأعزاء أمي العزيزة: أكتب إليكم ولست أدري أتكون هذه الرسالة هي الأخيرة والله وحده أعلم. فإن أصابتني مصيبة كيفما كانت فلا تيئسوا من رحمة الله. إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها والموت في سبيل الوطن إلا واجب وقد أديتم واجبكم حيث ضحيتم بأعز مخلوق لكم فلا تبكوني بل افتخروا بي. وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه ولعلها آخر تحية مني إليكم وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح ودينية وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وإلى لكحل وليد وإلى سفيان وجميع تلاميد قسم 4م2 وجميع من يشارككم في أحزانكم. الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده هو العادل ... ابنكم وأخوكم الذي يعانقكم بكل فؤاده. السجن المدني بالجزائر: في يوم 19 يونيو 1956 .. أحمد زبانا وقد ظهر رحمه الله في تلك الصورة التي برز فيها التحدّي مهيبا جليلا عندما واجه- بل دشّن مِقصلة سجن بارْ باروس فما رفّ له طرف ولا تردّد له خطو بل لقد استقبل الشهادة على ما وصفه الشاعر: باسمُ الثغر كالملائك أو كالطفل* يستقبل الصباح السعيدا شامخا أنفه جلالا وتيها * رافعا رأسه يناجي الخلودا فيا رعاكم الله وأنتم تنعمون بالحرية والإستقلال وتقيمون لذلك أعيادا: اذكروا أولئك الشهداء. ولتحيا في نفوسكم المعاني التي كانوا يجسدونها ولتتعمق في قلوبكم المبادئ التي وهبوا حياتهم من أجلها.. أَحيوا جميل مفاخرِ وطنكم وأمجادِه وأحرصوا على الوفاء له وإِسعادِه فإنَّكم عليه أُمناء فكونوا له نعم الأَبناء بالحرص على تحمُّل المسؤولية في مسيرة البناءِ والإخلاص له وحسن العطاءِ. كونوا خير خَلَف لخير سلف سيروا على درب الأُلى الذين ساروا على نهج الهدى وتدربوا على التضحية والفداء. صِلُوا الحاضر بالماضي لتبلغوا أرفع مدارج العزّ في العاجلة وخيرَ منازلِ المقرّبين في العقبى.. أسأل الله أن يغمر أرواح شهدائنا الأبرار الذين عبدوا لنا طريق العزة والكرامة بتضحيات جسام وأن يمتِّع الباقين بالصحة والعافية ومكِّن لناشئتنا من أسباب الرقي والسؤدد ما يجعلهم خير خلف لخير سلف والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..