محطة لاستذكار أمانة الشهداء

«هذه رسالة الشهيد أحمد زبانة قبل إعدامه من السلطات الاستعمارية الفرنسية «...أقاربي الأعزاء، أمي العزيزة أكتب إليكم ولست أدري أتكون هذه الرسالة هي الأخيرة، والله وحده أعلم. فإن أصابتني مصيبة كيفما كانت فلا تيئسوا من رحمة الله. إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها، والموت في سبيل الوطن إلا واجب، وقد أديتم واجبكم حيث ضحيتم بأعز مخلوق لكم، فلا تبكوني بل افتخروا بي. وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه، ولعلها آخر تحية مني إليكم، وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح ودينية وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وإلى لكحل وليد وإلى سفيان وجميع تلاميذ قسم 4م2 وجميع من يشارككم في أحزانكم. الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده هو العادل».
ابنكم وأخوكم الذي يعانقكم بكل فؤاده».
إن الاطلاع على ما قاله الشهداء قبل استشهادهم يجعلنا نخجل من أنفسنا في القيام بالواجب تجاه الوطن فهم الذين كانوا تحت وطأة الاستعمار وكل الظروف كانت ضدهم غير أن إيمانهم العميق بالله وبالقضية الجزائرية، وسعيهم للتضحية من أجل أن نعيش نحن تحت راية الاستقلال جعلهم ينجحون في طرد فرنسا وإجبارها على الانسحاب وهي تحمل أذيال الهزيمة.
قام هولاء بواجبهم –الشهداء- على أكمل وجه بعد أن ضحوا بأعز ما يمكلون وهو ما أدهش العالم بما فيهم قيادات الهمجية الفرنسية الذين أكدوا في مذكراتهم بأنهم واجهوا رجالا أشداء مؤمنين بربهم ودينهم ووطنهم وقضيتهم، ووصل الأمر بأحد العسكريين الذين اعتقل الشهيد العربي بن مهيدي بالقول لقد انحنيت للرجل وقدمت له التحية العسكرية احتراما لشخصه وصبره على البلاء والثبات في أصعب فترات قد يمر بها رجل في حياته لقد كان عظيما.
ان استذكار أمانة الشهداء قد يجعلنا نصحح الكثير من سلوكاتنا اليوم البعيدة كل البعد عن الهدف الذي ضحى من أجله الشهداء، ان طغيان الأنانية وحب المادة وغش الوطن، واستغلال الوطنية لتحقيق مصالح ضيقة أمور يجب أن تتوقف عنها حتى لا يذهب الوطن ضحية هذه العقليات البالية.
إن ما نعيشه من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية يدعونا لمضاعفة الجهود من أجل تحقيق أماني الشهداء وهو بناء جزائر قوية موحدة من خلال توزيع عادل للثروة تجسيد مشاريع التنمية للجميع.