عوض أن يرتدع بعض السائقين من الحوادث التي تقع في طرقاتنا، فيعمل على احترام قوانين المرور، والحفاظ، بالتالي، على سلامته، فإنهم لا يفعلون سوى ابتكار الحيل للإفراط في السرعة واختراق كلّ القوانين، وتفادي العقوبات، ومن بين الوسائل التي صاروا يستعملونها هي أجهزة كاشفة للرادارات، والتي دخلت أسواقنا مؤخرا عن طريق التهريب، وتنذر بارتفاع خطورة حوادث المرور. مصطفى مهدي لجأ بعض الشباب إلى حيلة تتمثل في تقنية جهاز كشف الرادار الذي يستعين به السائق المسرع لينبهه إلى وجود جهاز رادار حتى يخفف السرعة ويتجنب تسجيل مخالفة سرعة بحقه، وقد انتشرت هذه الأجهزة بسرعة، وصارت تُعرض خاصة على منتديات الانترنت التي يستخدمها الشباب إضافة إلى وجود فيديو ترويجي يصور سيارة مسرعة تمر على الرادارات مع صدور إنذار بقربها من الجهاز مما يمكن السائق من تخفيف سرعته والعودة إلى السرعات القانونية ومن ثمّ معاودة الانطلاق مرة أخرى. كانت البداية عندما التقينا بعلي، وهو سائق كان في الطريق السريع، قبل أن ينعطف إلى زرالدة، ويتوقف عند محطة الوقود، وكان لنا معه حديث مقتضب، حيث كان فرحا بجهاز كان يحمله في يده، قال انه جهاز كاشف الرادار، وانه جربه لتوه، وجنبه الوقوع في فخ الرادار مرتين، وعندما سألناه عن مصدره قال أن أخاه جلبه له من السعودية، وانه كان يستعمل قبل ذلك جهاز "الايفون" والذي تسمح بعض الأنواع منه بكشف تلك الرادارات. اتجهنا إلى صديقنا سليم، وهو ميكانيكي، لنسأله عن تلك الأجهزة وعن عملها، وعما إذا كانت تستعمل بين السائقين، فقال: "تكشف تلك الأجهزة عن وجود رادار قبل حوالي 300 متر، دخلت السوق بواسطة "تجار متخصصين" حيث يوجد طلب كبير في المرحلة الحالية على نظام الكاشف العادي وهو جهاز صغير يتم تركيبه على الزجاج الأمامي من السيارة، حيث يستشعر موجات الرادار ولكنه لا يعترضها، بل يعطي إشارة لصاحب السيارة أن يخفف السرعة، وهناك نظام أكثر تطوراً لا يوجد طلب كبير عليه لغلائه، وهو نظام متكامل مخفي، يتم تركيبه في شباك المركبة الأمامي، ويتم توصيل أسلاك خاصّة به ببطارية السيارة حيث يعمل على كشف موجات الرادار كاملة، واعتراضها" وعن فعالية هذه الأجهزة، ومصدرها يقول: "الأجهزة كثيراً ما تعطي تحذيراً خاطئاً، حسب نوع الجهاز، صيني، كوري، ألماني، وإذا اشتريت الجهاز الصيني فتوقع أن تسمع الجهاز يصيح بك في كل وقت، فتخفف السرعة فيكون ذلك أسوأ من الرادار نفسه". أمّا القانون، وعلى عكس ما توقعنا، فلم يهمل هذه الظاهرة، يقول لنا المحامي د. بن سالم: "هذه الأجهزة لم تنتشر بعد بالشكل الذي يثير الخوف، ولكن مع ذلك فان القانون لم يهملها، حيث تنصّ المادة 62 من قانون المرور على عقوبة شهرين إلى ستة أشهر حبساً وغرامة مالية تصل إلى الستة ملايين سنتيم، للذي يحوز على مثل تلك الأجهزة، ولا يهم إن كان أشعلها أم لا، مجرد حيازتها يستحق عليها العقاب ومصادرتها طبعا، ولكن هذه الأجهزة التي تثبَّت على الزجاج الأمامي للمركبة وتستخدم مبدأ كشف الذبذبات تتسبب في أحيان كثيرة في حصول حوادث جراء انشغال السائق بها ومخالفته للسرعات القانونية معتقدا أنها ستحميه إضافة إلى إطلاقها أحيانا لإنذارات كاذبة تتسبب في وقوف السائق ولجوئه إلى المكابح حتى لا يضبطه الرادار."