لست ممن يتصيّدون العثرات ولست ممن يرون بمنظار أسود كما أنني لست ممن ينتقدون من أجل الانتقاد ويكتبون من أجل إبراز عضلاتهم اللغوية.أنا امرأة تسكنني اللغة وتحركني التربية والتعليم....وحيث أننا لا يمكن أن ننكر فضل بلدنا علينا نحن الذين تعلمنا مجانا وعملنا بالقرب من بيوتنا معززين مكرمين قد تكون هناك تفاصيل أخرى لكن الهدف النبيل يزيحها جانبا فلا يظهر لها أثر والأكثر من كل هذا أنني أحاول إرغام نفسي على الصمت الحكيم فلا أدري إن كان كلامي سيفيد أم أنه سيزيد الطين بلة....ولكني سأكتب اليوم نكاية في صمتي غير الحكيم وفي خرسي الشيطاني سأكتب من أجل أن أصرخ افعلوا شيئا من أجل الجامعة..افعلوا شيئا من أجل التعليم تحركوا من أجل العلم الذي أصبح عقما وليس علما ومن أجل الحرم الجامعي الذي أصبح (حراما) يلوث سمعة البلاد والعباد. لا ينكر إلا جاحد أن الجامعات في بلدنا أصبحت كالثانويات لكثرتها وكثرة المنتسبين إليها ولكن العبرة ليست بالكثرة والكم ولكن بالثمار والمغنم فعندما يعجز الجامعيون عن ملء استمارة عادية وعندما يعجزون عن كتابة سطر دون أخطاء وعندما يغشون لكي ينجحوا فلا جامعة ولا فخر إنما فضائح يسيل له جبين العلم عرقا وتبكي عيونه بدل الدموع دما عندما تجتهد الماجدات لتنجح الماجنات وعندما ينقلب المربي إلى سمسار ويرشح للعمادة شبيه الحمار فلا يمكن لنا الفخار بل الويل لنا ثم العار أما الصادمة والقاصمة أن الأمر انتقل من سرقة الأموال والنقاط والمناصب إلى القتل والجريمة وحمل المطارق وتعليق المشانق ومتى؟ في العشر الأواخر من شهر التوبة والغفران حيث صفدت الشياطين لتفسح المكان للملاعين وأغلقت أبواب النيران لتفتح نوافذ العصيان.. قد نتفهم الظلم و(الحقرة) والتهميش وكل ما هو سار في حياة البشر من خساسة ونذالة إلا من رحم ربي أما أن يصل الأمر إلى القتل وإزهاق الأرواح فإن الأمر جلل وهناك في جهة ما أو جهات منقصة وخلل وعلى أولي الأمر تدارك الأمروإن كان في الحقيقة قد فات والأستاذ قد رحل و(مات) مات الأستاذ قروي سرحان ولكن علينا ألا نقبل فيه عزاء فما فائدة العزاء وما فائدة الدعاء؟ هل يطفئان حرقة شابة ترملت في عز صباها؟ هي زوجته هل يبلسمان جراحات أم فقدت فلذة كبدها هي والدته هل يشفيان غيظ والد أحس بسند ظهر في كبره أو بطيب ذكر في غيبته؟ هو والده.. هل يربي العزاء يتيما هو ابنه الذي لم يفرح بمرآه؟ وهل يعوض الدعاء ثكلى وأرملة فقدتا عزيزا في أوج صباه؟ إنها المآسي التي تضاف إلى الفساد الذي انتشرت أعشاشه القذرة وامتلأت بالجرذان والفئران والحثالة وكل كلام الدنيا لن يعبر عن سفالة الوضع وخطورته والذي يقبل العزاء يكون قد شارك في قتله إما بالصمت وإما بالإهمال وإما بغيرهما الخطْب جلل فلنعبّر عن رفضنا للغش والعنف بأن نقول لا فقبل عامين فقط خرج من يطالب بحقه في الغش (والعياذ بالله) وكان الجزائري قبل ذلك إذا قبض عليه وهو يغش في الامتحان يختفي ولا يعثر له على أثر فخلف من بعده خلف أضاعوا الاجتهاد واتبعوا السرقة والنصب والاحتيال يجاهرون بالاثم ويحتفلون بالصفاقة والحماقة. لا تتركوا الحادث يمر في صمت ولا تقولوا إنه حادث معزول لكن لنقل لا لترهيب الشرفاء... لا للتسيب لا الضحالة لا لسطوة الجبناء ارفعوا أقلامكم عاليا أمام المطرقة التي فضلها اللقطاء اكتبوا بقلوبكم لتمنعوها من دق مسامير الجهل في تابوت الوطن الخطب جلل فلا تقبلوا العزاء وارفعوا أصواتكم في وجه الفناء.