خرجوا من بيوتهم مطالبين بالحرية، كسروا خوفهم الذي رسخه نحو نصف قرن من ممارسات الطوارئ منذ إقراره عام 1963 بموجب الأمر العسكري عن حزب البعث السوري، غير أبواب الحرية الحمراء.. لا تدقها إلا أيد مضرجة، دفعت حياتها ثمنا لحرية أهلها، فعاد قسم ممن كسروا حواجز الخوف ليروُوا لنا بطولة أولئك الذين اقتحموا معاقل الموت بحثاً عن الكرامة البشرية. غير أن قصص البطولة تغلفها أحزان الفقد وأسى الفراق، خاصة إذا كان من يرويها هو والد الشهيد الذي شهد أمام عينيه رحيل ابنه برصاص قوات الأمن الذين رفضوا إسعاف ابنه المصاب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. محمد بشار الشعار، يروي بدموع عينيه قصة استشهاد ابنه الشاب معتز بالله الشعار ابن "داريا" الذي لا يزيد عمره على 22 عاما يوم "الجمعة العظيمة"22-4-2011 التي دعا لها ناشطون عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ولا يزال يدرس الحقوق في جامعة دمشق، غير أن الحقوق التي يدرسها الشعار، لم تمنع قوات الأمن أن تسلبه حتى أبسط حقوقه.. إنه حق الحياة. ويقول والد الشهيد في مقطع فيديو تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إن ابنه كان يقول له: "يا أبي خليني أموت شهيد وما أكون نذل مع أهلي وأقاربي في درعا وفي بانياس". ويضيف: "يوم استشهاده كنا عائدين إلى بيتنا في داريا لكننا فوجئنا بأن الشوارع مغلقة وأن المتظاهرين يتعرضون للضرب من القوات الأمنية، وهنا صففت سيارتي ونزلت أنا والمعتز، ولم نهتف بغير الحرية، ولم نحمل سوى الأمل في صدورنا العارية". وتغلبه دموعه وهو يقول: "لكن جزاءه كانت هاتين الرصاصتين"، ويشير إلى جسد ابنه المسجى أمامه، ويقول: "بعدها طلبت منهم أن يسعفوه لكنهم قابلوني بالضرب"، ويكشف عن آثار الهراوات والعصي على ظهره وقدمه. ويضيف: "بكل دم بارد، ظلوا «يمرطعوا» فيه ولم يسعفوه حتى مات"، ويختتم حديثه قائلا: "وأنا إن شاء الله على دربه ماشي"، بينما يردد من حوله مهللين: "لا إله إلا الله". وتعد قصة المعتز بالله الشعار واحدة من بين مئات الشهداء السوريين التي لم تفلح في الإفلات من تحت الستار الحديدي المفروض على وسائل الإعلام في سوريا.