* أنا متزوج، ولي ثلاثة أولاد، وتزوجت امرأة أخرى مطلقة، ولكن الزوجة الأولى معترضة على هذا الزواج، وقد طلبت مني أن أطلِّق زوجتي الثانية، وهي تضغط عليّ باستمرار في هذا الاتجاه وتهددني بالانفصال، علمًا أنني قد رزقت منها ولداً. فأرشدوني ماذا أفعل؟ * بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: لتعلم يا أخي أن الزواج بأخرى مما أباحه الله تعالى لعباده، ما دام أن الزوج سيقيمه على شرع الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يحرص كل الحرص على العدل بين زوجاته؛ حتى لا يأتي يوم القيامة وشقه مائل، كما ورد في الأثر. ولا ريب أن العدل سبيل إلى التخفيف من المشكلات الناتجة عن هذا الزواج، وخصوصاً مع الزوجة الأولى. ولتعلم أن المرأة قد جُبلت على الغيرة من ضرّاتها، وهذا أمر لم تسلم منه حتى أمهاتُ المؤمنين، فقد كسرت عائشة رضي الله عنها وعاءً فيه طعام قد جلبته إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتها، فتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الحدث بكل حكمة، فما زاد أن قال: "غارت أمكم، ووعاء بوعاء"، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. واحذر كل الحذر أن تفضل الثانية على الأولى، أو تثني عليها أمامها، أو تسوء معاملتك مع الأولى وأولادها، بل أعطِهم حقوقهم، وحاول أن تلم شتات الأسرتين، وابذل جهدك ألا ينقص على الأولى من كرمك وعطائك شيئاً بسبب زواجك الثاني، وأسمعها كلمات الحب، وأنها ما زالت في قلبك الحب الأول، وأخبرها بأنك ترتاح معها أكثر من الثانية، حتى ولو لم يكن الأمر صحيحاً، وحتى لو قلت مثل هذا الكلام لزوجتك الثانية فهذا جيد، فهذا من الكذب المباح، والمرأة تحب الثناء، وتعجب بالمدح. ولست في حاجة أبداً لذكر الزوجة الثانية على لسانك أمام الأولى، بل حاول أن لا تأتي بسيرتها في أثناء حديثك حتى مع أولادك؛ دفعًا للغيرة وإثارتها. أما قضية طلاقك للثانية بسبب غضب الأولى، فهذا أمر لا ينبغي فعله، خصوصاً إذا كانت الثانية لم تقصِّر في حقك، ولم تفعل ما يسوؤك، فما ذنب هذه المسكينة أن تقع فريسة لزواجك منها، وأنت لم تخطط جيداً لهذا الزواج، أو إنك لم تستطع التغلب على آثارها الطبيعية بين النساء؟! بل ابذل جهدك في التأليف بينهما، أو على الأقل أن تعيش كل واحدة منهما في حالها مشغولة بأولادها وبيتها، وأن ترعاهما بالعدل. وبالتجربة، فإن مثل هذه المشكلات في الغالب تكون في بداية الأمر، وبعد مرور بعض السنوات تنتهي هذه القضية وتزول، وعليك بالدعاء، وطول البال، والحِلم وسعة الصدر، وكن أقوى بالله تعالى من هذه المشكلات التي تمر على كثير من الناس. وننصحك أن تذكرها بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ولا تسأل المرأة طلاق أختها (أو قال ضرّتها) لتكفأ ما في صحفتها" (مسلم). وأنصحك أخيراً أن تتعلَّم على أيدي المختصين كيف تدير حياتك الأسرية بنجاح، وكيف تتغلب على مشكلاتها، فهذا -يعينك بعد الله تعالى- على أن تسعد بأهلك أجمعين. أسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.