ابن المبارك والماء المبارك يتجه ذلك الرجل العابد الزاهد العالم المتحدث الفقيه يتجه إلى زمزم يتجه الرجل المبارك في البلد المبارك في الزمن المبارك إلى الماء المبارك يتجه إلى ماء زمزم فيقول: اللهم إن رسولك قد قال: ماء زمزم لما شُرب له . اللهم إني أشربه لعطش يوم القيامة!! سفره للحج: إن ابن المبارك كان إذا أعدّ عُدَّته للسفر للحج وأزمع المسير إلى البيت الحرام اجتمع إليه إخوانه وأصدقاؤه من أهل مَرْو فيقولون: نصحبك فيقول: هاتوا نفقاتكم فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرْو إلى بغداد فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول لكل واحد منهم: ماذا أمَرَك عيالُك أن تشتري لهم من المدينة من طُرِفها؟ فيقول: كذا وكذا ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ماذا أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصلوا إلى بلادهم مرَوْ فيجصص بيوتهم وأبوابهم فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وسُرّوا دعا بالصندوق الذي كان قد وضع فيه نفقاتهم ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صُرَّته وعليها اسمه كاملة لم ينقص منها شيء لأنه جعل الإنفاق عليهم كله من ماله الخاص فيا له من كرم فياض!! من أحوال الصالحين بعرفة: رفعوا الأكُفَّ وأرسلوا الدعواتِ وتجرَّدوا لله في عرفاتِ شعثًا.. تُجِلِّلُهُم سحائبُ رحمة غُبْرًا.. يفيضُ النور في القَسَماتِ وكأنَّ أجنحةَ الملائكِ عانقت أرواحَهُم بالبِرِّ والطاعاتِ فتنزَّلت بين الضلوع سكينةٌ علويَّةٌ.. موصولةُ النفحاتِ وتصاعدتْ أنفاسُهُم مشبوبةً وَجْدًا.. يسيل بواكِفِ العَبَراتِ هذي ضيوفُك يا إلهي تبتغي عفوًا وترجو سابغَ البركاتِ غصَّت بهم في حَلِّهِم ورَحيلِهِم رَحْبُ الوِهادِ وواسعُ الفَلَواتِ تركوا وراء ظهورهم دنيا الوَرَى وأَتَوْكَ في شوق وفي إخْباتِ وَفَدُوا إلى أبواب جُودِك خُشَّعًا وتزاحموا في مَهْبِط الرحماتِ فاقْبَلْ إلهَ العرشِ كل ضَراعَة وامْحُ الذنوب.. وكَفِّرِ الزلاَّتِ